الصحيفة الأولى
في أول من صنف ودون في علم الكلام
فاعلم أنه عيسى بن روضة التابعي الإمامي المصنف في الإمامة، بقي إلى أيام أبي جعفر المنصور، واختص به لأنه مولى بني هاشم، وهو الذي فتق بابه وكشف نقابه، وذكر كتابه أحمد بن أبي طاهر في كتاب تاريخ بغداد ووصفه وذكر أنه رأى الكتاب كما في فهرست كتاب النجاشي.
ثم صنف أبو هاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام كتباً في الكلام، وهو مؤسس علم الكلام من أعيان الشيعة، ولما حضرته الوفاة دفع كتبه إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس الهاشمي التابعي، وصرف الشيعة إليه، كما في معارف ابن قتيبه، وهما مقدمان على أبي حذيفة واصل أبن عطاء المعتزلي، الذي ذكر السيوطي أنه أول من صنف في الكلام.
الصحيفة الثانية
في أول من ناظر في التشيع من الإمامية
قال أبو عثمان الجاحظ: أول من ناظر في التشيع الكميت بن زيد الشاعر، أقام فيه الحجج، ولولاه لما عرفوا وجوه الاحتجاج عليه.
[ 66 ]
قلت: بل تقدمه في ذلك أبو ذر الغفاري الصحابي رضي اللّه عنه أقام يبث مدة في دمشق دعوته وينشر مذهبه في العلوية وآراؤه الشيعية، فاستجاب له قوم في نفس الشام، ثم خرج إلى صرفند وميس – وهما من أعمال الشام من قرى جبل عامل – فدعاهم إلى التشيع فأجابوا، بل في كتاب «أمل الآمل»: لما أخرج أبو ذر إلى الشام بقي أياما فتشيع جماعة كثيرة، ثم أخرجه معاوية إلى القرى فوقع في جبل عامل فتشيعوا من ذلك اليوم.
وقال أبو الفرج ابن النديم في كتاب «الفهرست» أول من تكلم في مذهب الإمامية علي بن اسماعيل بن ميثم التمار، وميثم من أجلة أصحاب علي رضي اللّه عنه انتهى.
ولعلي من الكتب: كتاب الإمامة، وكتاب الاستحقاق.
قلت: قد تقدم عليه كما عرفت عيسى بن روضة بكثير، والكميت بأكثر فإنه كان معاصراً لهشام بن الحكم، وكان ببغداد أيضاً، وقد ناظر فيها أبا الهذيل في الإمامة، وضرار بن عمرو الضبي، وناظر النظام وغلبهم في مواضع ذكرها المرتضى في «الفصول المختارة» فهو من أئمة علم الكلام من الشيعة، لا أول متكلم في الإمامة فيهم، فإن أبا ذر وشركاءه الأحد عشر، وهم خالد بن سعيد اين العاص، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي، وبريدة الأسلمي، وعمار بن ياسر، وأبي بن كعب، وخزيمة بن ثابت، وأبو الهيثم ابن التيهان، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري رضي اللّه عنهم تقدموا في ذلك، كما في حديث الاحتجاج المروي في كتاب الاحتجاج للطبرسي.
[ 67 ]
الصحيفة الثالثة
في مشاهير أئمة علم الكلام من الشيعة
ذكرناهم طبقات في الأصل، مثل كميل بن زياد نزيل الكوفة، تخرج على علي أمير المؤمنين عليه السلام في العلوم، وأخبره أن الحجاج يقتله، فقتله الحجاج بالكوفة سنة ثلاث وثمانين تقريباً.
وسليم بالتصغير ابن قيس الهلالي التابعي، طلبه الحجاج أشد الطلب ولم يظفر به، ومات في أيام الحجاج، وقد تقدم ذكره، كان من خواص علي عليه السلام.
والحارث الأعور الهمداني صاحب «المناظرات في الأصول» أخذ من أمير المؤمنين عليه السلام، وتخرج عليه، ومات سنة 65 هـ، وأطلنا ترجمته في الأصل، وجابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد اللّه الكوفي، متبحر في الأصول وسائر علوم الدين تخرج على الباقر عليه السلام.
