72ــــــــــ أبوصادق الغنام ـــــــــــــــــــــــــ
ولد في محافظة الديوانية — حي الجمهوري عام1956م، فتح عينيه ليرى الدنيا من خلال مجتمع الفطرة السليمة والطيبة والكرم والوفاء، ونشأ في أسرة يرجع نسبها إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله، وسط علاقات اجتماعية متينة مفعمة بالحب والحنان والعطف…
عاش وكبر في أجواء محافظة الديوانية، فكان ملؤه حبا وحنانا وعطفا لأهله وشعبه، وكان أهل منطقته يفيقون على صدى صوته الذي كان يردد (الله أڪبر…. الله أڪبر) من مئذنة الحي الجمهوري — مسجد الحكيم.
عاش جادا رغم العوز والفاقة، فاجتاز كل المراحل الدراسية بتفوق حتى أڪمل كلية الزراعة في جامعة بغداد ليتخرج مهندسا زراعيا عام1978م. انتمى إلى حزب البعث لكنه سرعان ما قرأ المستقبل وعرف البعثيين ومنهجهم المحارب لكل ما يمت للدين بصلة فسعى للخلاص من حبال ذلك الحزب المشؤوم. لهذا كان تحت الرقابة الشديدة التي فرضها عليه جهاز الأمن البعثي الظالم حتى في مقر عمله، ولكنه لم يعر للأمر أي اهتمام، وقد استدعي من قبل جهاز الأمن بوشاية من الذين يعملون معه الذين لفقوا التهم ضده، لكن الله نجّاه منهم.
سيق مكرها إلى الحرب الظالمة التي فرضها صدام المقبور على إيران ولشهادته الدراسية منح رتبة ملازم أول احتياط، لكنها كانت فرصته المواتية للخلاص من تلك المحرقة التي لم يهدف منها النظام إلا خدمة أسياده، إذ منّ الله عليه بالخلاص بعد أن وقع في أسر قوات الجمهورية الإسلامية في إحدى العمليات.
وبفضل من الإعداد النفسي والثقافي والفكري في معسكر الأسرى، بدأ مرحلة جديدة في إلقاء محاضرات ودروس للأسرى ليوضح لهم حقانية الجمهورية الإسلامية وعدالة حربها الدفاعية ضد النظام البعثي المعتدي، وبسبب قدرته على المناقشة وقوته في المحاورة استطاع أن يفند الكثير من الآراء المغرضة، والشبهات التي يسوقها الأعداء حول الإسلام وقضايا الحرب والثورة الإسلامية، وكان لنشاطه دور مهم في توعية الآخرين وقد تحمل من أجل ذلك كيد بعض الأسرى البعثيين.
وفقه الله للالتحاق بإخوته المجاهدين من قوات بدر بتاريخ10/7/1986م، وذلك ضمن الوجبة الأولى من المقاتلين، الذين لبوا نداء الحق والدفاع عن بيضة الإسلام، فتولى إمرة فصيل مقاومة الدروع.
اشترك في عمليات حاج عمران وهي أول معركة خاضها مع المجاهدين ضد العفالقة المعتدين وقد عُرف بالشجاعة والذكاء وحسن التدبير.
عرف أبوصادق بتواضعه فأحبه المجاهدون، وكان مثلا للمؤمن الملتزم الذي يسعى لتقوية أواصر المحبة والصداقة مع الآخرين، وكان كثير التحرك في الوسط الاجتماعي وكان ذكيا في مخالطة الناس، مداوما على المستحبات وخاصة صلاة الليل والحضور في المجالس الحسينية والأماڪن التي يُقرأ فيها دعاء كميل والتوسل ودعاء الندبة. وكان حريصا على أداء واجبه بدقة وجدية.
كانت مشاركته القتالية الأخيرة على أطراف مدينة البصرة في منطقة الصالحية، حيث التحق بالرفيق الأعلى صبيحة اليوم الأول من العمليات بتاريخ20/1/1987م، على أثر قذيفة مدفع أثناء الوضوء لصلاة الفجر فكان ذلك الوضوء وضوء الشهادة، وهو أول شهيد يسقط من فوج جعفر الطيار في تلك المعركة، وسطر بذلك كلمات الصدق التي طالما رددها: ألم نقل في الزيارة ياليتنا كنا معكم سيدي فنفوز فوزا عظيما، وهذا نجل الحسينعليهالسلام — الإمام الخميني رضواناللهتعالىعليه — فلم الانتظار؟.
ومن وصيته رحمهاللهتعالى (تذكروا ياإخوتي إني عندما سلكت هذا الطريق ليس إلا لمرضاة الله سبحانه وتعالى، ثم تحقيق الإسلام وشريعة الله على أرض العتبات المقدسة حتى يعم الإسلام المعمورة، ولكي ترجع البسمة إلى الشفاه التي فارقتها منذ زمن بعيد ولتطمئن النفوس… لقد سلكت هذا الدرب وكلي ثقة وقناعة بأنني لم أقم إلا بما أستطيع من تكليف شرعي تجاه الإسلام الذي يمثل حرمتي وكرامتي التي سلبني إياها الطغاة بل وأنا دائم الشكر لله عز وجل للهداية التي منَّ بها علي للسير على نهج الأولياء…
ربي وفقني لأن أفعل ما أقول، وأڪون مخلصا فيما أقول، وأقاتل أعداء دينك واستشهد على الطريق الذي استشهد عليه أنبياؤك وأولياؤك، وعلى الطريق الذي سقط فيه الحسين عليهالسلام مضرجا بدمه…).
سلام عليك أباصادق يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا