الرئيسية / كلامكم نور / وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

 يا عليُّ ، ثلاثٌ درجات ، وثلاثٌ كفّارات ، وثلاثٌ مهلكات ، وثلاثٌ منجيات ، فأمّا الدرجات (128) ، فإسباغُ الوضوءِ في الَسبِرات (129) ، وإنتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاة (130) ، والمشيُ بالليلِ والنهارِ إلى الجماعات (131) ، وأمّا الكفّارات (132) ، فإفشاءُ السَّلام (133) ، وإطعامُ الطعام ، والتهجّدُ بالليلِ والناسُ نيام (134). وأمّا المهلكات (135) ،

    (128) أي الاُمور التي توجب إرتفاع كمالات الإنسان في الدنيا وإرتقاء مقاماته في الآخرة.
    (129) إسباغ الوضوء إتمامه وإكماله وإيفاء كلّ عضو حقّه كما مضى ، والسبرات جمع سبرة بسكون الباء هي شدّة البرد.
    (130) كانتظار الفريضة بعد إتيان النافلة ، أو إنتظار الفريضة الثانية بعد أداء الفريضة الاُولى.

 
    (131) أي المشي إلى صلاة الجماعة في الصلوات الليلية والنهارية.
    (132) أي الاُمور التي تكفّر الذنوب يعني تسترها وتمحوها وتغطّيها مأخوذة من الكفر بفتح الكاف وهي التغطية.
    (133) ورد الإفشاء في اللغة بمعنى الإظهار والإكثار والإنتشار ، وإستظهر في معنى إفشاء السلام بأن يسلّم الإنسان على كلّ مسلم ، ويُسمع سلامه المسلَّم عليه ، ويجهر بسلامه.
    (134) مرّ أنّ التهجّد هو التيقّض في الليل بالعبادة وتلاوة القرآن وصلاة الليل.
    (135) أي الاُمور التي توجب الهلاك والعطب والفساد في الإنسان ، وتوجب إستحقاقه العقاب والبعد من رحمة الله تعالى.

فشُحٌّ مُطاع (136) ، وهَوىً مُتّبع (137) ،

    (136) الشُحّ ، بضمّ الشين هو البخل مع الحرص فيكون أشدّ من البخل ، لأنّ البخل يكون في المال بينما الشحّ يكون في المال وفعل المعروف ، ومنه قوله تعالى : ( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ) (1) ، وعليه فالشحّ هو اللؤم وكون النفس حريصة على المنع (2) ، والشحّ المطاع هو اللؤم في النفس يطيعه الإنسان ويعمل به .. وأمّا إذا خالفه فهو من الطاعات.
    (137) أي ما تميل إليه النفس وتحبّه ، يطيعه الإنسان ويعمل به فيكون هوىً متّبعاً وهو يصدّ عن الحقّ ويضلّ عن سبيل الله تعالى .. والهوى ، ميل النفس إلى الشهوة ، ويقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة ، وقيل ، سمّي بذلك لأنّه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كلّ داهية وفي الآخرة إلى الهاوية .. (3).
    وقد عقد له ثقة الإسلام الكليني ( قدس سره ) باباً في أحاديثه فلاحظ (4).
    واعلم أنّه قد أوضح العلاّمة المجلسي (5) ، أنّ ما تهواه النفس ليس كلّه مذموماً وما لا تهواه النفس ليس كلّه ممدوحاً ..
    بل المعيار هو أنّ كلّ ما يرتكبه الإنسان لمحض الشهوة النفسانية واللذّة الجسمانية والمقاصد الدنيوية الفانية ولم يكن الله مقصوداً له في ذلك بل كان تابعاً للنفس الأمّارة بالسوء فهو من الهوى المذموم.. 1 ـ سورة الأحزاب ، الآية 19.
2 ـ مجمع البحرين ، مادّة شحح ، ص 180.
3 ـ المفردات ، ص 548.
4 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 335 ، باب اتّباع الهوى.
5 ـ مرآة العقول ، ج 10 ، ص 311.

    وإعجابُ المرءِ بنفسه (138).

