الوقت- عقب عام كاملٍ من إغلاق الحدود السوريّة مع لبنان، بسبب تفشي فيروس كورونا، أعلنت وزارة الداخلية السوريّة إعادة فتح الحدود بين البلدين بشرط التقيد بالإجراءات الصحيّة المتخذة من وزارة الصحة، وسمحت بدخول جميع الرعايا اللبنانيين إلى الأراضي السوريّة شرط إجرائهم تحليل PCR لم يمضِ عليه أكثر من أربعة أيام من المخابر اللبنانيّة المعتمدة أصولاً، أو شهادة تثبت الحصول على لقاح ضد كورونا، ووصف الخطوة السوريّة بالمهمة في ظل الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة والصعوبات التي يعاني منها السوريون واللبنانيون على حد سواء في التنقل بين البلدين.
“خطوة سوريا السماح بدخول جميع الرعايا اللبنانيين إلى أراضيها” ستنعكس بشكل إيجابيّ على الجانبين اللبناني والسوري، هكذا وصف الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري، نصري خوري، القرار السوريّ الأخير، معتبراً أنّه “يأتي في إطار خطوة ضمن فتح قنوات التفاعل بين البلدين بعد أن ساهمت جائحة كورونا في فرض القيود لعدم التنقل بينهما”، وخاصة أنّ لبنان وسوريا تربطهما معاهدات صداقة وتعاون سياسيّ واقتصاديّ وأمنيّ.
وبالتزامن مع الأوضاع الاقتصاديّة المتدهورة في كلا البلدين والحصار الخانق والأزمات الماليّة المتصاعدة، بيّن خوري أن أبرز الانعكاسات الإيجابيّة للقرار الأخير ستكون في الشق الاقتصاديّ، وخاصة في ظلّ الحصار المفروض على سوريا والذي انعكس بشكل كبير على لبنان، موضحاً أن “اللبنانيين بحاجة لمتنفس اقتصاديّ تمثله سوريا، مع توافر الكثير من المنتجات السوريّة وعدم توافرها في لبنان وبأثمان أقل”، ويعتبر لبنان بالنسبة لسوريا منطقة امتداد جغرافيّ طبيعيّ، ويمتد على مساحة قريبة جداً من وسط سوريا الغربي ونافذة جنوبيّة للأراضي السوريّة على البحر المتوسط.
ويأتي القرار السوريّ، بعد آلاف الطلبات التي كانت تتوالى على وزارة الداخلية السوريّة من قبل اللبنانيين لاستثنائهم والسماح لهم بالدخول إلى الأراضي السوريّة، وفقاً للأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري، الذي تحدث عن وجود توجه مشترك بهذا الخصوص من قبل دمشق وبيروت، إلا أن سوريا بادرت بأخذ القرار، آملًا بأن تقوم السلطات اللبنانيّة باتخاذ قرارات موازيّة تعيد حركة دخول المواطنين السوريين الراغبين بزيارة لبنان بطريقة أسهل مما كانت عليه في السابق، قائلاً: “أعتقد أن الجانب اللبنانيّ يدرس هذا الموضوع”، حيث أغلق لبنان الحدود مع سوريا عند نقطة “المصنع” بشكل كامل أمام السوريين واللبنانيين الآتين من سوريا، في منتصف شهر آذار عام 2020، في إجراءات خاصة للحد من تفشّي فيروس كورونا.
وفي هذا الصدد، اعتبر السفير السوري في بيروت، علي علي، أنّ المبادرة السوريّة بفتح الحدود مع لبنان تستجيب لمصلحة الشعبين السوريّ و اللبناني، وأشار إلى متانة العلاقات الاخويّة والعائليّة بين الشعبين، واصفاً القرار السوريّ بأنّ “كسر للحصار” وتمنى أن يأخذ الإجراء السوريّ ما أسماها “ردوداً منطقيّة” تتجاوب معه والخطوة التي فيها سياق منطقيّ وطبيعيّ، وخصوصاً أنّ التنسيق لم ينقطع بين لبنان وسوريا، والمصلحة تفرض ما قامت به الحكومة السورية، موضحًا أن قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة والحصار الظالم والعقوبات الاحاديّة اصابت لبنان كما سوريا، منوّهاً بأن سوريا “تريد عودة كل أبنائها”.
نتيجة لما ذُكر، إنّ التجربة التاريخيّة أثبتت وبالأدلة أن البلدين كانا دائماً صاحبي مصلحة في إقامة علاقات اقتصاديّة مميزة فيما بينهما، وقد أكّد المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى بلبنان، أنّ القرار السوري بفتح الحدود البرية أمام اللبنانيين يحقق مصلحة لبنان قبل مصلحة سوريا واصفاً ذلك بـ”الخطوة الإيجابية، وقال نائب رئيس المجلس، الشيخ علي الخطيب، إنّ القرار السوري يحقق مصلحة لبنان ويساهم في تعزيز العلاقات الأخويّة بين الدولتين والشعبين الشقيقين، ولا سيما أن لبنان بأمس الحاجة إلى تفعيل علاقات التعاون بين الحكومتين بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، متمنياً لسوريا المضي قدما في مسيرة التعافي والنهوض الاقتصادي بعد انتصارها على مؤامرة تخريبها، وقد تخلصت من العقوبات والحصار وتحررت كامل أراضيها من الإرهاب الصهيوني والتكفيريّ.