الرئيسية / تقاريـــر / الاصلاحات الحمراء في العراق؟

الاصلاحات الحمراء في العراق؟

على الرغم من تقديم رزمة الاصلاحات في العراق واقرارها من قبل مجلس النواب وبرغم خطاب رئيس الجمهورية يوم امس، لكن العراق لم يصل الى محطة الاستقرار بعد.. لماذا؟

في اغلب الازمات، تنطلق جميع الاطراف المعنية في تحركها متاثرة بظروف الازمة، وربما لهذا السبب وبعد انخماد اية ازمة تحاول الصاق القوى اي خطأ اوتقصير بجهات ومجموعات متورطة فيها.

وفي الازمات عادة ما تتخذ القرارات بشكل آني، وحتى اجواء اتخاذ القرار تكون ضبابية وتؤدي هذه القضية في الاغلب الى انخفاض مستوى العقلانية في اتخاذ القرار.

ومن حيث تعتبر الاطراف المتنازعة في كل ازمة انها محقة لهذا السبب تسعى الى عدم التنازل عما تعتبره انه يمثل حقها مما يعني تشديد الازمة او على الاقل استمرارها.

وعند الازمات يكون الجميع في حالة من الخسران لكن مستويات الخسارة تختلف بين طرف وآخر، وفي مثل هذه الازمات لايوجد هناك رابح غير الجهة التي افتعلت الازمة او التي ركبت موجتها لكي تستثمر الاوضاع لصالحها.

وفي الازمة الاخيرة التي يعيشها العراق من الواضح انه يمكن تشخيص ثلاث فئات متورطة فيها: الحكومة والاحزاب والتنظيمات اضافة الى الشعب، وبالطبع يمكن اضافة البلدان الاجنبية كطرف رابع وهي التي تقوم بتحريك الازمة من الخارج وتعمل على تعميق واشتداد الازمة، وسنتحدث فيما بعد عما ترمي اليه تلك البلدان والمصالح التي تبتغيها من اشعال الازمة في العراق.

اما بشأن ازمة العراق التي مضى عليها شهر من الزمان فإن الناس هناك يطلبون الاصلاح لاسيما في اطاري الاقتصاد والاجتماع والحكومة التي استجابت لمطالب الشعب الحقة دعت الى مهلة في سبيل اصلاح الامور.

من جانبها فإن مرجعية العراق أكدت على المطالب الشعبية واعلنت تضامنها مع المطالب الحقة، وكذلك فعلت الامر نفسه اغلب الاحزاب والتنظيمات لكن القضية التي تم تجاهلها هي عدم الانتباه للاصول القانونية الحالية لجهة الخروج من المعضلات الحالية او لناحية التدخلات الخارجية التي تصبو في بعضها الى تحقيق مكاسب داخلية من خلال هذه الازمة وهذه الدول ليس فقط لم تدع الى التهدئة والتمسك بالقانون في العراق بل كانت ومنذ البداية تتبع سياسة “تأزيم الاوضاع” في اطار سيناريو “صناعة القتيل”

وفي هذه الازمة وبنفس مستوى المساعي المبذولة لتهدئة الاوضاع كان يجري العمل على تزريق عامل جديد فيها يتحرك ضمن محور “مثيري الشغب” هذا العامل سيقود الى سيناريو “صناعة القتيل” وهكذا تحقق المطلوب والمراد لدى الطرف الرابع في الازمة.

فالذين تأثروا بهذه الاجواء لم يكونوا قلة، فجوقة الاغتيالات تحركت وبشكل منظم، وقد اظهروا انفسهم انهم من صنف عامة الناس المحتجين وزعموا ان الحكومة العراقية والقوات الامنية هي سبب اثارة العنف في العراق، ونتيجة مثل هذه الاجواء وبرغم تقديم مقترح الاصلاحات وكذلك دعمها من قبل مجلس النواب العراقي، جرى طرح مطالبات جديدة في مجملها تدعو الى رحيل النظام السياسي الحالي.

المثير في الامر ان التعاطف الواضح والحجج والبراهين التي قدمها برهم صالح يبدو انها لم تلق استجابة حقيقية او محطة للتجاوب وهو مايستدعي الاشارة الى عدة نقاط عن الاحداث الاخيرة التي وقعت خلال الشهر الماضي في العراق.

