الرئيسية / الاسلام والحياة / وصول الأخيار إلى أصول الأخبار – والد البهائي العاملي

وصول الأخيار إلى أصول الأخبار – والد البهائي العاملي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله موصل الخيرات للاشرار والاخيار، المفيض لعباده الاقران والاغيار، الذي أرسل الانبياء للهداية والدراية. ونصليي ونسلم على الانبياء والمرسلين، سيما على خاتمهم سيد الانجبين، وعلى وصيه وخليفته علي أمير المؤمنين، وعلى أولاه الطاهرين الطيبين، لا سيما على ناموس الدهر وصاحب الزمان والعصر مبير الظالمين وعون المظلومين. اللهم عجل فرجه الشريف، واملأ به الارض قسطا وعدلا. آمين يا رب العالمين. ان فضيلة الاحاديث النبوية الشريفة والاخبار الولوية الرفيعة لا تخفى على كل ذي فراسة وفهم وانصاف بعد كلام الله المجيد، لانها صدرت من منبع الرسالة وجرت عن ينبوع الولاية، وفيها صلاح الدنيا وفلاح الاخرة، وبها يدرك مراده تعالى من الايات الكريمة التي نزلت على صدر الرسول الشريف ووقعت في نفسه الكريمة، وهو صلى الله عليه وآله وسلم تحمل أثقالها وتكلف أعباءها، وعنده أسرار هذه الايات مكشوفة ومعانيها معلومة، وهو صلى الله عليه

[ 4 ]

وآله وسلم أعطى كل ما عنده من العلوم وشؤونات الرسالة – عند رحلته عن هذه الدنيا الدنية الحق علي أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، الا أنه لا نبى بعده صلى الله عليه وآله، وعلمه أبواب العلوم ودرسه فصولها كلها. وانتقلت هذه الشؤونات الى أولاده الطاهرين المعصومين عليهم السلام واحدا ” بعد واحد، ولا فرق بينهم عليهم السلام في ذلك بالزيادة والنقصان، أولهم آخرهم وآخرهم أولهم – أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد – فهم (ع) عدل الكتاب ومبينيوه، وهم يعرفون آياته ظاهرها وباطنها ومطلقها ومقيدها، وهم يعلمون أنها في أي وقت نزلت وأين نزلت وكيف نزلت ولم نزلت. قال السيوطي في الاتقان 2 / 187 عند ذكر طبقات المفسرين وأن في الطبقة الاولى الخلفاء الاربعة: وأما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن ابى طالب [ سلام الله وصلواته عليه ] والرواية عن الثلاثة نزرة جدا “. وقال: ولا أحفظ عن أبى بكر في التفسير الا آثارا ” قليلة جدا ” لا تكاد تجاوز العشرة أقول: نعم كيف يفسر القرآن من لا يعرف (ابا “) ومن أقر على أن المخدرات عرفانهن أجدر منه. قال: وأما علي [ عليه السلام ] فروي عنه الكثير، وقد روى معمر عن وهب ابن عبد الله عن ابى الطفيل قال: شهدت عليا ” يخطب وهو يقول: سلوني فو الله لا تسألون عن شئ الا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: ان القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف الاوله ظهر وبطن، وان علي بن ابى طالب عنده منه الظاهر والباطن.

[ 5 ]

وأخرج أيضا ” من طريق ابى بكر بن عياش عن نصير بن سليمان الاحمسي عن أبيه عن علي [ عليه السلام ] قال: والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت، ان ربى وهب لي قلبا ” عقولا ولسانا ” سؤلا. انتهى ما عن السيوطي. وروى العلامة المحدث الفيض الكاشاني في الصافي عن الكافي والعياشي واكمال الدين عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول – وساق الحديث الى أن قال: ما نزلت آية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها، فأكتبها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعى الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، وما نسيت آية من كتاب الله ولا علما ” أملاه علي فكتبته منذ دعا وما ترك شيئا ” علمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون من طاعة أو معصية الا علمنيه وحفظته فلم أنس منه حرفا واحدا “، ثم وضع يده على صدري ودعى الله أن يملا قلبى علما ” وفهما ” وحكمة ونورا “، فقلت: يا رسول الله بأبى أنت وأمي مذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ” ولم يفتني شئ لم أكتبه أو تتخوف علي النسيان فيما بعد ؟ فقال: لست أتخوف عليك نسيانا ” ولا جهلا. وبهذا يظهر أن علم دراية الحديث أشرف العلوم، لانه وضع لمعرفة الاحاديث الشريفة من حيث الصحة والوثوق والحسن والضعف وغيرها من شئون الاحاديث والاخبار، والعلماء رضوان الله تعالى عليهم تصدوا الى تعليم وتعلم هذا العلم الشريف في كل عصر وزمان وكتبوا في مطويات تصنيفاتهم، وبعضهم ألف كتابا مستقلا في ذلك العلم. وكان من جيد ما ألف في موضوع الدراية كتاب (وصول الاخيار الى أصول

[ 6 ]

الاخبار) الذي هومن مؤلفات علامة زمانه ومحدث أوانه الشيخ الاديب الفاضل المحقق المدقق عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي. وكنت منذ أمد أفكر في احيائه واخراجه بطبع جيد، الا أن الشواغل والموانع تمنعني عن تحقق هذه الامنية، وانتظرت الفرصة حتى من الله تعالى علي بها في هذه الايام، فقابلته على نسخة مخطوطة وعلقت عليه بالضروري اللازم واكتفيت في التعاليق بالاهم الاليق. والله عز شأنه المسؤول في أن يوقفنا لما فيه الخير والصلاح ويجنبنا عن مواضع الخطأ والخطل وهو المجيب للدعوات الاخذ بأيدي عباده. قم 15 ربيع الاول 1401 عبد اللطيف الحسينى الكوهكمرى عفى عنه.

