اكد الشيخ نعيم قاسم “فلسطين هي بوصلة الاتجاه السياسي الصحيح وحيث تكون فلسطين يكون الموقف، ولا يمكن أن نقتبس مواقف أخرى نافعة لفلسطين إلا إذا كانت من قلب هذه القضية الحساسة وتصب في خدمتها في نهاية المطاف”.
القى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كلمة في مؤتمر التضامن مع فلسطين تحت عنوان “إتحدوا.. من أجل فلسطين” والذي أقامه الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في مطعم الساحة. ومما جاء فيها:
أولا: فلسطين هي بوصلة الاتجاه السياسي الصحيح وحيث تكون فلسطين يكون الموقف، ولا يمكن أن نقتبس مواقف أخرى نافعة لفلسطين إلا إذا كانت من قلب هذه القضية الحساسة وتصب في خدمتها في نهاية المطاف، وما أسهل أن يكون البعض مع فلسطين بالكلمة والموقف وما أصعب أن يكون مع فلسطين بعطاءات الجسد والدم والتضحية والجهاد، ولذا نريد معيارا لتقييم أولئك الذين هم مع فلسطين، وفي رأينا هذا المعيار هو الإجابة عن سؤال مركزي: ماذا قدمتم لفلسطين في المجالات كافة؟ فمن كانت إجابته بتقديم المال والدم والموقف وكل القضايا التي تساعد فلسطين فهذا يعني أنه مع فلسطين، أما من اكتفى بإنشائيات لا أثر لها على أرض الواقع فهذا بعيد تماما عن فلسطين.
البداية في هذا المسار من رفض أي حق لإسرائيل في أي شبر من أرض فلسطين، عندها يكون الموقف صحيحا وسليما وبمعنى آخر علينا أن نرفض أي تنازل عن أي شبر من فلسطين من البحر إلى النهر حيث تعمل المقاومة لتحرير كامل فلسطين من البحر إلى النهر إن شاء الله تعالى. نحن نرى أن بعض حكام العرب هم مع تقديم بعض الأطعمة والأشربة وبعض مواد البناء لفلسطين لأنهم محرجون بسبب رابطة الدين والعروبة ولكنهم مع استمرار “إسرائيل” في احتلالها واقتطاع الجزء الأكبر منها في إطار تسوية ظالمة يتحدثون عنها بعنوان مؤتمر السلام. هم ليسوا مع المقاومة لاسترداد الأرض ولو كانوا معها لدعموها بالسلاح ولكان موقفهم مختلفا عما نراه في الميادين المختلفة.
هنا أسأل: من هو العدو ومن هو الصديق؟ في رأينا أن العدو هو المحتل والعدو هو المعتدي وهذا ينطبق على “إسرائيل”، أما المخالف في الموقف والمصالح الشخصية فلا يمكن أن يكون عدوا ولذا من يتخذ العداء انطلاقا من اختلاف المواقف سواء غلفها بالعنوان المذهبي أو الطائفي أو السياسي أو الثقافي أو العرقي، فإنه يحرف المسار تماما لأن المعتدي هو من يحتل ويعتدي. وفي كل الأحوال رأينا أن بلدا كبيرا مهما كالجمهورية الإسلامية في إيران قدمت وضحت وواجهت وتحدت من أجل فلسطين، فهي لم تكتف بالكلمة ولم تكتف بإلغاء السفارة الصهيونية لصالح السفارة الفلسطينية ولم تكتف بالمظاهرات في يوم القدس العالمي ولم تكتف بحشد المواقف لتأييد فلسطين بل دعمت المقاومة بالمال والسلاح في فلسطين وجوارها قولا وعملا وهذا ما يسجل لإيران الإسلام، وهي واجهت إسقاط الدولة الإسلامية والتبعية وانتزاعت الاعتراف بحقوقها من المجتمع الدولي، كل ذلك في إطار مواقفها الثابتة وعلى رأسها فلسطين.
أما حزب الله فهزم “إسرائيل” بالموقف والمقاومة ولولا المقاومة المسلحة بعد توفيق الله تعالى لما هزمت “إسرائيل” ولذا نحن ندعو إلى الموقف والمقاومة لأن “إسرائيل” لا يمكن أن تهزم بالموقف فقط إنما بالمقاومة وعلى رأسها مقاومة السلاح.
