يسعّر نظام آل سعود الوهابي من عملياته الانتقامية قبيل وقف إطلاق النار المؤقت ضمن الهدنة التي من المفترض أن يبدأ سريانها يوم الثلاثاء وذلك عبر تكثيف القصف الوحشي على الأحياء والمنازل السكنية لاسيما بالعاصمة صنعاء وصعدة ،
لاستهداف منازل قياديين في «أنصار الله» ، بحثا عن «إنجاز» يمنحه القدرة على إعادة اليمن حديقة خلفية له ، لكن الثابت يوماً بعد اخر، هو أن القصف المتواصل يزيد السخط الشعبي ضد المملكة و يجعلها تبتعد كثيراً عن التأثير في المعادلة السياسية اليمنية مستقبلاً.
و فی الوقت الذی تتحدث فیه قوى دولیة عن هدنة إنسانیة یفترض أن تبدأ یوم غد ، کثف طیران العدوان السعودی غاراته على مدرج مطار صنعاء الدولی للمرة الثالثة، وذلک بعد یوم من غارة مشابهة استبقت هبوط طائرات منظمة «الصلیب الأحمر» و«أطباء بلا حدود».
کذلک أعید سیناریو قصف الأضرحة بعد استهداف مقام الشهید السید حسین الحوثی الزعیم الروحی لجماعة «أنصار الله» ،
إذ شنت طائرات العدوان، السبت، غارات على جامع «الإمام الهادی» فی صعدة القدیمة، وهو من أهم وأقدم المعالم التاریخیة فی الیمن ، لکنها لم تصب مقام الإمام الذی یمثل لدى الطائفة الزیدیة معلماً مهماً .
و یبدو أن العدوان، على افتراض صدقیة الهدنة التی یتحدث عنها ، رغم ترحیب «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبی العام» بها ، لا یزال یصر على تکثیف القصف حتى آخر لحظة .
وبعد یوم من إعلان العدوان تمکنه من تدمیر منازل قیادات فی «أنصار الله» ، کالمتحدث الرسمی باسمها محمد عبد السلام ، ورئیس المکتب السیاسی صالح الصماد،
والقیادی أبو علی الحاکم وآخرین ، فإنه استهدف حی النهضة فی صنعاء، کما استهدفت غارتان منزل القاضی محمد عبد الله الشرعی، العضو فی مجلس القضاء الأعلى، مخلفة شهداء وجرحى من الحراسة.
ویوم أمس ، شن طیران العدوان خمس غارات، على مرتین، على منزل رئیس «حزب المؤتمر الشعبی العام» والرئیس الیمنی الأسبق علی عبد الله صالح، لیخرج صالح من أمام أنقاض منزله معلناً أنه بخیر .
فی غضون ذلک، تتفاقم معاناة أحیاء صعدة، کضحیان ومران وغمر ورازح والبقع والطلح وکتاف وغیرها، إذ یعیش السکان هناک معاناة کبیرة فی ظل انعدام ملامح الحیاة ،
وحتى النزوح صار صعباً علیهم بسبب فقدان الوقود للمرکبات . و تقدر الإحصاءات أنه شنت نحو 200 غارة على مناطق مختلفة فی المحافظة،
إضافة الى قصف صاروخی من داخل الأراضی السعودیة استهدف قرى حدودیة سقط على أثرها شهداء وجرحى لم تعرف أعدادهم بعد بسبب صعوبة دخول تلک المناطق ، حتى لمنظمات الإغاثة .
فی المقابل، تستمر الجبهة الحدودیة فی تحقیق إنجازات میدانیة کبیرة، إذ سیطرت القبائل الیمنیة على عدد جدید من المواقع العسکریة داخل الأراضی السعودیة . وفیما لا یزال مقاتلو القبائل مسیطرین على عدد سابق من تلك المواقع، أکد مصدر فی «الإعلام الحربی» التابع لـ«أنصار الله»، أن رجال القبائل تمکنوا من السیطرة على جبل تویلق الاستراتیجی .
وأکد المصدر أن اشتباکات عنیفة دارت طوال یوم الأحد مع القوات السعودیة التی کانت تطلق القذائف والصواریخ باتجاه القرى الیمنیة المقابلة، مشیراً إلى سقوط قتلى وجرحى من الجنود السعودیین الذین کانوا متمرکزین فی الجبل . کما ذکر المصدر أن العدو لم یتحمل ذلک وشن قصفاً مدفعیاً وصاروخیاً عنیفاً من مواقع بعیدة على الجبل الاستراتیجی الذی یطل على مدینة الخوبة السعودیة .
وفی جبهة الملاحیط ، أکد مصدر آخر أن الجبهة تشهد هدوءاً نسبیاً بعد تمکن أبناء قبائل بکیل المیر أمس من إیقاف الرشاشات السعودیة بعد تصدیهم لها بالقذائف الصاروخیة وطرد الجنود من الجبال القریبة من الحدود. لکن السعودیین صاروا یطلقون علیهم قذائف مدفعیة وصاروخیة من جبال بعیدة فی العمق بعد هرب حرس الحدود السعودی .
یسیر کل ذلك فی وقت لا تزال فیه الجبهة الداخلیة مشتعلة، ففی عدن التی تشهد هدوءاً حذراً فی غالبیة مناطقها، أکد ناشط جنوبی تواصل الاشتباکات فی محور «صلاح الدین»، فی منطقة البریقة الساحلیة. ووفق الناشط، فإن تحرکات إنسانیة للجیش و«اللجان الشعبیة»،
تمکنت من صرف رواتب الموظفین وتوزیع الدقیق على المواطنین بعدما کان مخزوناً فی حی التواهی تحت سیطرة تنظیم «القاعدة». ورغم أن الحیاة تعود تدریجاً إلى طبیعتها فی عدن ، تؤدی الغارات إلى إشعال الحرب من جدید ولا سیما مع تحرک بعض الجیوب التابعة لـ«القاعدة»، وقد استهدفت الغارات أمس بعض مواقع للجیش الیمنی فی حی التواهی الذی تمت السیطرة علیه قبل أیام، کما استهدفت الغارات خزانات تحلیة المیاه فی منطقة جبل حدید بـ 12 صاروخاً.
أما فی تعز، فیؤکد الناشط أحمد الشرعی استمرار الاشتباکات فی المدینة بعدما أکد «الإعلام الحربی» أن الجیش و«اللجان الشعبیة» تمکنا من تأمین آخر نقطة کانت فیها «میلیشیات حزب الإصلاح والقاعدة فی خط الستین»، وهو ما سیعیق الإمداد لهم وتزوید باقی المناطق بالمقاتلین. وشدد الشرعی على أنه لم یتبق سوى وسط المدینة، فیما یسعى «قناصة القاعدة والإصلاح» إلى استهداف عدة مبان.
وبینما یتحدث «إعلام الإصلاح» عن تقدم المسلحین بقیادة حمود المخلافی فی تعز ، تؤکد مصادر أن المخلافی هرب ومعه آخرون إلى شرعب مسقط رأسه ، فیما لم یتبق داخل تعز سوى «عناصر مرتزقة وأجانب یتبعون القاعدة» جاؤوا بالذات إلى حی الجمهوری من أبین. وکذلک فإن الجیش، ومعه اللجان الشعبیة، یتقدم فی شارع الخمسین ومفرق بنی عون والعدین،
فضلاً عن شارع الستین . أما بشأن الحدیث عن فتح جبهة جدیدة فی منطقة الجوف، فقد أکدت مصادر محلیة أن شهداء وجرحى سقطوا فی غارة للطیران السعودی على سیارة للنازحین فی منطقة الیتمة، شمال غرب الجوف، حیث یقال إن القیادی فی «القاعدة» حسن أبکر، عاد إلیها عبر الحدود السعودیة لیفتح جبهة جدیدة هناک، ولکن «الإعلام الحربی» لم یؤکد صحة ذلك.