الرئيسية / الاسلام والحياة / الحياة الآخرة – المحور الثاني: أحكام الميت – 17

الحياة الآخرة – المحور الثاني: أحكام الميت – 17

الدرس الرابع:

الصّلاة على الميّت

 

 

 

أهداف الدرس:

على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:

1- يبيّن من تجب عليه صلاة الميت.

2- يذكر أهم شرائط صلاة الميّت والمصلي عليه.

3- يبيّن كيفية الصلاة على الميّت.

وجوب الصلاة على الميّت

1- تجب كفاية الصلاة على كلّ ميّت مسلم وإن كان مخالفاً للحق. ولا تجوز على الكافر بأقسامه حتّى المرتدّ[1]، ولا تجوز على من حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام كالنواصب والخوارج.

2- تجب الصلاة على أطفال المسلمين حتّى ولد الزنا منهم إذا أكملوا ستّ سنوات قمريّة.

3- تجب الصلاة على أجزاء الإنسان إذا كانت صدراً، أو مشتملة على الصدر، أو بعض الصدر الذي هو محلّ القلب وإن لم يشتمل عليه فعلاً.

4- محلّ الصلاة بعد الغسل والتحنيط والتكفين، وقبل الدفن.

5- إن لم يمكن تغسيله وتحنيطه وتكفينه يُصلّى عليه ويدفن كما هو.

 

شرائط المصلّي[2]

1- يعتبر في المصلّي أمران:

الأوّل: الإيمان.

الثاني: الأحوط وجوباً أن يصلّي البالغ على الميّت، مع كون صلاة المميّز غير

 

البالغ صحيحة إلاّ أنّها لا تجزي عن صلاة البالغين على الأحوط وجوباً.

 

2- لا يعتبر في المصلّي الذكورة، فتصحّ صلاة المرأة ولو على الرجل.

 

3- لا يشترط في المصلّي على الميّت الطهارة من الحدث والخبث، ولا سائر شروط الصلاة ذات الركوع والسجود، ولا يشترط ترك موانعها إلاّ مثل القهقهة والتكلّم فالأحوط وجوباً تركهما.

 

4- أما أولياء الصلاة: فما مرّ عن الأولياء في غسل الميّت يجري هنا بتمامه.

 

شرائط صلاة الميّت

الأوّل: نيّة القربة.

الثاني: تعيين الميّت على وجه يرفع الإبهام.

الثالث: استقبال المصلّي القبلة.

الرابع: القيام.

 

لو لم يوجد من يستطيع الصلاة قائماً تعيّن وجوب الصلاة من جلوس.

 

الخامس: أن يوضع الميّت أمام المصلّي، مستلقياً على قفاه، محاذياً للمصلّي، وأن يكون رأس الميّت إلى يمين المصلّي، ورِجل الميّت إلى يسار المصلّي.

 

السادس: عدم الحائل بين المصلّي وبين الميّت، ولا بأس في النعش ونحوه ممّا هو بين يديّ المصلّي.

 

السابع: أن لا يكون بينهما بُعد مفرط، على وجه لا يصدق الوقوف على الميّت، إلاّ في المأموم البعيد بسبب كثرة الصفوف، فلا يضرّ البعد إذا كان متّصلاً مع الصفوف.

 

الثامن: أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّاً مفرطاً.

 

التاسع: أن تكون الصلاة بعد التغسيل والتكفين والحنوط، إلاّ من تعذّر تجهيزه، أو سقط تغسيله وتكفينه (كالشهيد)، فيُصلّى عليه بدون ذلك.

 

العاشر: أن يكون الميّت مستور العورة مع عدم إمكان التكفين.

 

الحادي عشر: أن تكون الصلاة قبل الدفن:

1- يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن لا بعده.

 

2- لو دفن قبل الصلاة نسياناً أو لعذر آخر، أو تبيّن فسادها فلا يجوز نبشه لأجل الصلاة، بل يُصلّى على قبره مع مراعاة الشرائط، من الاستقبال وغيره، نعم إذا مضى مدّة تلاشى الميّت فيها، بحيث خرج عن صدق اسم الميّت، لا تجب الصلاة عليه.

 

كيفيّة صلاة الميّت

1- وهي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الأولى، والصلاة على النبيّ وآله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الثانية. والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد الثالثة. والدعاء للميّت بعد الرابعة، ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف.

 

2- ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة، ولا قراءة، ولا ركوع ولا سجود، ولا تشهّد ولا تسليم. ويكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها[3].

 

3- يستحب فيها الجماعة.

