قصيدة منشورة في موقع جريدة الجزيرة السعودية
بعنوان : رسالة إلى علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام
شعر: عبد الرحمن صالح العشماوي
مِنْ أينَ أبدأُ – يا عليُّ – حكايتي ** إني لأخشى أنْ تطولَ فصولُها
هذي خيولُكَ ما يزالُ أَصيلُها ** يُحيي المشاعرَ رَكْضُها وصهيلُها
تجري فتنقدحُ الحَصَا من لهفةٍ ** وتُسَرُّ من أرضِ الوفاءِ حُقولُها
تُشجي حوافرُها الترابَ وتَنتشي ** أرضُ الإباءِ، جبالُها وسهولُها
هذي خيولُكَ طابَ فيكَ مُقامُها ** وإلى البطولةِ طابَ منكَ رَحيلُها
فغدُوُّها وروَاحُها نحــو العُــلا ** يتسابقانِ ، ورَكْضُها تَرْفيلُهــا
أنتَ الذي رَوَّضْتَها وهْيَ التي ** يهفو إليكَ صعودُهـا ونُزولُهــا
أولستَ (حَيْدَرَةَ) البُطولةِ يلتقي ** في راحتَيْكَ مَبيتُها ومَقِيلُها؟
لو زُوِّجَتْ رُوحُ البُطولةِ لانْبَرى ** صوتُ الإباءِ يقولُ أنتَ حَليلُها
أَلْبَسْتَ شَرْخَ صِباكَ ثوبَ عقيدةٍ ** لمَّا أضاءَ لكَ الدُّجَى قنديلُها
يا ابنَ الأكارمِ يا ابنَ أُمَّتِنا التي ** وَرِثَ النُّبوَّهَّ والكتابَ رسولُها
يا مَنْ حَمَيْتَ على الفراشِ مكانَهُ ** والجاهليَّةُ يستبدُّ جَهُولُها
نثرَ الترابَ على الرؤوسِ مُهاجراً ** واللَّيْلَةُ اللَّيْلاءُ يَنْعَسُ فِيلُها
كنتَ الفدائيَّ الذي ابتهجتْ بهِ ** سُحُبُ الوفاءِ وسحَّ فيهِ هَطولُها
أدَّيْتَ عنْ خيــرِ العبــادِ أمانــةً ** تمَّتْ مقاصدُها وخـفَّ ثقيلُهـا
ومضيتَ مرفوعَ الجبينِ مهاجراً ** يحلو لنفسكَ في الإلهِ رَحيلُها
تمشي على قدمَيْكَ مِشْيَةَ فارسٍ ** لمْ يَثْنِهِ وَعْرُ الطريقِ وطُولُها
آخاكَ في الإسلامِ أفضلُ مُرْسَلٍ ** نعمَ الأُخُوَّةُ لا يُرامُ مَثيلُها
مِنْ أينَ أبدأُ يا عليُّ حكايتي ** إني لأخشى أنْ تطولَ فصولُها
قد تخذلُ الأفكارُ طالبَ وُدِّها ** ويخونُ ورقاءَ الغصونِ هَديلُها
كالناقةِ الكَوْماءِ تمنَعُ حالباً ** من حَلْبِها ، لمَّا يَغيبُ فَصيلُها
مَن أنتَ؟ قالَ المجدُ لي مُتَعَجِّباً ** هذا أبو السِّبْطَيْنِ كيفَ تقولُها؟
هذا ابنُ عمِّ المصطفى ووليُّهُ ** هُوَ زوجُ فاطمةِ التُّقى وحَليلُها
هذا فتَى الحَرْبِ الضَّروسِ إذا رَمَى ** بالقوسِ فيها استَرْحَمَتْهُ فُلُولُها
لا سـيــفَ إلا ذو الفقــارِ ولا فَتَى ** إلاَّ عليٌّ شَهْمُهــا ونَبيلُهــا
يا حاملَ الرَّاياتِ في حَوْمِ الوَغى ** لما تُدَقُّ منَ الحروبِ طُبولُها
بارَزْتَ في الأحزابِ (عَمْراً) فانتهى ** وبقيتَ أنتَ تُقِيمُها وتُمِيلُها
ولقيتَ مَرْحَبَ والسُّيوفُ شواخِصٌ ** نحوَ الرِّقابِ فلم يَرُعْكَ صَليلُها
جَنْدَلْتَ فارسَ قومِهِ فتناعبَتْ ** غِرْبانُ خَيْبَتهِ وصوَّتَ غُولُها
في بابِ خَيْبرَ قصَّةٌ مشهودةٌ ** يُشْفَى بها للمكرُماتِ غَليلُها
يا ابنَ الأكارمِ يا أبا السِّبْطَينِ هلْ ** وافاكَ منْ أخبارِنَا تَفصيلُها؟
أوَّاهُ لوْ تدري بفُرْقةِ أمَّةٍ ** لوْ كُنْتَ فيها لانْبرَيْتَ تُزيلُها
ماذا أقولُ أبا الحسينِ وأمتي ** يحتلُّ منزلةَ العزيزِ ذَليلُها
