الرئيسية / تقاريـــر / لماذا نقف في الخندق المضاد للعقوبات الامريكية ضد ايران

لماذا نقف في الخندق المضاد للعقوبات الامريكية ضد ايران

عبد الباري عطوان

لماذا نقف في الخندق المضاد للعقوبات الامريكية ضد ايران ونؤمن بفشلها مسبقا؟ وكيف سّهل نتنياهو علينا الخيار عندما اعتبر بدءها “يوما تاريخيا” لإسرائيل؟ وهذه هي السيناريوهات والمفاجآت التي نتوقعها في المرحلة المقبلة.

عندما يصف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بدء تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الامريكية ضد ايران التي تطال قطاعي الطاقة والمصارف بأنه “يوم تاريخي”، فان جميع الشرفاء العرب والمسلمين يجب ان يقفوا ضد هذه العقوبات بقوة ودون أي تردد.

هذه العقوبات تستهدف ايران لانها تقف في خندق المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي للمقدسات العربية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة، ولو كانت الحكومة الإيرانية تفرش السجاد الأحمر لنتنياهو، ووزير دفاعه افيغدور ليبرمان، وفرق الجمباز والجودو للعب على ارضها وتعزف النشيد الوطني الإسرائيلي لكانت الصديق الحميم لامريكا واللوبي اليهودي فيها، والزعيمة المتوجة بدرر وزارة الخزينة الامريكية.

الرئيس ترامب بفرضه الحصار التجويعي على الشعب الإيراني ينفذ اجندات إسرائيلية بحته، تماما مثلما فعل سلفه الجهوري جورج بوش الابن مع العراق، ولكن فرص نجاح هذا الحصار ضعيفة، ان لم تكن معدومة، واعفاء ثماني دول من الالتزام بها مثل الصين والهند واليابان وتركيا هو الدليل الأبرز على فشلها، لان هذه الدول أعلنت نواياها المسبقة، وبكل شجاعة بأنها ستستمر في شراء النفط الإيراني دون أي تأخير، مثلما استمرت في التجارة مع طهران رغم حزمة العقوبات الأولى غير النفطية.

نتمنى على ايران، شعبا وحكومة، ان لا تقدم أي تنازلات للحلف الأمريكي الإسرائيلي، وان تصمد في وجه هذا الحصار، وان تستفيد من التجارب العربية المؤسفة في العراق وليبيا، لان مسيرة التنازلات ان بدأت فلن تتوقف الا بالغزو والاحتلال، ونحن على ثقة بأن القيادة الإيرانية التي دوخت الدول العظمى الست اثناء المفاوضات النووية تعي جيدا هذه الحقيقة.

***

ترامب يخشى ايران، لانها دولة قوية، تملك ترسانة من الصواريخ والعتاد العسكري الذي يمكن ان يدمر حلفاءه، وقواعده وقواته في منطقة الخليج، ولهذا يلجأ الى الحصار على امل ان يثور الشعب الإيراني ضد حكومته، وبما يؤدي الى اسقاط النظام، وينسى الرئيس الأمريكي ان هذا البلد عاش تحت الحصار أربعين عاما ولم يرفع رايات الاستسلام البيضاء، ولا يخامرنا أي شك بأنه لن يرفعها.

لن نتحدث بلغة الأرقام، وبراميل النفط، وانما بلغة العقل والمنطق، فاذا كانت “الدولة الإسلامية” او “داعش” استطاعت ان تجد مشترين لنفطها البدائي العكر، فهل ستعجز ايران في هذا الميدان (واعذرونا على المقارنة التي ليست في محلها مطلقا)؟ واذا كانت كوريا الشمالية استطاعت ان تطور أسلحة نووية وصواريخ عابرة للقارات قادرة على حملها والوصول الى العمق الأمريكي رغم الحصار التجويعي الخانق وغير المسبوق، فهل ستعجز ايران عن الصمود، وربما الرد ايضا؟

الشعب الفلسطيني البطل الأعزل في قطاع غزة صمد اكثر من عشرة أعوام في مواجهة حصار خانق فرضته إسرائيل وحلفاؤها العرب، وواجه ثلاثة “عدوانات” إسرائيلية نجح خلالها في ارسال ثلاثة ملايين مستوطن إسرائيل الى اللجوء الى الملاجيء خوفا ورعبا، وعطلت صواريخ المقاومة “البدائية” الملاحة في مطار تل ابيب لأكثر من 18 ساعة، وهذا الشعب البطل كان يعيش على نصف وجبة في اليوم، وساعتين من الكهرباء يوميا، مغلقة كل المعابر في وجهه، فكيف سيكون حال الشعب الإيراني الذي يعيش في قارة ويأكل ما يزرع، ويلبس ويقاتل بما يصنع؟

اكثر ما يخشاه الاسرائيليون ووكلاؤهم الامريكان، وحلفاؤهم العرب، الجدد والقدامى، هو فصائل المقاومة التي رعتها ايران و”سمنتها” انتظارا لليوم “الابيض”، ونحن نتحدث هنا عن “حزب الله” و”حماس″ و”الجهاد الإسلامي”، التي تحاصر دولة الاحتلال شمالا وجنوبا، واذرعها الصاروخية الضاربة، هذه الاذرعة، و”حزب الله” تحديدا، هي التي تحمي ايران وليس العكس، وهي التي ستجعل إسرائيل وامريكا تفكر الف مرة قبل اطلاق رصاصة واحدة على طهران.

***

ايران القارة الوعرة ستمتص الضربة الامريكية الأولى، ولكن هل ستنجح إسرائيل وحلفاؤها العرب في امتصاص الردود الانتقامية الأولى من سورية و”حزب الله” و”حماس″ و”الجهاد”؟ هل يستطيع هؤلاء ان يواجهوا آلاف الصواريخ التي ستنهال عليهم من كل الاتجاهات؟ فاذا كانت صواريخ “الباتريوت” فخر الدفاعات الجوية الامريكية فشلت في وقف صواريخ الحوثيين الباليستية، فهل ستنجح في وقف آلاف من صواريخ “حزب الله” الأكثر تقدما ودقة، عندما تنطلق دفعة واحدة وبالعشرات، وربما المئات؟

السيد حسن روحاني كشف بالأمس ان اربع دول عرضت عليه اثناء وجوده في نيويورك التوسط لعقد لقاء يجمعه مع دونالد ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفضها جميعا.. هذا الرجل يرفض هذه العروض لأنه يقف على ارض صلبه، ويعتمد على شعب اكثر صلابة، ولا ترهبه أمريكا، ومن يقول غير ذلك لا يعرف شيئا اسمه الكرامة وعزة النفس، وارادتي الصمود والمقاومة.

مرة أخرى نقول، وبكل وضوح، عندما يعتبر نتنياهو بدء فرض الحصار على ايران يوما تاريخيا، فان خيارنا بات سهلا جدا، وهو الوقوف في الخندق الآخر المقابل ودون أي تردد.. والحياة وقفة عز.

شاهد أيضاً

ما يقوله القرآن في آية الكرسي/3- آية الكرسي والعناية الإلهية – سماحة الشيخ فاضل الصفار

إقرأ المزيد .. السيد خامنئي: “إسرائيل” أوقعت نفسها في الفخ.. وفي طريقها إلى الزوال الإمام ...