 

4- لا يتحمّل الإمام شيئاً من الأدعية الواجبة عن المأمومين.

 

ويستحب أن يقول في الصلاة على الميت:

أ- بعد التكبيرة الأولى: “أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحدهُ لا شريك له، إلهاً واحداً أحداً صمداً فرداً حيّاً قيّوماً دائماً أبداً، لم يتّخذْ صاحبةً ولا ولداً. وأشهدُ أنّ محمّداً عبدُهُ ورسوله، أرسله بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَه على الدين كلّه ولو كرِهَ المشركون”.

 

ب- بعد الثانية: “اللهمّ صلّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وباركْ على محمّدٍ وآلِ محمّد،

 

وارحمْ محمّداً وآلَ محمّد، أفضل ما صلّيت وباركْت وترحمتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيدٌ، وصلّ على جميعِ الأنبياء والمرسلين”.

 

ج- بعد الثالثة: “اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأمواتِ، تابع اللهمّ بيننا وبينهم بالخيرات، إنّك على كلّ شيءٍ قدير”.

 

د- بعد الرابعة: “اللهمّ إنّ هذا المُسجّى قُدّامنا عبدُك وابنُ عبدك وابنُ أمتِكَ، نَزل بكَ وأنت خيرُ منزولٍ به، اللهمّ إنّك قبضْتَ رُوحه إليك، وقد احتاجَ إلى رحمتك، وأنت غنيُّ عن عذابه، اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلمُ به منّا، اللهمّ إن كان محسناً فزدْ في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته، واغفر لنا وله، اللهمّ احشُره مع من يتولاه ويُحِبّه، وأَبعِدهُ ممّن يتبّرأ منه ويُبْغِضُه، اللهمّ أّلحِقْهُ بنبيّكَ وعرِّف بينهُ وبينه، وارحمنا إذا توفّيتنا يا إله العالمين, اللهمّ اكتُبْهُ عندَكَ في أعلى عِلِيّين، واخلُفْ على عَقبهِ في الغابرين، واجعلْهُ من رُفقاء محمّد وآله الطاهرين، وارحَمْهُ وإيّانا برحمتكَ يا أرحم الراحمين. اللهمّ عَفوَكَ عفوكَ عفوك”. وإن كان الميّت امرأة، يقول: “هذه المُسجّاة قدّامنا أمَتُكَ وابنةُ عبدِكَ وابنةُ أمتك…”. وإن كان الميّت طفلاً، دعا في الرابعة لأبويه، بأن يقول: “اللهمّ اجعلْهُ لأبويهِ ولنا سلفاً وفَرَطاً وأجراً”.

 

إدراك الإمام أثناء الصلاة:

من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه، وتابعه في التكبير، وجعل المأموم أوّل صلاته هو أوّل تكبيراته، فيأتي بوظيفته لا بوظيفة الإمام، فيأتي بالشهادتين، فإذا كبّر الإمام الثالثة – مثلاً – كبّر المأموم معه وكانت له الثانية، فيأتي بالصلاة على النبيّ وآله عليهم السلام ، فإذا انتهى الإمام من صلاته أتمّ المأموم ما عليه من التكبيرات مع الأدعية إن تمكّن منها ولو مخففة، وإن لم يمهلوه اقتصر على التكبير من غير دعاء.

 

1- الشكّ في عدد التكبيرات:

لو شكّ في التكبيرات بين الأقلّ والأكثر فالأحوط وجوباً الإتيان بوظيفة الأقلّ والأكثر برجاء المطلوبيّة في الأدعيّة.

مثلاّ: إذا شكّ بين الاثنين والثلاث بنى على الأقلّ، فيأتي بالصلاة على النبيّ وآله عليه السلام ويدعو للمؤمنين، ثمّ يكبّر ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويدعو للميّت، ثمّ يكبّر ويدعو للميّت، ثمّ يكبّر.

 

2- تعذّر الاستقبال واشتباهه:

أولاً: لو لم يمكن الاستقبال أصلاً سقط.

ثانياً: إن اشتبهت القبلة ولم يمكن تحصيل العلم بها، يُرجع إلى الأمارات التي يُرجع إليها عند فقد العلم، وإن فُقدت الأمارات يُعمل بالظنّ مع الإمكان. وإن لم يمكن يصلَّى إلى الجهات الأربع.

 

3- سقوط الصلاة:

أولاً: لا تسقط صلاة الميّت عن المكلّفين ما لم يأتِ بها بعضهم على وجه صحيح.

ثانياً: مع الشكّ في أصل الإتيان بالصلاة يبنى على العدم.

