(1) الاسراء و المعراج:
اُسري النبي محمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و عرج الى السماء و وصل إلى ذروة القرب الالهي قاب قوسين أو أدنى دنوّاً و اقتراباً من العلي الاعلى وذلك في (17) من شهر رمضان المبارك سنة (12) من بعثته المباركة في مكة المكرمة.
وقد صدّق سبحانه و تعالى نبيه بشأن الاسراء به في قوله تعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنّه هو السميع البصير}[1].
وقد صلى نبينا محمّد(صلّى الله عليه و آله و سلّم) المغرب في المسجد الحرام ثم اُسري به في ليلته ثم رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام فأما الموضع الذي اُسري إليه أين كان فإن الاسراء إلى بيت المقدس و قد نطق به القرآن و لا يدفعه مسلم و ما قاله بعضهم ان ذلك كان في النوم فظاهر البطلان إذ لا معجز يكون فيه و لا برهان و قد وردت روايات كثيرة في قصة المعراج في عروج نبينا (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إلى السماء ورواه كثير من الصحابة مثل ابن عباس و ابن مسعود و أنس و جابر بن عبد الله و حذيفة و عائشة و أم هاني و غيرهم عن النبي(صلّى الله عليه و آله و سلم)[2].
(2) غزوة بدر الكبرى :
حدثت هذه الغزوة في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية بعد الهجرة بنزول الأمر الإلهي وبهذا انتقلت الرسالة الإسلامية إلى مرحلة جديدة من الصراع مع قوى الشرك و الضلالة.
و رصد النبّي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) قافلة قريش التي فاتته في طريق ذهابها إلى الشام في غزوة ذات العشيرة و خرج في عدّة خفيفة و عدد قليل يرتجي ملاقاة قافلة ضمّت أسهماً تجارية ضخمة لآغلب المكيين . و لم تكن حركة النبي (صلّى الله عليه و آله وسلّم) سرّية فقد بلغ خبرها إلى مكة و إلى أبي سفيان قائد القافلة فتحوّل في مسيره إلى اتجاه آخر حيث لا يدركه المسلمون… و خرجت قريش فزعة تطلب مالها تلهبها مشاعر الحقد و الحسد للمسلمين ، إلّا أن عدداً من كبارها نظر إلى الأمر بتدبّر و رويّة و آثر عدم الخروج لملاقاة المسلمين و خصوصاً بعد أن ورد خبر نجاة أبي سفيان بالقافلة التجاريّة.
خرجت قريش يدفعها تجبّرها ، و الاغترار بمنزلتها بين العرب و مع جموع اخرى هبّت لنصرتها مصرّةً على لقاء المسلمين.
نزلت قريش و صفّت صفوفها للقتال على مقربة من (ماء بدر) حيث سبقهم المسلمون في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً و هيّأ الله لرسوله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و للمسلمين مقدمات النصر و أسبابه فسهّل لهم الوصول إلى موقع القتال و القي عليهم الأمن و الاطمئنان و وعدهم بالنصر على أعدائهم و إظهار دين الحق[3].
و بالرغم من أن المسلمين لم يتوقعوا خروج قريش لملاقاتهم و لكن بعد أن فاتتهم القافلة و تحول الهدف إلى القتال أراد النبيّ (صلّى الله عليه و آله و سلّم) أن يختبر نوايا المهاجرين و الأنصار فوقف و قال: «أشيروا عليّ أيها الناس».
قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله إمض لأمر الله فنحن معك، و الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: «فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون»، و لكن اذهب أنت و ربّك فقاتلا إنا معك مقاتلون و الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد [4] لسرنا معك.
فقال له رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) خيراً. ثم كرر رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) قوله: أشيروا عليّ أيها الناس، يريد بذلك أن يسمع رأي الأنصار إذ كانوا قد بايعوه على الدفاع و الذبّ عنه بالنفس و النفيس في العقبة قبل الهجرة.
فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا؟
قال (صلّى الله عليه و آله و سلّم) : أجل. قال: إنّا قد آمنا بك و صدّقناك و شهدنا أن كل ما جئت به حق. و أعطيناك مواثيقنا و عهودنا على السمع و الطاعة، فامض يا نبي الله، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل، و ما نكره أن يلقانا عدونا غداً؛ إنا لصبّر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعلّ الله يريك منّا ما تقرّ به عينك.
عندها قال رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) : «سيروا على بركة الله فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين و الله لكأني أنظر إلى مصارع القوم»[5].
كان عدد المقاتلين من قريش 950-1000و عدد المسلمين 313 مقاتل .
وقف رسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم) يَصِفّ المسلمين صفوفاً و أعطىرايته الكبرى لعلي ابن أبي طالب(عليه السّلام) و أرسل إلى قريش طالباً منها أن ترجع، فهو يكره قتالها، فدبّ الخلاف بين صفوف المشركين بين راغب في السلم و مصرّ على العدوان[6].
و أمر الرسول (صلّى الله عليه و اله و سلّم) أن لا يبدأ المسلمون القتال.
و برز من المشركين عتبة بن ربيعة و أخوه شيبة و ابنه الوليد يطلبون نظراء لهم من قريش ليبارزوهم. فقال النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) لعبيدة بن الحارث و حمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب.
فقتل من برز من قريش و التحم الجيشان و رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) يبعث الحماس في نفوس المسلمين. ثم أخذ النبيّ (صلي الله عليه و آله و سلّم) كفّاً من الحصى و رمىبها على قريش و قال: شاهت الوجوه، فلم يبق منهم أحد إلّا واشتغل بفرك عينيه [7] فكانت هزيمة قريش.
ووقف رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) على قليب بدر بعد طرح جثث المشركين فيه، و ناداهم بأسمائهم و قال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً. فقال المسلمون: يا رسول الله أتنادي قوماً قد ماتوا؟ فقال (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إنهم ليسمعون كما تسمعون و لكن منعوا من الجواب[8]. و بهذا رجعت قريش تجر زيول الذل والخسران في أول معركة فيتصر فيها الرسول(صلّى الله عليه و آله و سلّم) والمؤمنون معه. وقتل في معركة بدر الكبرى سبعين رجلاً من قريش و مثله اسرى فمن كان من الأسرى يعرق القراءة و الكتابه و يعلمها لعشرة من المسلمين يكون حرّاً و امّا الاسرى الذين لم يكونوا يعرفون القراءة و الكتابة فيدفع مبلغ قدره اربعة الاف درهم فيكون حرّاً.
فامّا المسلمين فقد كان قتلاهم اربعة عشر رجلاً سته منهم من المهاجرين.
(3) وفاة عائشة:
في السابع عشر من شهر رمضان سنة (58 هـ ) قتلت عائشة على يد معاوية بن ابي سفيان.
روي لها مواقف لاتتناسب بوصفها اُم المؤمنين و بهذا لم تصن ولم تؤدي حق وصية الرسول(صلّى الله عليه و آله و سلّم) بشأن أهل بيته حيث التحاقها بكتلة طلحة والزبير و آخرين ممن نكثوا بيعضهم لأميرالمؤمنين و كان هذا الموقف خطيراً جدّاً من عائشة. وقد يذكر التاريخ أن الرسول(صلّى الله عليه و آله و سلّم) أخبر بعبورها منطقة تدعى بكلاب حوأب والذي كان في طريقها إلى البصرة تجاهلت عائشة قوله تعالى: «و قرن في بيوتكيّ»[9] ولعائشة دوراً بارزاً في مقتل (16) ألف مسلم في معركة أو بالأحرى فتنة الجمل مما مهدت لمعاوية بدوره بفتنةٍ اكبر وهي حرب صفين والتي بدورها أوجدت حرب النهروان.
و من مواقفها منعها دفن سبط الرسول(صلّى الله عليه و آله و سلّم) الامام الحسن(عليه السلام) عند جده.
ومن مواقفها التحريض على قتل الخليفه عثمان حيث مقولتها المعروفة: «اقتلوا نعثلاً».
وفي حق عائشة و حق بنت عمر نزلت الآيات «… وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبّأت به و اظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبّأها قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير …»[10].