ثانيا: إن مواجهتنا للارهاب التكفيري في منطقتنا لم تحصل لأنها أولوية، وأذكركم أن هذا الإرهاب التكفيري كان موجودا منذ سنوات وكنا نتجنبه ولا نتعاطى في المواقف معه لأننا نعتبره بعيدا عن التأثير على قضيتنا المركزية، لم نكن لنلتفت لهؤلاء ولا لنهتم بهم ولكن عندما اتخذ الإرهاب التكفيري موقفا وخيارا في مواجهة مشروع المقاومة بأذرعه المختلفة، وتصالح عمليا مع “إسرائيل” من خلال تجنب إزعاجها ومن خلال معالجة الجرحى في الكيان الإسرائيلي وجدنا أننا أمام عقبة كأداء لا بد من مقاتلتها كجزء لا يتجزأ من قتال “إسرائيل”، نحن نقاتلهم كفئة باغية تقف في طريقنا لمواجهة المشروع الإسرائيلي لا كأولوية.
من هنا عندما يدعون بأنهم يواجهونا بالمذهبية نرد عليهم بقتال “إسرائيل” وعندما يواجهونا بالتكفير نرد عليهم برحمة الإسلام ونقاتلهم دفاعا في مواجهة البغاة، لن ننجر إلى خطابهم ولا مفرداتهم فالأولوية بالنسبة إلينا “إسرائيل” ونقاتل ما يقع في الطريق لإزاحته تمهيدا لتحرير فلسطين.
ثالثا: المقاومة الفلسطينية شرف وعز، فشعب فلسطين قدم التضحيات العظيمة المباركة في مجالات مختلفة، ونحن نعتبر أن مسؤولية المقاومة الفلسطينية في أن تحشد كل القوى في العالم لدعمها وخدمتها وتأييدها وليس من مسؤوليتها أن تكون جزءا من محاور الصراع العربي، ولا أن تكون مع جهة دون أخرى. نحن نؤمن بأن المقاومة الفلسطينية هي قطب الرحى وعلى الجميع أن يدعموها وليس مطلوبا منها أن تدعم فئة على حساب فئة وحاكم ضد حاكم، أو أن تكون بين الحكام وشعوبهم، على الجميع أن يلتحقوا بفلسطين وليس مطلوبا من الفلسطينيين أن يلتحقوا بأحد، ومهما كان الادعاء عند البعض بالحاجة إلى مواكبة هذا الانجرار لتأييد بعض الأنظمة أو بعض الاتجاهات تحقيقا للمصالح الفلسطينية أقول لهم: المصلحة بالابتعاد عن هؤلاء هي أكبر بكثير من الانجرار وراء مطالبهم التي تريد القضاء على فلسطين ولا تريد لها أن تكون عزيزة كريمة.
رابعا: العلماء الحقيقيون هم الذين يطبقون أوامر الله تعالى في الوحدة والتقوى والعزة وتحكيم شرع الله تعالى، أما الذين يحتجون بمزاج الناس وأهوائهم ويتخذون المواقف التي تنسجم مع الجمع ومع عموم المشاعر فهؤلاء لا يقومون بواجبهم ولا بدورهم “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون”. لسنا مكلفين كعلماء أن نكون مع أكبر جمع من الناس، إنما نحن مكلفون أن نحمل الحق والحقيقة وندافع عنها ولو سار معنا قلة من الناس، لسنا مكلفين كعلماء أن يصفق الناس لمواقفنا، بل أن ننقذهم بتعريفهم على شرعنا وخطواتنا الصحيحة، لسنا مكلفين أن نكون لا مع جامعة الدول العربية ولا مع مجلس الأمن ولا مع الأمم المتحدة إنما نحن مكلفون أن نكون مع المجاهدين الأبطال من أبناء المقاومة الفلسطينية لإعزاز موقفهم وتحرير الأرض والمقدسات. هذا هو تكليفنا ونحن موعودون بالنصر من عند الله تعالى، “ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون.
خامسا وأخيرا: المقاومة في زماننا لم تعد حلما وإنما أصبحت واقعا ملموسا ومؤثرا ومنصورا، والنصر لم يعد أملا بعيدا، بل أصبح إنجازا وقعيا، رأيناه في لبنان وفي فلسطين، لقد تخلصنا من الإحباط لمصلحة الأمل ومن الهزيمة لمصلحة النصر ومن التراجع لمصلحة التقدم، وها نحن نرى مسيرة المقاومة تتقدم خطوات إلى الأمام ومسيرة الانحراف تتراجع خطوات ولو ببطء، علينا كعلماء لهذه الأمة أن نحمل هذه المبادئ ونعمل لها مخلصين، والنصر إن شاء الله سيكون معنا لأننا مع الله ومع الحق ومع الإنسان ومن كان مع هؤلاء جميعا لا بد أن ينتصر.