ثالثاً: إن جاء بها البعض وشكّ في صحّتها حُمل عمل المسلم المكلّف على الصحّة، فتجزي.

 

4- تعدّد الجنازات:

يجوز التشريك بين الجنازات في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدّام المصلّي مع رعاية المُحاذاة. والأوْلى انفراد كلّ منها بصلاة إن لم يخشَ على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها.

 

للمطالعة

 

آداب الصلاة على الميّت

وهي أمور، منها:

الأوّل: أن يقال قبل الصلاة: “الصلاة” ثلاث مرّات، وهي بمنزلة الإقامة للصلاة، والأحوط الإتيان بها رجاءً.

الثاني: أن يكون المصلّي على طهارة من الحدث، من الوضوء أو الغسل، أو التيمّم، ويجوز التيمّم بدل الغسل أو الوضوء – هنا – حتّى مع وجدان الماء إن خاف فوت الصلاة لو توضّأ أو اغتسل، بل مطلقاً.

الثالث: أن يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الذكر، وعند صدر الأنثى.

الرابع: نزع النعل، بل تكره الصلاة بالحذاء (وهو النعل)، دون الخفّ والجورب، وإن كان الحفاء لا يخلو من رجحان خصوصاً للإمام.

الخامس: رفع اليدين عند التكبيرات، ولا سيّما الأولى.

السادس: اختيار المواضع المعدّة للصلاة على الجنازة، وهو من الراجحات العقليّة، وأمّا رجحانه الشرعيّ فغير ثابت.

السابع: أن لا توقع في المساجد عدا المسجد الحرام.

الثامن: إيقاعها جماعة.

 

صلاة الوحشة

يستحبّ ليلة الدفن صلاة الهديّة للميّت، وهي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة، ففي الخبر النبويّ: “لا يأتي على الميّت ساعة أشدّ من أوّل ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين…”. وكيفيّتها على ما في الخبر المذكور: “أن يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد مرّتين، وفي

 

الثانية فاتحة الكتاب مرّة، وألهاكم التكاثر عشر مرّات، وبعد السلام يقول: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وابْعَث ثوابها إلى قبر فلان بن فلان، فيبعث الله من ساعته ألف ملك إلى قبره، مع كل ملك ثوب وحلّة، ويوسع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويُعطى المصلّي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات، وتُرفع له أربعون درجة”.

 

وعلى رواية أخرى: “يقرأ في الركعة الأولى الحمد وآية الكرسيّ مرة، وفي الثانية الحمد مرّة، وإنا أنزلنا عشر مرّات، ويقول بعد الصلاة: اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان”.

 

وإن أتي بالكيفيّتين كان أوْلى، وتكفي صلاة واحدة عن شخص واحد، وما تعارف من عدد الأربعين أو الواحد والأربعين غير وارد، نعم لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في الشرع، والأحوط قراءة آية الكرسيّ إلى هم فيها خالدون، ويجوز الاستئجار وأخذ الأجرة على هذه الصلاة، والأحوط البذل بنحو العطيّة والإحسان وتبرّع المصلّي بالصلاة، والظاهر أنّ وقتها تمام الليل، وإن كان الأوْلى إيقاعها في أوّله.

[1] الكافر: هو من انتحل غير الإسلام، أو انتحل الإسلام وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، بحيث يرجع جحوده إلى إنكار الرسالة، أو تكذيب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، أو تنقيص شريعته المطهرة، أو صدر عنه ما يقتضي كفره من قول أو فعل.

والمرتّد نوعان: فطريّ وملّيّ.

أ- الفطريّ: وهو من انعقدت نطفته وكان أبواه مسلمين أو كان أحدهما مسلماً، ثمّ أسلم ثمّ أعلن كفره بعد بلوغه.

ب- الملّيّ: من انعقدت نطفته وكان أبواه كافرين، ثمّ بعد بلوغه أعلن إسلامه، ثمّ كفر.

[2] الإمام الخامنئي: لا يبعد عدم اشتراط الشرائط المعتبرة في الجماعة، وفي إمام الجماعة في بقيّة الصلوات في صلاة الميّت وإن كان الأحوط مراعاتها فيها أيضاً.

[3] فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الأولى: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد الثانية، يقول: اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد وبعد الثالثة: اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وبعد الرابعة: اللهمّ اغفر لهذا الميت، ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف.

شاهد أيضاً

العقل والجهل في الكتاب والسنة – محمد الريشهري

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة على عبده المصطفى محمد وآله الطاهرين وخيار صحابته أجمعين. ...