[ 7 ]

تعريف الكتاب قال في رياض العلماء: ومن مؤلفاته كتاب (وصول الاخيار الى أصول الاخبار)، وهو كتاب حسن طويل الذيل جدا ” في علم الدراية، وقد ذكر في أوله أدلة الامامة وأطال البحث فيها، وقد رأيته بساري وطهران وغيرهما. وهو كثير الفوائد والمطالب، وهو ثاني مؤلف في علم الدراية من طريقة أصحابنا، وقد سبقه استاده الشهيد الثاني بذلك. انتهى. وقال ايضا ” في ترجمة استاذه الشيخ زين الدين الشهيد: ثم اعلم أن الشيخ زين الدين هذا هو أول من نقل علم الدراية من كتب العامة وطريقتهم الى كتب الخاصة، وألف فيه الرسالة المشهورة ثم شرحها كما صرح به جماعة ممن تأخر عنه، ويلوح من تتبع كتب الاصحاب أيضا “، ثم ألف بعده تلميذه الشيخ حسين ابن عبد الصمد الحارثي وبعده ولده الشيخ البهائي وهكذا. ثم قال بعيد هذا: وهو – أي الشهيد الثاني – أول من صنف من الامامية

[ 8 ]

في دراية الحديث، لكنه نقل الاصطلاحات من كتب العامة كما ذكره ولده وغيره. وقال السيد الصدر رحمه الله تعالى في تأسيس الشيعة: ان أول من دون علم دراية الحديث هو أبو عبد الله الحاكم النيسابوري الامامي الشيعي، قال في كشف الظنون في باب حرف الميم: (معرفة علم الحديث) أول من تصدى له الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري المتوفى سنة 405 – الى أن قال – وتبعه ابن الصلاح. انتهى قوله. ثم السيد ذكر تصريح عدة من علماء السنة على تشيع الحاكم المزبور منهم السمعاني وابن تيمية والحافظ الذهبي وابن طاهر وابو اسماعيل الانصاري. ثم بعد هذا رد قول جلال الدين السيوطي في (الوسائل في الاوائل): انه أول من رتب أنواعه ابن الصلاح في مختصره المشهور، فقال: ان ما بين ابى عمر وعثمان بن عبد الرحمن المشهور بابن الصلاح والحاكم النيسابوري بنحو مائتي سنة، فالحاكم هو المتقدم في وضع أنواع الحديث لا ابن الصلاح التابع له في ذلك. الى أن قال: فاعلم أن أول من صنف فيه بعد الحاكم المؤسس: السيد جمال الدين احمد بن موسى بن طاوس أبو الفضائل المتقدم المتوفى سنة 673 وهو استاد العلامة ابن المطهر الحلي، وهو واضع الاصطلاح الجديد للامامية في صحيح الحديث وحسنه وموثقه وضعيفه كما نص عليه كل علماء الرجال في ترجمته. ثم ان السيد رحمه الله ذكر علماء الدراية وقال: وأما الذين صنفو ا في علم الدراية فكثيرون، منهم:

[ 9 ]

السيد علي بن عبد الحميد النجفيي، له شرح أصول دراية الحديث من علماء أول المائة الثامنة، يروي عن العلامة الحلي، وهواستاد ابن فهد الحلي – الى آخر كلام السيد رحمه الله. أقول: بعد ما سمعت هذه الاقوال فقد ظهر لك أنه ليس أول من ألف في علم الدراية هو الشهيد الثاني حتى يكون المترجم له ثانيهما وان لم نقل بتشيع الحاكم النيسابوري، فأول من ألف في علم الدراية من الشيعة الامامية هو السيد جمال الدين احمد بن طاوس، ثم بعده السيد علي بن عبد الحميد النجفي النيلي، وهكذا الى أن قام شيخنا المترجم له فألف كتابه هذا بأحسن اسلوب وأتقن طريق حري ان يكتب بالنور على خدود الحور. جمع في هذا الكتاب محاسن مسائل علم الدراية، وأدرج فيه مكارم مباحثه لا سيما في أول الكتاب – أضاف نورا ” على نوره – حيث بحث عن مسألة الامامة وأثبت وجوب التبعية للائمة المعصومين عليهم السلام وأخبارهم وأحاديثهم والمنع عن غيرهم بالادلة المتقنة والبراهين المحكمة من الكتاب والسنة والعقل والاجماع.

شاهد أيضاً

ما يقوله القرآن في آية الكرسي/9- الاستغاثة باسمه العظيم – سماحة الشيخ فاضل الصفار

إقرأ المزيد .. السيد خامنئي: “إسرائيل” أوقعت نفسها في الفخ.. وفي طريقها إلى الزوال الإمام ...