روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________
1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.
النزعة الدنيويّة تودي بتاريخ الإسلام:
لقد رَسَم نفوذ القوى العظمى وتدخّلها السياسي والعسكري تاريخاً لمصير عشرات الملايين من أفراد شعوب منطقة الشّرق الأوسط، وتَرَك آثاره بشكلٍ أو بآخر على العالم أجمع…
إنّ أحد أعظم الموانع في هذه المنطقة هو روح النّهضة الإسلاميّة، والتي تُشكّل إيران نُواتها ومركزها.
علينا أن ندرك اليوم -كلُّ واحدٍ منا – هذا الأمر، وأن نعرف أنّ استسلامنا في مقابل الأهواء النفسيّة، طلب الدّنيا، الرّفاهيّة، واللّذات
المُنحَطَّة والحقيرة، لا يعني أن يخسر شخصٌ ما هويّته فقط، إنّما نساهم – بحسب حجم تأثير كلٍّ منّا – في خسارة العالم الإسلامي، وخسارة منطقة عظيمة من العالم، وبالتّالي سنخسر تاريخ الإسلام. علينا الالتفات جيّداً إلى هذا الأمر.
لا تسمحوا أن يُبتلى الحرس بفقدان الدّافع. لا تسمحوا بابتعاد الحرس عن الرّوحيّة الثّوريّة والدّينيّة التي تُشكِّل المُكوِّنات الأساسيّة له. فمن وجهة نظري، تعدّ هذه من أهمّ المسؤوليّات والمهامّ المُلقاة على عاتق مسؤولي الحرس.
لا تتورّطوا بالانتفاع والتفكير المصلحي:
البذخ داخل تنظيم الحرس غير مرغوب فيه أبداً. كما أنّ الاستفادة الشّخصيّة للقادة – أنتم بالذّات – والانتفاع والتفكير المصلحي أمور مرفوضة بالكامل. انتبهوا كي لا تتورّطوا، وكي لا تتلوّثوا.
قد يكون سماع هذه العبارات صعباً على بعض الآذان، لأنّهم يرون أشخاصاً في مجالات الاستفادة الشخصيّة يبذلون ماء وجوههم، وكلّ ما لهم من حيثيّة، ويبذلون شخصيّتهم وجهدهم الفكري والعملي للحصول على ربح مادّي حقير. في الواقع, هذا الأمر فيه الكثير من التحقير للإنسان المسلم، المجاهد، والمقاوم. هذا ما فعله أهل الدنيا على امتداد التّاريخ، استفادوا بمقدارٍ قليل، ثمّ تركوه بعد ذلك ورحلوا.
بالنسبة للأشخاص الذين يمتلكون فكراً راقياً، وآمالاً عظيمة إلهيّة وإسلاميّة, وتشرّفوا بالجهاد في سبيل الله, وتشرّفوا بالحضور في أهمّ
ثورة تحمل راية الإسلام في هذا العصر وما زالوا، فإنّه لمن المُعيب بعد مرور هذه الأعوام، أن يسلكوا الطريق المعوج الذي سعى إليه طلاّب الدّنيا والمهووسون بها.
فالعزّة هي – وعندما ترون بعض الناس يتنازع على جيفة الدّنيا, وهم حاضرون لإنكار جميع الحقائق لأجلها- أن تقفوا وتنظروا باحتقارٍ لهذه الجيفة وتحفظوا أنفسكم من التلوّث بها. هذه هي العزّة، وهذا ما يُوجب الثواب الإلهي والأجر الإلهي، ويُورث العزّة الدنيويّة والأخرويّة، وثناء ملائكة الملأ الأعلى واغتباطهم. هذا ما يجب السّعي إليه.
ما له قيمة هو هذا الأمر.
إلاّ أنّه يجب أن أقول لكم أيضاً: أحياناً لا يُدرك الإنسان ولا ينتبه إلى أنّه يتحرّك في مثل هذا المسير الخاطئ، لذا يجب تنبيهه، والتحدّث إليه.
عندما نقول: البذخ، سيقول الكثيرون: كلاّ, الحمد لله، نحن لا نسعى وراءه، إلاّ أنّهم في الواقع غير مُلتفتين. وإذا ما دقّقنا في طبيعة عيشهم يمكن ملاحظة إشارات ونماذج تدلّ على هكذا خطأ وهفوة في حياتهم، في حين يكون الإنسان نفسه غير ملتفتٍ لذلك.
هذا النوع من الهَفَوات والسَّقطات التي يقع فيها الإنسان, لا تظهر تأثيراته بسرعةٍ، بحيث تجعله ملتفتاً ومدركاً لها.
على أيّ حال، نسأل الله أن يحفظنا بالبصيرة من الانزلاق في المزالق التي سقط الكثيرون فيها.
عليكم أن تحفظوا الحرس بقدرته المعنويّة الخاصّة به. وهذه القدرة المعنويّة لا تحصل إلاّ بحفظ تلك الروحيّة التي تَشَكَّل الحرس على أساسها، عندها يصبح الارتباط بمعسكر الحسين بن عليّ عليه السلام ارتباطاً واقعيّاً، وتكون نوعيّة وقيمة انتسابكم لسيّد الشهداء أكثرَ واقعيّةً وفخراً من انتساب أبناء ذلك العظيم له، لأنّ الكثيرين كانوا أبناءً حقيقيّين لأولئك العظماء, لكنّهم لم يعرفوا حقّهم, وأحياناً رفعوا السيف في وجههم، أو تحرّكوا بعكس حركتهم.
أسألُ الله التّوفيق لكم جميعاً2.