وبعد هؤلاء طبقة أخرى مثل قيس الماصر من أعلام علماء علم الكلام في عصره إليه الرحلة من الأطراف في ذلك، تعلم الكلام من الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام، وشهد له الإمام أبو عبد اللّه الصادق بالحذاقة فيه، قال: أنت والأحول قفازان حاذقان، والأحول هو أبو جعفر محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي الأحول، كان دكانه في طاق المحامل بالكوفة، يرجع إليه بالنقد فيرد رداً ويخرج كما يقول، فقيل: شيطان الطاق، تعلم من الإمام زين العابدين عليه السلام، وصنف كتاب «افعل لا تفعل» وكتاب «الاحتجاج في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام»، وكتاب «الكلام
[ 68 ]
على الخوارج»، وكتاب «مجالسة مع الإمام أبي حنيفة والمرجئة»، وكتاب «المعرفة»، وكتاب «الرد على المعتزلة».
وحمران بن أعين أخو زرارة بن أعين، تعلم الكلام من الإمام زين العابدين عليه السلام، وهشام بن سالم من شيوخ الشيعة في الكلام، ويونس بن يعقوب ماهر في الكلام، قال له الإمام أبو عبد اللّه الصادق: تجري بالكلام على الأثر فتصيب، وفضال بن الحسن بن فضال الكوفي المتكلم المشهور، ما ناظر أحداً من الخصوم إلا قطعه، وحكى السيد المرتضى في «الفصول المختارة» بعض مناظراته مع الخصوم، وكل هؤلاء كانوا في عصر واحد، وماتوا في أثناء المائة الثانية.
وبعد هؤلاء في الطبقة، هشام بن الحكم، قال الصادق فيه: هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده، ناظر كل أهل الفرق وأفحمهم، وله مجالس مع الخصوم صنف في الكلام، وحسده الناس لشدة صولته وعلو درجته، فرموه بالمقالات الفاسدة، وهو بريء منها ومن كل فاسد، وقد فهرست مصنفاته في الأصل مات سنة 179 هـ.
ثم السكاك محمد بن خليل أبو جعفر البغدادي، صاحب هشام بن الحكم وتلميذه، أخذ عنه الكلام، وله كتب في الكلام ذكرناها في الأصل، وأبو مالك الضحاك الحضرمي إمام في الكلام، أحد أعلام الشيعة، أدرك الصادق والكاظم عليهما السلام.
ومنهم آل نوبخت، قال ابن النديم في الفهرست: آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده، وقال في «رياض العلماء» بنو نوبخت طائفة معروفة من متكلمي علماء الشيعة.
[ 69 ]
قلت: أما نوبخت فهو فارسي فاضل في علوم الأوائل، صحب المنصور لحذاقته باقتران الكواكب، ولما ضعف عن الصحبة قام مقامه ابنه أبو سهل، إسمه كنيته، ونشأ لأبي سهل المذكور الفضل بن أبي سهل بن نوبخت، فتقدم في الفضل والعلم قال بعض الفضلاء من أصحابنا عند ذكره: هو الفيلسوف المتكلم، والحكيم المتأله، وحيد في علوم الأوائل، كان من أركان الدهر، نقل كثيراً من كتب البهلوين الأوائل في الحكمة الإشراقية من الفارسية إلى العربية، وصنف في أنواع الحكمة، وله كتاب في الإمامة كبير، وصنف في فروع علم النجوم لرغبة أهل عصره بذلك، وهو من علماء عصر الرشيد هارون بن المهدي العباسي، وكان على خزانة الحكمة للرشيد، وله أولاد علماء أجلاء.
وقال القطقي في كتاب «أخبار الحكماء» الفضل بن نوبخت أبوسهل الفارسي، مذكور مشهور من أئمة المتكلمين، وذكر في كتب المتكلمين، وأستوفى نسبه من ذكره كمحمد بن إسحق النديم، وأبي عبد اللّه المرزباني، كان في زمن هارون الرشيد، وولاه القيام بخزانة كتب الحكمة.
قلت: ومن أولاده البارعين في العلوم إسحق بن أبي سهل بن نوبخت، تخرج على أبيه في العلوم العقلية وسائر علوم الأوائل، وقام مقام أبيه في خزانة كتب الحكمة لهارون، وله أولاد علماء متبحرون في الكلام كأبي إسحق إسماعيل بن إسحق بن أبي سهل بن نوبخت، صاحب كتاب «الياقوت في الكلام» الذي شرحه العلامة ابن المطهر الحلي، قال في أوله: لشيخنا الأقدام وأمامنا الأعظم أبي إسحاق ابن نوبخت.