وأمّا ما يرتكبه الإنسان لإطاعة أمر الله تعالى وتحصيل رضاه وإنْ كان ممّا تشتهيه نفسه وتهواه فليس من الهوى المذموم كمن يأكل ويشرب لأمره تعالى بهما أو لتحصيل القوّة على العبادة ، وكذا من يجامع لتحصيل الأولاد الصالحين أو لئلاّ يبتلى بالحرام ، فهذه لذّة لا يلزم إجتنابها ، بل كثير من العلماء يلتذّون بعلمهم أكثر ممّا يلتذّ الفسّاق بفسقهم .. فليس كلّ ما تهواه النفس مذموماً ..
    وفي مقابل ذلك ليس كلّ ما لا تهواه النفس ممدوحاً يحسن إرتكابه كأكل القاذورات أو الزنا بالجارية القبيحة فذمّ الهوى مطلقاً امّا مبني على انّ الغالب فيما تشتهيه الأنفس مخالفة لما ترتضيه العقول.
    أو على أنّ المراد بالنفس هي النفس الأمّارة بالسوء الداعية إلى الشرّ.
    أو على أنّ الهوى صار حقيقة شرعية في الاُمور القبيحة والمعاصي التي تدعو النفس إليها.
    (138) بأن تروقه نفسه ، ويرى نفسه خارجاً عن حدّ التقصير.
    والعُجب إستعظام العمل الصالح وإستكثاره والإبتهاج له والإدلال به .. وأمّا السرور به مع التواضع لله تعالى وشكره على التوفيق لذلك وطلب الإستزادة منه فهو حسن ممدوح.
    والمعجب بنفسه يغترّ بنفسه ويأمن من مكر الله وعذابه ، ويظنّ أنّ له على الله منّة وحقّاً بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطيّة من عطاياه.
    والعجب يفسد الطاعات ويدعو إلى نسيان الذنوب والإستنكاف عن الإستفادة والإستشارة وسؤال من هو أعلم إلى غير ذلك من الآفات الكثيرة (1). 1 ـ مرآة العقول ، ج 10 ، ص 218.

وأمّا المنجيات (139) ، فخوفُ اللّهِ في السرِّ والعلانية ، والقصدُ في الغنى والفقر (140) ، وكلمةُ العدلِ في الرضا والسَخَط (141).
    يا عليُّ ، لا رضاعَ بعد فِطام (142) ، ولا يُتْمَ بعد إحتلام (143).

    (139) أي الاُمور التي تنجي من الهلاك وتوجب الخلاص وتقتضي النجاة من المعاصي والعقوبات.
    (140) القصد هو الإعتدال والتوسّط بين التبذير والتقتير ، وعدم الإفراط والتفريط.
    (141) العدل خلاف الجور ، ومن المنجيات أن لا يجور الإنسان في كلامه في كلتا حالتي الرضا والسخط.

 

 
    (142) من الفطم وهو فصل الولد عن الرضاع وفَسّر هذا الحديث ثقة الإسلام الكليني بقوله ، فمعنى قوله ، « لا رضاع بعد فطام » أنّ الولد إذا شرب من لبن المرأة بعد ما تفطمه لا يحرّم ذلك الرضاع التناكح. ذكر هذا بعد القواعد الفقهية الشريفة الواردة في حديث منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « لا رضاع بعد فطام ، ولا وصال في صيام ، ولا يُتْمَ بعد إحتلام ، ولا صمت يوم إلى الليل ، ولا تعرُّب بعد الهجرة ، ولا هجرة بعد الفتح ، ولا طلاق قبل النكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يمين للولد مع والده ولا للمملوك مع مولاه ولا للمرأة مع زوجها ، ولا نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة » (1).
    (143) أي لا يترتّب أحكام اليتم على اليتيم أي فاقد الأب بعد إحتلامه فينقطع اليتم بعد بلوغ الحُلُم. 1 ـ فروع الكافي ، ج 5 ، ص 443 ـ 444 ، باب أنّه لا رضاع بعد فطام ، ح 5.