الرئيسية / تقاريـــر / ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة بقلم سالم الصباغ

ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة بقلم سالم الصباغ

ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة بقلم سالم الصباغ

ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة بقلم سالم الصباغ

ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة بقلم سالم الصباغ

ما الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة في قوله تعالى :

{ وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (البقرة/124).

ما معنى الإمامة في الآية المذكورة ؟

1- هل هي النبوة والرسالة ؟

النبوة : معناها تحمل النبأ من جانب الله

الرسالة : معناها تحمل التبليغ

وإبراهيم على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام عندما خاطبه الله تعالى بقوله :

إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } .. كان نبيا وكان رسولا

2- هل معناها الرئاسة والطاعة ؟

إن مقتضى وظيفة النبوة والرسالة هي الرئاسة والطاعة للنبي والرسول يقول تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } (النساء/64).

إذا المقصود بالإمامة في هذه الآية الكريمة شيء آخر غير النبوة وغير الرسالة وغير الرئاسة والطاعة .. لأن هذه الوظائف الثلاثة كانت موجودة لإبراهيم على نبينا وآله وعليه السلام

حينما خاطبه الله تعالى بقوله : { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا }

ـ فما المقصود إذاً بالإمامة في هذه الآيات الكريمة ؟

فلو تأملنا في كلام الله تعالى نجد أنه كلما تعرض لمعنى الإمامة تعرض معها للهداية أي أن الإمامة ترتبط بالهدايه..

فمثلاً :- يقول تعالى في سورة الانبياء : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } الأنبياء/73

ويقول تعالى في سورة السجدة :

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } (السجدة/24).

ولكن تعريف الإمامة بالهداية هي أيضا وظيفة الأنبياء والرسل بل هي شأن كل مؤمن ولا تختص بالإمامة فقط . نعم .. هذا صحيح ..

ـ ولذلك بعد أن وصف الله الإمامة بالهداية وصف تعريفا لها .. قيدها بالأمر الإلهي :

  يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا   .. وهنا .. وفي هذه النقطة بالذات يقع  السر  وحقيقة الإمام الإلهي ..

إذا فالإمام يهدي بأمر الله .

ـ فما معني أمرالله ؟ وما الفرق بينها وبين هداية النبوة والرسالة ؟

باختصار : هداية النبوة والرسالة .. هداية تشريعية بمعنى إراءة الطريق .. افعل ولا تفعل ..

يقول تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (إبراهيم/4).

فاذا أخذ النبي أو الرسول مقام الإمامة كإبراهيم عليه السلام كان له نوع آخر من الهداية ذكرها القرآن وقيدها بالأمر الإلهي : ” يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ”

ـ فما ذلك الأمر الإلهي ؟

الأمر هو الذي ورد في قوله تعالى :

{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (يس/82).

وقوله تعالى : { وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } (القمر/50).

ـ الأمر هنا أمر تكويني.. “كن فيكون” أي أن هداية الإمامة هداية تكونية أي بالأمر التكويني الذي لا يتخلف تحقيقه .

ـ فإذا كانت النبوة والرسالة هداية تشريعية وهي بمعنى إراءة الطريق :

{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } (الكهف/29).

إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (الإنسان/3)

” فإن هداية الإمامة هي هداية تكوينية بأمر تكويني فلا يتخلف تحقيق هذا الأمر أي إنها هداية الوصول إلى الهدف المطلوب .

ـ ما معنى الأمر في قوله تعالى : ” يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ” ؟

يقول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان في شرح الآية المذكورة :-

في قوله تعالى : { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } (يس/82-83).

وقوله تعالى : : { وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } (القمر/50).

يقول العلامة الطباطبائي : ” إن الأمر الإلهي الذي تسميه الآية بالملكوت هو وجه آخر (للخلق) يواجهون به الله سبحانه طاهرا مطهرا من قيود : الزمان والمكان .. خالٍ من التغيير والتبديل .. وهو المراد بكلمة ” كن ” الذي ليس له إلا ” وجود ” الشيء العيني وهذا العالم أي عالم الأمر .. أو الملكوت هو قبال عالم الخلق أي عالم المُلك وهو العالم الذي يقع فيه التغيير والتدريج وقوانين الحركة والزمان ” .. انتهي كلام الميزان .

ـ ولتبسيط الموضوع وتوضيحه أقول : إن هناك عالمين :

1- عالم الخلق .. وهو عالم مادي يطلق عليه عالم المُلك أو الظاهر .

2- عالم الأمر ..وهو عالم مجرد ويطلق عليه عالم الملكوت . وجسم الإنسان من عالم الخلق وروح الإنسان من عالم الأمر .

وهذا معنى قوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } (الإسراء/85).

أي أنها من عالم الأمر المجرد الذي لا تحكمه قيود الزمان والمكان والحركة .

ويستطرد العلامة الطباطبائي فيقول : ” وبالجملة فالإمام هادٍ يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه ،

فالإمامة بحسب الباطن نحو ولاية للناس في أعمالهم .. وهدايتها إيصالها إياهم إلى المطلوب بأمر الله دون مجرد إراءة الطريق الذي هو شأن النبي أو الرسول أو كل مؤمن ” انتهى.

ملحوظة :

الرسول الأعظم صلى الله عليه آله وسلم .. نبي ورسول وإمام وخاتم الأنبياء وشاهد على الشهداء وهم الأنبياء والأئمة .

ويقول السيد الطباطبائي أيضاً: ” فالإمام يجب أن يكون إنسانا ذا يقين .. مكشوفا له عالم الملكوت ، متحققا بكلمات من الله سبحانه وتعالى .. والملكوت هو “الأمر” وهو الوجه الباطن من وجهي العالم.
وقوله تعالى : ” يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ” يدل دلالة واضحة على أن كل ما يتعلق به أمر الهداية وهو القلوب والأعمال , فالإمام باطنه ووجه الأمري حاضر عنده غير غائب عنه , ومن المعلوم أن القلوب والأعمال كسائر الأشياء في كونها ذات وجهين ، فالإمام يحضر عنده ويلحق به أعمال العباد خيرها وشرها , وهو المهيمن على السبيلين جميعا سبيل السعادة وسبيل الشقاوة ” ( إنتهى كلام السيد الطباطبائي )

فلا تتعجب يا أخي العزيز فهذه هي حقيقة الإمامة المطلوب معرفتها وحَدَّهَا الذي يجب ألا تقل عنه في المعرفة .

وهناك آيات كثيرة تدل على هذا المعنى . وأختتم هنا بقوله تعالى :

أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى } (يونس/35).

ـ يقول السيد العلامة في هذه الآية :

 وقد قوبل في هذه الآية بين الهادي إلى الحق وبين غير المهتدي إلا بغيره .. وهذه المقابلة تقتضي أن يكون الهادي إلى الحق مهدي بنفسه وأن المهتدي بغيره لا يكون هادياً إلى الحق البتة .

شاهد أيضاً

قصيدةُ [ ضَرَبَتْ إِيرانُ صُهْيُونَ اللَّعِينْ ]

قصيدةُ [ ضَرَبَتْ إِيرانُ صُهْيُونَ اللَّعِينْ ] إقرأ المزيد .. الإمام الخامنئي: القضية الأساسية في ...