(4) بناء مسجد جمكران بأمر الامام الحجّة (عج):
بنى مسجد جمكران بأمر الإمام المهدي عليه صلوات الله الرحمن و على آبائه المغفرة والرضوان، سبب بناء المسجد المقدس في جمكران بأمر الإمام عليه السّلام على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني قال: كنت ليلة الثلاثاء السابع و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث و تسعين[11]و ثلاثمائة نائماً في بيتي، فلما مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني فقالوا: قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان(عج) فإنه يدعوك.
قال : وتعبأت و تهيأت قمت إلىمفتاح الباب أطلبه فنودي: الباب مفتوح، فلما جئت إلى الباب رأيت قوماً من الأكابر فسلمت عليهم فردوا عليّ السلام و رحبّوا بي و ذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن ، فلما أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فرش حسان و عليها و سائد حسان و رأيت فتى في زي ابن ثلاثين متكئاًعليها و بين يديه شيخ و بيده كتاب يقرؤه عليه و حوله أكثر من ستين رجلاًَ يصلون في تلك البقعة و علىبعضهم ثياب بيض و على بعضهم ثياب خضر، و كان ذلك الشيخ هو الخضر فأجلسني ذلك الشيخ و دعاني الإمام باسمي و قال: إذهب إلى حسن بن مسلم و قل له: إنك تعمر هذه الأرض منذ سنين و تزرعها و نحن نخربها زرعت خمس سنين و العام أيضاً على حالك من الزراعة و العمارة و لا رخصة لك في العود إليها و عليك رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض ليبني فيها مسجد.
و قل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالىعلىغيرها من الأراضي و شرفها و أنت أضفتها إلىأرضك و قد جزاك الله بموت و لدين لك شابين فلم تنتبه عن غفلتك فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.
قال حسن به مثلة: يا سيدي لا بد لي في ذلك من علامة فإن القوم لا يقبلون ما لا علامة و لا حجة عليه و لا يصدقون قولي.
قال: إنا سنعلم هناك فاذهب و بلغ رسالتنا، و اذهب إلى السيد أبي الحسن و قل له يجيء و يحضره و يطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين و يعطيه الناس حتى يبنوا المسجد و يتم ما نقص منه من غلة رهق ملكنا بناحية اردهال و يتم المسجد و قد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليجلب غلته كل عام و يصرف إلى عمارته.
و قل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع و يعززوه و يصلوا هنا أربع ركعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة و سورة الإخلاص سبع مرات و يسبح في الركوع و السجود سبع مرات، و ركعتان للإمام صاحب الزمان(عليه السّلام) هكذا يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى }إياك نعبد و إياك نستعين} [12]كرر مأة مرة، ثم يقرؤها إلى آخرها، و هكذا يصنع في الركعة الثانية يسبح في الركوع و السجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة : يهلل[13]، و يسبح تسبيح فاطمة الزهراء ÷ فإذا فرغ من التسبيح يسجد و يصلي على النبي(صلّى الله عليه و آله و سلّم) مائة مرة. ثم قال عليه السلام ما هذه حكاية لفظه : فمن صلاها فكأنما صلّاها في البيت العتيق[14].
——————————————————————————–
[1] – سورة الاسراء : آية 1.
[2] – مجمع البيان: 6/609.
[3] – الانفال (8): 7-16.
[4] – برك الغماد: موضع وراء مكة مما يلي البحر.
[5] -المغازي: 1/48-49.
[6] – المغازي: 1/61، بحار الانوار: 19/252.
[7] – إعلام الورى: 1/169، السيرة النبوية: 1/628.
[8] – إعلام الورى: 1/171، السيرة النبوية: 1/638.
[9] – الاحزاب: 33.
[10] – التحريم: 1-5.
[11] – الاحزاب: 30-33. و سبعين (خ ل).
[12] – سورة الفاتحة: آية 5.
[13] – الظاهر أنه يقول: لا إله إلّا الله وحده. (في الهامش).
[14] – الزام الناصب في اثبات الحچّة الغائب: 63-64.
https://t.me/wilayahinfo