الفضائل والرذائل

وسوف يرضى عنا عزرائيل إذا كانت أعمالنا حسنة ويسعف استغاثتنا أثناء الموت.
ولن يرضى عنا إذا كانت أعمالنا سيئة ويستخرج أرواحنا بشدة ومشقة وإيذاء.
وهذه هي الالتفاتة الثانية.
– شهادة الدنيا على الإنسان:
وهناك التفاتة أخرى يجب مراعاتها في مجال التفكر وهي انه بالإضافة إلى الله والنبي والأئمة الطاهرين وملائكة الله المقربين (ع) فان الباب والحائط والزمان والمكان كلهم حاضرون أيضا ويرقبون أعمالنا وأقوالنا، وهذا مما شهد به القرآن، ونحن نستفيد من القرآن إذا بأن العالم حي وله شعور.
إذا كنا نسمع ونرى ونعقل، علينا أن نفهم ان الباب والحائط ذوا انتباه وأن الزمان والمكان أحياء.
ولا يستطيع العلم إثبات مثل هذا الأمر، وكذلك علم الفلسفة والعرفان لا يستطيع أن يقول لنا أن شهر رمضان المبارك حي مثلا.
ماذا يعني أن الأرض التي نجلس عليها ذات انتباه. وكذلك الأعمدة والسقف.
والسماعة التي أمامي والمصباح الذي فوق رأسي وأخيرا بأي معنى تكون جميع الأشياء في العالم ذات شعور، العلم لا يستطيع إثبات ذلك، ولكن القرآن يقول:
(وان من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) (6). لا يوجد في هذا العالم شئ إلا وله شعور ويسبح الله، وان صوت (سبحان الله) و (الله أكبر) يصدح عاليا في عالم الوجود.
القرآن يقول من كان له اذن قلب يفهم أن العالم يتكلم معه بنفس الصوت، لقد كان للنبي داوود (ع) أذن قلب، لذلك عندما كان يقرأ الزبور فإنه يسمع صوت وترديد الأشياء من حوله، يسمع مناجاة وتسبيح الجبل والباب والحائط والطير وغير الطير.
(يا جبال أوبي معه والطير) (7).
(نحن نسمع ونبصر ونعقل، وهذا يعني أننا صامتون مع الأجانب عنا) لكي يسمع الإنسان أو يرى هذه الأشياء يحتاج إلى قلب وأذن وعين.
إذا فكر الإنسان وتأمل مرتين أو ثلاث مرات في اليوم. فسوف يصل رويدا، رويدا على الإحساس بأن الباب والحائط والزمان والمكان يرقبون أعماله وأقواله.
نقرأ في الروايات أن الليالي والأيام تشهد
(٩)
لصالح الإنسان أو تشهد ضده يوم القيامة.
أي أن اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك يشهد يوم القيامة بوجود مصلى للجماعة، أو منبر للإرشاد أو خطبة، ويشهد بأن الخطبة كانت لله أم كانت لغيره، وبالنتيجة يشهد إثما كان ما جرى أم ثوابا.
أما بخصوص المكان فان القرآن الكريم يقول في سورة الزلزلة:
(بسم الله الرحمن الرحيم * إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها * يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
تحدث زلزلة عجيبة تجمع الناس يوم القيامة أمام الله، وتشهد الأرض على الإنسان عند ذاك.
لو أن شخصين اغتابا أحدا في شهر رمضان المبارك، فان الأرض تشهد عليهم يوم القيامة.
لو أن شخصين فعلا ما ينافي العفة – لا سمح الله – في غرفة ما، فان الأرض والسرير والفراش ووسائل النوم تشهد كلها على ذلك الرجل وتلك المرأة.
يصاب الإنسان بالذعر ويسأل الأرض، لماذا تشهدين ضدي؟ فتجيبه لأن الله أنطقني، اليوم يوم الفضيحة، ولئن سكت في الدنيا فلأن الله لم يسمح بذلك.
أما في يوم القيامة فان الله يأمرها بالكلام (بأن ربك أوحى لها) يعني أيها الرجل وأيها المرأة إن هذه الأرض التي نعبد عليها بمقدورها التكلم معنا.
ولكن الله سمح لها أن تخاطب بعض الناس فقط. أما يوم القيامة فتخاطب جميع الناس.
فتشهد إن كان هناك من عباده، كما تشهد إن كان هناك من ذنب لا تظن بأننا فقط لدينا شعور، نعم الإنسان لديه شعور ولديه قابلية، له مرتبة ومنزلة كالورد المنثور على سلة هذا العالم، ولكنه كما قال صدر المتألهين (رضوان الله عليه).
(فكل موجود لديه من العلم والشعور والقدرة والإرادة بمقدار سعة وجوده)، وهذه العبارة العرفانية صاغها صدر المتألهين من القرآن ومن روايات أهل البيت (ع).
– شهادة أعضاء الجسم على الإنسان:
يجب الانتباه لشئ آخر أكثر أهمية من كل ما
(١٠)

شاهد أيضاً

منهج في الإنتماء المذهبي – صائب عبد الحميد

ما الذي يحملني على الإعتقاد – إلى حد التسليم – بأن مذهبي الذي ورثته عن ...