الأولى: طاعة الله فيك أي تُساعده على برِّك، فقد ورد أنّه رحم الله من أعان ولده على برِّه، فعن يونس بن رباط عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال:
“قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله من أعان ولده على برِّه.
قال “الراوي”: قلت: كيف يُعينه على برِّه؟
قال: يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يُرهقه، ولا يخرق به، فليس بينه وبين أن يصير في حدٍّ من حدود الكفر إلا أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم”15.
أي عليك أن لا تحمّله أكثر مما يُمكن له أن يحمل بل تقبل منه ما تيسّر، ولا تُتعبه، فعليك أن تكون واقعياً في النظر إلى قابليّاته لا أنّك دائماً تُطالبه بالأمور الكبيرة وتُعيّره وتؤذيه بالقول له: إنّك غير نافع وغير مجدٍ وأمثال تلك العبارات.. لأنّه لم يأت بما قد رسمته أنت له في نفسك ومخيّلتك.. وبالتالي تُحرجه وتُخرجه عن إطار رضاك عنه وتكون قد اضطررته إلى عقوقك وبالتالي إلى معصية الله تعالى.
الثانية: أن تُعينه على طاعة الله في نفسه، أي تُساعده على أن يكون تقيّاً مطيعاً لله تعالى بينه وبين ربِّه، وذلك بتحفيزه على فعل الطاعات وترك المحظورات والمحرّمات والتدرُّج بمراتب التقوى.
ولا بُدّ من الالتفات إلى ما أراد الإمام عليه السلام التنبيه عليه وهو أنّ هذه المسؤوليات ليست مجرّد أمور مستحبّة، لك تركُها، بل أنت معاقب إذا فرّطت فيها ومثاب على مراعاتها وتعاهدها، وذلك نفهمه من قوله عليه السلام: “فمثاب على ذلك ومعاقب..فاعمل بأمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه”.
15- الكافي، الشيخ الكليني، ج 6، ص 50.
وأيضاً من حقِّ الولد على والده:
أن يختار أمّه.
أن يُحسِّن اسمه.
أن يُعلِّمه القرآن.
أن يزوّجه إذا بلغ.
أن يعلم بأنّه أمانة في عنقه يتمّ حفظها بتربيته تربية إيمانية بما ذكرنا آنفاً.
أن يرزقه طيّباً، أي “يُطعمه رزقاً حلالاً ولا يُطعمه من مال حرام”.
أن يدعو له فيما بينه وبين الله تعالى.
أن يُكرمه، “أكرموا أولادكم”16.
المبادرة إلى التربية قبل فوات الأوان: “بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن يسبقكم اليهم المرجئة”17.
تعليمهم الصلاة أبناء سبع، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:”علِّموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعاً واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً”18.
أن يضعه موضعاً صالحاً.
ثالثاً: بعد معرفة مسؤوليّتنا الكبرى تجاه أبنائنا، وأنّ الشريعة كلّفتنا تهيئة الأجواء الصالحة والمناخات الملائمة لهم لكي يكونوا صالحين، وتربيتهم على المبادئ والقيم الحميدة، وصدّهم عن كلّ ما يكون مظنّة فساد أو انحراف ديني أو خُلقي، بعد معرفة هذا لا بُدّ من التعرُّف إلى أساليب التربية الصالحة الّتي من خلالها نصل إلى الغاية المنشودة، وهذا يستدعي اهتماماً كبيراً ومتابعة مستمرّة، ومراقبة وعناية غير منقطعة، وهذه المسؤولية لا تتلاءم أبداً مع اللامبالاة والتهاون.
16- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 21، ص 476.
17- م.ن، ج 21، ص 477.
18- ميزان الحكمة، الريشهريّ، ج 1، ص 56.