أتُراكَ ترضى أنْ ترى أبناءَها ** شتَّى وأنْ يرعى الجياعَ بخيلُها
يا ابنَ الأكارمِ يا أبا الحَسَنِ الذي ** زالتْ به فِتَنٌ وجَفَّ مَسِيلُها
أنَّى تقومُ أمامَ عِلْمِكَ بِدْعَةٌ ** أنَّى يَصِحُّ إذا نَظَرتَ عليلُها
أوَلستَ بابَ مدينةِ العلمِ التي ** يَهدي إلى الحقِّ المُبينِ سبيلُها
أَوَلمْ تقوِّضْ ما ادَّعَتْ سَبئيَّةٌ ** لما تناهتْ في الضلالِ عقولُها؟
أنتَ الذي أَلْجَمْتَ ناطقَ وَهْمِها ** وَطَردْتَ داعيَهَا وَفَرَّ قَبِيلُها
أوَلمْ تَكُنْ لكَ في القضاءِ فِراسةٌ ** في كلِّ مُعْضِلةٍ لديكَ حُلولُها؟
أولستَ منْ جيلِ الصحابةِ، دُونَكُم ** أَعْيا ركابَ الواهمينَ وصولُها؟
سقطتْ دعاوى المرجفينَ أمامكم ** وجنى على أخلاقِهِمْ تهويلُها
أوَما تربَّيْتُم على سَنَنِ الهُدَى ** في آي قرانٍ صَفَا ترتيلُها؟
سرتُمْ على النَّهْجِ القويمِ، فيا لَها ** من عِزَّةٍ، فيكم تُجَرُّ ذُيولُها
للَّهِ دَرُّ الجيلِ رَمْزَ فضيلةٍ ** شهدَتْ بها في العالَمينَ عُدُولُها
بَشَرٌ لهمْ أخطاؤُهُمْ وصوابُهُمْ ** لكنَّ همَّتَهُمْ يَعزُّ مَثيلُها
ربَّاهمُ الهادي البشيرُ فأصبحوا ** قِمماً يليقُ بمثلِنا تبجيلُها
عُذْراً أبا السِّبْطينِ إِنَّ دروبَنَا ** كثرتْ أمامَ السالكينَ وُحولُها
فِرقٌ إلى الوهمِ الكبيرِ ذَهابُها ** وإليهِ منْ بعدِ الذَّهابِ قُفولُها
فرقٌ تناءَى عنْ يقينِكَ دَرْبُها ** وازورَّ عنْكَ كثيرُها وقليلُها
تسطو على روحِ اليقينِ ظنونُها ** ويُصِمُّ آذانَ الورى تَطبيلُها
ما أنتَ إلاَّ الشمسُ في رَأَدِ الضُّحى ** فمَنِ الذي بيدِ الجفاءِ يَطُولُها
لمَّا انبرى الأشقى لقتْلِكَ أَغرقتْ ** أجفانَ مَنْ نظروا إليكَ سُيولُها
للهِ درُّكَ – يا أبا السِّبْطينِ – لمْ ** تجزعْ ولم يُوهِنْ قُواكَ مَهُولُها
لمَّا أصابَكَ سيفُ قاتلِ نفسِهِ ** أدركتُ أنَّ الشمسَ حانَ أُفولُها
وفَرِحْتَ بالفوزِ الكبيرِ مبشِّراً ** نفساً تجاوَبَ بالرِّضا تهْليلُها
أوَلمْ يُبشرْكَ الرسولُ بجنَّةٍ ** فلأَنْتَ – يا ابنَ الأكرمين – نَزيلُها
بُشرى لكمْ – أهلَ الكساءِ – بحبِّكُمْ ** حَفَلتْ مشاعرُنا وعزَّ حُفُولُها
عذراً – أبا السِّبْطينِ – بعدَكَ أُشْعِلَتْ ** فِتَنٌ وأَوْهَنَ أمتي تضليلُها
وضعوا القناعَ على الوجوهِ وإنما ** يضعُ القناعَ على الوجوهِ دَخيلُها
حَرُمتْ دماءُ المسلمينَ، وحُرِّمَتْ ** أعراضُهم، فمتى جرى تحليلُها؟؟
قُتِلَ الحُسينُ، فما رَضِينا قَتْلَهُ ** بجميعِ ألسنةِ الوفاءِ نَقُولُها
قُتلَ الحسينُ فأنتما في جنَّةٍ ** طابتْ مغانيها، وطابَ ظَلِيلُها
آلُ النبيِّ، وأهلُ بيتٍ طاهرٍ ** أنتمْ، ودوحتُكُمْ تعِزُّ أُصولُها
هيَ دوحةٌ شرُفَتْ بأفضلِ مرسلٍ ** واللهُ ربُّ العالمينَ كفيلُها
بُشرى إليكِ قصيدتي فقدْ ارتوتْ ** أغصانُ قافيتي وفَرَّ ذبولُها
في كلِّ حرفٍ من حروفِكِ واحةٌ ** من حُبِّ آلِ البيتِ جادَ نخيلُها
سُقيتْ بآياتِ الكتاب وسنَّةٍ ** غرَّاءَ رُصِّعَ بالهُدى إِكْلِيلُها
مَدَحَتْ أبا الحسنِ الأغرَّ فنالَها ** شرفُ المديحِ لهُ وبانَ جميلُها
اللهم صل على محمد وآل محمد
الولاية الاخبارية