في مسجد الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف تحدث الشيخ توفيق علوية في خطبة الجمعة عن موضوعين :
الموضوع الاول : الاربعينية خير حافز على مفهوم الخدمة ، خدمة الله وخدمة الناس ، ففي الاربعين اعلى فخر عند كل احد ان يكون خادما . كما ان الاربعينية خير حافز على مواجهة الظلم لاسيما الاقتصادي منه ، فاحد اهم مناشئ الاصلاح الحسيني اصلاح الاقتصاد وتحقيق العدالة في التوزيع المالي ومحاربة الاستىئثار ونهب المال العام الممارس من قبل السلطة الاموية ، فقد وصف الحسين عليه السلام الاعداء بأنهم استأثروا بالفيء !! ولذا كان هذا الموضوع الحساس احد عناوين النهضة الحسينية ، وقد تاسس هذا المنهج اي نهب المال العام على عهد عثمان ومن له كان له الفضل في ايصاله قبله ، ولهذا الامر هجم الثوار على عثمان وقتلوه .
الموضوع الثاني : ( مستند زيارة الاربعين وعن مستند ما يعرف بالمشاية ).
مستند زيارة الاربعين : اما مستتد زيارة الاربعين عليه السلام فهو راجع الى عدة ادلة ، نذكر منها خمسة ادلة :
الدليل الاول : عموم الروايات التي دلت على استحباب زيارة الحسين عليه السلام ، وهي كثيرة جدا تنبو عن الحصر ؛ وهي شاملة للاربعين ولغير الاربعين ، ومنها الروايات التي تتحدث عن ثواب المشي لزيارة الحسين عليه السلام ، فعن أبي الصامت ، قال: سمعت أبا عبد الله ( الصادق )عليه السلام وهو يقول: “من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله له بكل خطوة الف حسنة ومحا عنه الف سيئة ورفع له الف درجة ” . صدق ولي الله .
ومثل ذلك بنفس اللسان وردت مجموعة من الاخبار . ففي اي وقت تمشي لزيارة الحسين عليه السلام لك ثواب حتى لو يرد في الاربعين اي نص !!
الدليل الثاني : رواية صفوان الجمال عن الامام الصادق عليه السلام : ففي وسائل الشيعة (باب تأكد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الاربعين من مقتله وهو يوم العشرين من صفر ) ، الحديث الثاني ، عن جماعة عن التلعكبري ، عن محمد بن علي بن معمر ، عن علي بن محمد ابن مسعدة ، والحسن بن علي بن فضال ، عن سعدان بن مسلم ، عن صفوان الجمال قال : قال لي مولاي الصادق عليه السلام في زيارة الاربعين تزور ارتفاع النهار وتقول : السلام على ولي الله وحبيبه … وذكر الزيارة – الى ان قال – : وتصلي ركعتين ، وتدعو بما احببت وتنصرف ” .
الدليل الثالث : رواية علامات المؤمن الخمس : فعن الامام الحسن الزكي العسكري عليه السلام انه قال : علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين ، وزيارة الاربعين ، والتختم في اليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ” . و ( وال ) في الاربعين هي للعهد لا للجنس فتدبر !!
الدليل الرابع : فعل الصحابي جابر الانصاري عليه الرضوان : فقد ورد جابر الانصاري عليه الرضوان الى كربلاء في العشرين من صفر ، وهو اول من زار الحسين عليه السلام في الاربعين ، وقد أغشي عليه ، وناجى الحسين عليه السلام بلفظ حبيب ينادي حبيبه ، وزار بالزيارة المعروفة التي مطلعها : السلام عليكم يا ال الله …” . وقد التقى بالامام السجاد عليه السلام وبالسبايا اثناء مجيئهم الى كربلاء بعدما قدموا من الشام باتجاه المدينة !!
الدليل الخامس : فعل المتدينين قديما وحديثا من دون اي دليل على الردع والمنع ، وهذا الفعل للمتدينين بمرأى ومسمع من علماء الطائفة المحقة بل ومشاركتهم وتشجيعهم وحثهم .
وكما نعلم فإن العلامة الحر العاملي صاحب الموسوعة الحديثية (وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة) عقد بابا خاصا أسماه ( باب تأكد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الاربعين من مقتله وهو يوم العشرين من صفر ) ، وادرج تحته روايات في ذلك ، ومن المعلوم ان عناوين الحر العاملي هي تعبير اخر عن رأيه الفقهي . فعندما يقول : باب تاكد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الاربعين . فهذا لا يعني فقط المشروعية والجواز ، ولا يعني فقط الاستحباب ، بل يعني ( تأكد الاستحباب ) .
مستند حول ما يعرف بالمشاية : فإن دليلها من الروايات التي تحدثت عن الاجر العظيم الذي يناله الماشي في زيارة الحسين عليه السلام ، وقد اوردنا رواية في الدليل الاول لمستند زيارة الاربعين ، وفي كامل الزيارات لابن قولويه القمي بسند متصل عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال: قال أبو عبد الله (الصادق ) عليه السلام : يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي عليهما السلام إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غفر لك ما
مضى ” .
وعن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (الصادق ) عليه السلام قال: ان الرجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السلام فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة ذنوبه، ثم لم يزل يقدس بكل خطوة حتى يأتيه، فإذا اتاه
ناجاه الله تعالى فقال: عبدي سلني أعطك، ادعني أجبك، اطلب مني أعطك، سلني حاجة اقضها لك، قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام : وحق على الله ان يعطي ما بذل ” .
وعن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ان لله ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السلام فإذا هم بزيارته الرجل أعطاهم الله ذنوبه، فإذا خطا محوها، ثم إذا خطا ضاعفوا له حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة، ثم اكتنفوه وقدسوه وينادون ملائكة السماء ان قدسوا زوار حبيب حبيب الله ، فإذا اغتسلوا ناداهم محمد صلى الله عليه وآله : يا وفد الله أبشروا بمرافقتي في الجنة، ثم ناداهم أمير المؤمنين عليه السلام : انا ضامن لقضاء حوائجكم ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة، ثم التقاهم النبي صلى الله عليه وآله عن ايمانهم وعن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم ” .
لاحظوا معي في رواية الحسين ابن فاختة ” ان كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة ” وفي رواية بشير الدهان ” فله اذا خرج من اهله بأول خطوة .. ثم لم يزل يقدس بكل خطوة …” . وفي رواية الحارث بن المغيرة ” فإءا خطا – يعني الخطوة الاولى – محوها ” اي تم محو ذنوبه !! ” وتكمل الرواية ” ثم اذا خطا ضاعفوا له حسناته ” اي الملائكة مأمورة بمحو ذنوبه ومضاعفة حسناته !! ولكن طبعا مع استجماع الشروط واكتساب اللياقات والقابليات الخاصة !!! بل في الرواية التي ذكرناها عن أبي الصامت ان من اتاه عليه السلام ماشيا له بكل خطوة الف حسنة وتمحى عنه الف سيئة ، وترفع له الف درجة .
ومما تقدم صدق الشاعر حيث يقول :
تمشي اليك توسلا خطواتي # وأعدها اذ انها حسناتي .
وحول نفي الاستغراب عن الاجر الكبير والثواب الخطير لزيارة الحسين عليه السلام والمشي في زيارته هناك بحث خاص موكول لمحله ، ولكن يكفي القول ان الله المتعال فياض وكل من لديه قابلية استقبال الفيض الالهي فلا بخل في ساحة الله المتعال .
.