لم يكن في البال أن أكتب شيئاً في السياسة، فإنّ السعيد من اكتفى بغيره، إلا أني أسمع هنبثةً من هنا وهناك ممّن لا يتذكّرون مرجعية النجف إلا في الواجبات، وينسون أنّ لها حق الطاعة عليهم أيضاً!
فبعضٌ يطالب بأن تقول المرجعيةُ قولتَها في تشخيص الفاسدين بأسمائهم!
١. وكأنّهم ليسوا في بلدٍ يسوسه فاسدون، ومن الطبيعي أنّ من يهمُّه أمرُ بلدِه، يتابع أخباره ويعرف الجيّدَ من الرديء.
٢. وكأنْ ليس في رؤوس “هؤلاء” عقول لتتحمّل مسؤوليةَ التشخيص والاختيار!
٣. على أنّه ليس من الحكمة دائماً أنْ يشخّص المصلحُ الحقيقي الفاسدين بأسمائهم.
وليت شعري لو شخّصت هل سيلتزمون؟! وبعضٌ يطالبُ المرجعيّةَ بأن تتصدى لترشيح الأسماء الصالحة للانتخاب!
والكلام هو الكلام. وعلاوةً عليه:
لنفرض أنّ المرجعيةَ رشحّت أشخاصاً ترى كفاءتهم ونزاهتهم، فهل يا تُرى سيُترَكون يزاولون مهامّهم المنوطة بهم؟ أم سيكونون مادةً دسمة للتسقيط من قِبَلِ الأقلام المأجورة التابعة للأحزاب الفاسدة؟!
وسيجعل المرجفون والنفعيّون من ترشيحهم طريقاً لتسقيط سمعة المرجعية وهيبتها في عيون عامّة الشعب! وسيجدون هناك – ومن أوساطنا الشعبية – مَن يصدّقهم ويروّج لأكاذيبهم.
والشاهد على ما أقول:
– ترشيح السيد الصافي لأمانة العتبة العباسية المقدسة.
– وترشيح الشيخ الكربلائي لأمانة العتبة الحسينية المقدسة.
فإنّ هذين الشخصيتين مع نجاحِهما في ميدان عملهما، إلا أنّ الحرب عليهما لم تهدأ منذ تسلّمهما مهامَّهما.
فكلّنا يعلم أنّ البعض مُصرٌّ على تهمة السيد الصافي بتقاضيه تقاعداً لخدمته في الجمعية الوطنّية، مع أنه نفى ذلك، وهيئة النزاهة أصدرت بياناً بالنفي أيضاً، ودائرة التقاعد الوطنية نفت التهمة، وما زال البعض يبثّ هذه الإشاعة ، ومنّا من يُصدّقهم!
وليس هما المقصودَيْن بهذه الحرب، بل المقصود الأول هو مقام المرجعية الدينية! هذا والحال أنّهما في موقِعَين دينيَيْن، فكيف إذا رُشِّحت شخصياتٌ لمواقعَ سياسية؟!
إنّ المرجعيةَ الدينيّة – بحسب قرائتي – لا تغامر في تأريخ موقع المرجعية الشيعية، فهي أمانة الأئمة الأطهار (ع) لدى الفقيه العادل.
مسؤولية الاختيار: ثمّ إنّ النظام ديموقراطي انتخابي، تقع فيه مسؤولية الاختيار على عاتق الناخب نفسه، لا على غيره!
نعم يمكن للقيادة الصالحة إعطاء الخطوط العامة للاختار الصائب. ولعلّ البعض منّا مَن يحارُ في الاختيار، كون ليس هنالك قائمة انتخابية مثالية!
أقول: أ – نعم ليس هناك قائمة مثالية ولكن من المسؤول عن ذلك؟! إنّ المسؤول عن عدم وجود قائمة مثاليّة لتكون الخيار المثالي للتغيير هم نُخَب المجتمع من أساتذة الجامعات وأصحاب الشهادات العليا في مختلف الاختصاصات، فإنّ الكثير منهم لم يحرّك ساكناً في هذا المجال، ليشكّلوا قائمةً يكون تعويل الناخبين عليها.
نعم.. قد يكون الكثير منهم معذوراً، ولكن يبقى البعض في دائرة المسؤوليّة.
ب – وقد تبادر إلى ذهنك سؤال:
ماهو الحل إذن؟ ليس شرطاً في ضرورة الاشتراك الانتخابات تواجد القائمة المثالية، يكفي أن تكون قائمة مقبولة، ليتم انتخاب الصالح ممن فيها.
نسأل الله العليّ القدير أن يوفق الجميع للاختيار الصائب ، والحمد لله أولاً وآخراً.
ابو تراب مولاي