اولا: استمرار الحركة الاصلاحية التي تحظى بتأييد الشعب لاسيما في المرحلة الثانية من اندلاع احداث العنف يتطلب المزيد من الوعي والحذر في نفس المسعى من تغلغل مثيري الشغب بين المحتجين وهم الذين يسعون من خلال اثارة المزيد من العنف الى توقيف الحركة الاصلاحية في اية محطة سوى المحطة الاصلاحية التي يريدها الشعب.

ثانيا: الحقيقة هي ان هناك آثارا واضحة لازلام النظام البعثي السابق ،علاوة على افراد داعش وكذلك المندسين المرتزقة وهم الذين يدعون الى حكومة غير دينية خلال التظاهرات الاخيرة، وليس التقارير والبراهين والصور الكثيرة وحدها الدالة على هذا الموضوع بل حتى تصرف وسائل الاعلام الاجنبية تكشف عن محاولات لتغيير الانطباعات تجاه هذه الجماعات المندسة والتي يجري العمل على تسويقها انها تنتمي الى المتظاهرين والمطالبين بالاصلاح.

ثالثا: مع الاخذ بنظر الاعتبار ان جميع المتظاهرين ينتمون الى المناطق الشيعية وان رئيس الحكومة هو الآخر شيعي يجري ترسيم الاوضاع بان الاحتجاجات والاعتراضات غير منصبة على شخص بعينه بل هي متجهة الى النظام برمته.

هذا الامر يكشف عن حقيقة السيناريو المعد مسبقا للعراق الساعي الى استراتيجية مستقبلية في 2020 والتي تقوم على المسعى الاقتصادي الذي يجعل اعادة الاعمار من ضمن اولوياته وان يقدم نفسه بهذا المظهر امام العالم.

رابعا: خلال الايام الاخيرة برزت همسات ضعيفة بالطبع سمعت من شخصيات قليلة وتكشف عن خبايا الاهداف الحقيقة من وراء مفتعلي الازمة الذين يقبعون خلف الحدود ومن جهة ثانية تكشف عن المحاولات والمساعي الجديدة التي تحاول الصاق “الدموية” بالحركة الاصلاحية للشعب العراقي.

وفي مثل تلك الاقاويل المعدودة حاولت اظهار ان الهدف من التظاهرات وليس الاصلاحات هو خلق “حكومة علمانية” وهو هدف لم يتحقق قط لا في عهد حكومة صدام ولافي فترة الاحتلال ولاحتى في الظروف القاسية التي خلقتها داعش.

الوعود المنطقية التي قدمها يوم امس برهم صالح استجابة لمطالب المحتجين وخاصة في مجال الانتخابات وكذلك رئاسة الوزراء، في الواقع هي تمثل استجابة للمطالب المعلنة خلال الشهر الماضي للمحتجين وكان الاحرى بتلك المطالب ان تصب الماء على النار، هكذا سيكون تصورنا فيما لو مررنا بشكل منطقي على اهداف الحركة الاحتجاجية بحسب ما اعلن عنها واستمرارها وبالنهاية خاتمتها.

خامسا: والنقطة الاخيرة هي انه في ظل الظروف والاجواء الحالية واستجابة جميع اركان السلطة للحركة الاصلاحية وكذلك التحليل الجدي للامور والالتزام بوسائل الاصلاح يبدو ان الخروج من الازمة يتطلب اعطاء الفرصة للحكومة من جانب الشعب لحلها.

ومن دون التزام الجميع بالقانون وعزوف بعض الاحزاب في مايقال عن تصفية حساباتها الداخلية، فإن جميع الاطراف المتورطة في ازمة العراق ستتأثر سلبيا من الازمة الحالية، وبالطبع سيكون المنتصر الوحيد هم الذين تلوثت ايديهم باشعال فتيل الازمة ويسعون في ذات الوقت الى تحريف مسيرة الحركة الاصلاحية الى ان تكون حركة عنف دموي، مع ان وعي الشعب والحكومة في العراق وكما بينت الايام القليلة الماضية ستكون المانع الرئيسي لتحقق هذا السيناريو، فلقد اكد الرئيس العراقي برهم صالح يوم امس بان القوات المسلحة هي الضامنة لتحقق مطالب المتظاهرين

ابورضا صالح – العالم

 

 

 

شاهد أيضاً

قصيدةُ [ ضَرَبَتْ إِيرانُ صُهْيُونَ اللَّعِينْ ]

قصيدةُ [ ضَرَبَتْ إِيرانُ صُهْيُونَ اللَّعِينْ ] إقرأ المزيد .. الإمام الخامنئي: القضية الأساسية في ...