الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / الولاء والولاية من كتب الفكر الاسلامي 10

الولاء والولاية من كتب الفكر الاسلامي 10

ولاء الزعامة
3ـ ولاية الزعامة يعني حق القيادة الاجتماعية والسياسية. أنّ المجتمع يحتاج إلى قائد. فمن يمسك بيده زمام أمور المجتمع، ويدير شؤون الناس الاجتماعية ويكون مسلطاً على مقدراتهم، هو ولي أمر المسلمين. كان رسول الله(ص) في حياته ولي أمر المسلمين، وكانت هذه الولاية قد منحت له بأمر من الله تعالى، ومن ثم إلى أهل بيته بدلائل كثيرة غير قابلة للإنكار. من ذلك الآية الكريمة:
{ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[30].

وكذلك الآيات الأول من سورة المائدة، وحديث غدير خم الشريف، وعموم الآية الكريمة {إنما وليكم الله} وعموم الآية الكريمة: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[31].

ليس هناك أي خلاف بين السنة والشيعة في أنه كان للنبي شأن كهذا، وأنه كان مقاماً إلهياً، أي أنه كان حقاً أعطاه الله له، ولم يكن تفويضاً من الناس. إنّ إخواننا من أهل السنة يتفقون معنا إلى هنا. إنما الكلام يكون في أمر (ولاية الزعامة) هذه بعد النبي(ص).

إنّ المجتمع لكي لا يصيب التزلزل أركانه، ولكي لا يسوده الهرج والمرج، لا مندوحة له عن ولي وحاكم يطيعه الناس ويتبعونه فكيف ينبغي أن يكون هذا الحاكم والولي؟ أيقول الإسلام شيئاً بهذا الخصوص أم أنه يلزم الصمت؟ وإذا كان قد قال شيئاً فما هو؟ أترك الخيار للناس في أن يختاروا من يشاؤون بعد النبي(ص) وأن يوجبوا على الآخرين إطاعته، أما النبي الكريم قد عين قبل رحيله من يقوم مقامه في هذا المركز المهم العظيم؟

هنا لابد أن نبحث في جميع شؤون النبي(ص) الاجتماعية في الأمة، بحسب ما يستنبط من القرآن المجيد.

يستنبط من القرآن المجيد ومن السنة والسيرة النبوية أنه كان للنبي(ص) بين المسلمين شؤون ثلاثة:
الأول أنه كان إماماً وقائداً ومرجعاً دينياً، وكانت له ولاية إمامة، وكان كلامه وعمله حجة وسنداً:
{مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[32].

الثاني أنه كانت له الولاية القضائية، أي أن حكمه كان نافذاً في الاختلافات الحقوقية والمخاصمات الداخلية:
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[33].

بديهي أن استعمال كلمة (الولاية) هنا صحيح أيضاً مثلما كان من قبل، ولكننا لا نجدها قد استعملت عملياً في موضوع الولاية القضائية.
الثالث أنه كانت له ولاية سياسية واجتماعية، أي أنه فضلاً عن كونه كان مبلغاً لأحكام الله مبيناً لها، وفضلاً عن كونه كان يقضي بين المسلمين، فقد كان أيضاً يسوس مجتمع المسلمين ويديره. كان ولي أمر المسلمين وصاحب الخيار في مجتمعهم، كما قلنا من قبل, وكما جاء في الآية: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[34].

وكذلك الآية:
{ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
هناك للنبي، بالطبع، شأن رابع سوف نتطرق إليه.

كان النبي(ص) يحكم الناس حكومة رسمية ويقود سياسة المجتمع الإسلامي. وكان يجبي من المسلمين الضرائب بحكم الآية.
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}[35]. ويدير شؤونهم المالية والاقتصادية, إنّ هذا الشأن من شؤون الرسول الكريم الثلاثة, هو الأصل في بحث موضوع الخلافة.

لابد من الإشارة إلى أن كلمة (الإمامة) مثلما هي تطلق على الرائد الذي تؤخذ عنه معالم الدين، فيوصف بأنه (إمام)، أي أنه (الشخص الذي يجب أن تؤخذ منه التعاليم الدينية)، وبهذا المعنى يطلق أهل السنة إسم (الإمام) على أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل، فإن اللفظة تطلق أيضاً في حالات الزعامة الاجتماعية والسياسية. قال الرسول الكريم(ص).
(ثلاث لا يغل عليهن قلب أمريء مسلم: إخلاص العمل لله، والتضحية لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم)[36].

ويقول علي(ع) في إحدى رسائله:
(فإن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الأئمة)[37].
وذلك لأن نتيجة هذا ليس سوى ضرر المسلمين. فلو أن رباناً كان يدير دفة سفينة باتقان، ثم جاء من يوسوس للربان ويخدعه بحيث يعرض السفينة للخطر، فإن هذا لا يكون قد خان الربان وحده، بل يكون في الحقيقة قد خان ركاب السفينة جميعهم. إنّ كلمة (الإمام) قد استعملت هنا للقيادة الإجتماعية.

إننا كثيراً ما نقرأ في التاريخ الإسلامي أن المسلمين، وحتى الأئمة الأطهار، كانوا يخاطبون خلفاء عصورهم بكلمة (إمام). كل ما في الأمر هو أن الكلمة قد تعني إمام العدل، وقد تعني إمام الجور، وإن على المسلمين واجبات معينة بإزاء كل واحد من هذين. وفي الحديث الشريف المشهور الذي يرويه السنة والشيعة، قوله:

(أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر).
وكذلك قوله(ص):
آفة الدين ثلاثة: (إمام جائر، ومجتهد جاهل، وعالم فاجر).
بل إن القرآن نفسه يشير إلى قادة يدعون الناس إلى نار جهنم، ومع ذلك فقد وصفهم بالإمامة:
{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}[38].
ولكن لاشك في أن كلمة (إمام) أو (أئمة) أكثر ما تطلق على القادة العدول الصالحين, أما في عرف الشيعة، فالأئمة هم أئمة الحق المعصومون، وهم إثنا عشر إماماً.

 

https://t.me/wilayahinfo

https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

 

شاهد أيضاً

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع ...