روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________
1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.
الابتعاد عن النزعة الأرستقراطيّة:
أيّها الإخوة، يدعونا أمير المؤمنين عليه السلام إلى تسيير حياتنا باتّجاه الزُّهد.
في هذا العصر, إن أحسسنا أنّ الحياة تتّجه نحو النّزعة الأرستقراطيّة، فبالتّأكيد هو انحراف غير قابل للعودة عنه.
________________________________________
4- لقاء مع جمع من مسؤولي وموظّفي الجمهوريّة الإسلاميّة، 05/12/1990.
علينا التّحرّك إذاً نحو الزُّهد، ولا نعني بذلك الزُّهد المتعلّق بأولياء الله، كلاّ، فمسؤولو الدّرجة الأولى ومسؤولو الدرجة الثّانية، إلى أولئك المسؤولين في الدّرجات الأخرى، عليهم جميعاً أن يتحرّكوا نحو الزُّهد, كُلٌّ بقدره، حتى نصل إلى عامّة الشّعب. عليهم أيضاً ألاّ يُسرفوا ويَنساقُوا نحو التَّرَف والأُبّهة، فالزُّهد ليس محصوراً بالمسؤولين، فما نراه من المهور العالية التي يضعونها لزواج بناتهم أمرٌ خاطئ، لا نقول هو حرامٌ، ولكنّها ظاهرة سيّئة وقبيحة في المجتمع، لأنّها تضع القيم الإنسانية في دائرة قيمة الذّهب والأموال، ففي المجتمع الإسلامي القضيّة ليست كذلك.
المسألة هي أنّ هذا التّصرّف ليس صحيحاً، ولا ينمّ عن عقلانية، وهو خلاف العقل والحكمة السّليمة. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم زوَّج ابنته بمهرٍ قدره خمس وعشرون أوقية فضّة، بالمثقال المتعارف في ذلك الزمان، وكذلك فعل أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام.
الانحراف عن الدور الأساس خيانة:
إنّ مظاهر حياة الزّخرفة هذه، وازدياد ظواهر التَّرَف في الحياة الشّخصيّة، كلها أمورٌ خاطئة. أحياناً يكون من الضّروريّ إنشاء السّاحات وشقّ الطّرقات بشكلٍ جميلٍ وجيّد، وهذا ليس محلّ بحثنا، إنّما المقصود ما يتعلّق بأشخاصنا أنا وأنتم5.
إنّ المسؤولين مكلّفون بأداء وظائفهم، وكلّ من ينحرف عن أداء دوره
________________________________________
5-حديث الولاية (موسوعة خطابات الإمام الخامنئي)، ج7، ص40- 55.
الأساس، ويُشغِل نفسه ويتلهّى بأدوارٍ أخرى، يخون الأمانة، وسيكون مورداً للّعنة الأبديّة.
نحن المسؤولون، علينا إحياء الرّوح الإسلاميّة في داخلنا، والابتعاد عن روح النّزعة الأرستقراطيّة، والانعتاق من الاستفادة الشّخصيّة، ومن السّعي وراء المصالح الشّخصيّة وطلب الثّروات والكماليّات، وما شابهها. وإن وجدنا أنّ بعض مشاكلنا لا تُحلّ، فالسّبب هو هذا، وهو ما يجب علينا إصلاحه6.