وقال في «رياض العلماء»: ابن نوبخت قد يطلق على الشيخ إسماعيل بن
[ 70 ]
إسحاق بن أبي اسماعيل بن نوبخت، الفاضل المتكلم المعروف، الذي هو من قدماء الامامية، صاحب «الياقوت» في علم الكلام، انتهى.
وقال في موضع آخر: إسماعيل بن نوبخت الذي كان معاصراً لأبي نواس الشاعر إلخ، وأخواه يعقوب وعلي ابنا إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، كانا من رجال آل نوبخت وجهابذة الكلام والنجوم، وأعقب علي بن إسحاق علماء أجلاء، وهم أبو جعفر محمد بن علي بن إسحق بن أبي سهل ابن نوبخت، وكان من المتكلمين الأعلام، وأهل الفضل والكمال، ذكره ابن النديم في المتكلمين من االشيعة، وأبو سهل إسماعيل بن علي بن إسحاق ابن أبي سهل بن نوبخت.
قال النجاشي، شيخ المتكلمين من أصحابنا ببغداد، ووجههم ومتقدم النوبختيين في زمانه، وقال ابن النديم: كان من كبار الشيعة، فاضلا عالماً متكلما، وله مجلس يحضره جماعة من المتكلمين، وهو خال الحسن بن موسى أبي محمد النوبختي المتكلم المشهور، قال ابن النديم متكلم فيلسوف، وقال النجاشي شيخنا المتكلم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلثمائة وبعدها.
قلت: ولهؤلاء مصنفات في الكلام والفلسفة وغيرها، ذكرتها في الأصل مع عدة كثير من آل نوبخت، ولم يتفق لأحد ممن كتب جمع ما جمعته من آل نوبخت.
ومن المتكلمين الأقدمين من هذه الطبقة أبو محمد الحجال، قال الفضل ابن شاذان: كان متكلما من أصحابنا، جيد الكلام، أجدل الناس.
ومنهم عبد الرحمن بن أحمد بن جبروبه أبو محمد العسكري، قال النجاشي: متكلم حسن الكلام، جيد التصنيف، مشهور بالفضل، كلم عباد بن سليمان
[ 71 ]
ومن كان في طبقته، وقع إلينا من كتبه كتاب «الكامل في الإمامة» كتاب حسن، انتهى ملخصاً.
ومنهم محمد بن أبي إسحاق، متكلم جليل، ذكره ابن بطة في فهرسته وذكر له مصنفات عدة، قلت: هو من علماء عصر الرضا المأمون، يروي عنه البرقي.
ومنهم ابن مملك، محمد بن عبد اللّه بن مملك الأصفهاني أبو عبد اللّه، جليل في أصحابنا، عظيم القدر والمنزلة، كان معتزلياً ورجع على يد عبد الرحمن ابن أحمد بن جبروية المتقدم ذكره، له كتب ذكرتها في الأصل، كان معاصراً للجبائي ونقض كتابه.
ومنهم ابن أبي داجة، هو إبراهيم بن سليمان بن أبي داجة أبو إسحاق البصري كان وجها في الفقه والكلام والادب والشعر، ويروي عنه الجاحظ ويحكي عنه في كتبه.
ومنهم الشيخ الفضل بن شاذان النيسابوري، أحد شيوخ أصحابنا المتكلمين الجامعين لفنون الدين، صنف مائة وثمانين كتاباً، وكان من أصحاب الرضا علي السلام، وعمر حتى مات في أيام العسكري بعد تولد الحجة بن الحسن عليه السلام.
ومنهم أبو الحسن علي بن وصيف الناشئ الصغير، ذكره ابن النديم في متكلمي الإمامية، وذكر له كتاباً في الإمامة، وقال ابن كثير في «فوات الوفيات»: كان متكلماً بارعاً من كبار الشيعة.
قلت أخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت، وهو
[ 72 ]
يدخل في طبقات العلماء من أئمة اللغة والشعر والكلام، كان بغدادياً من باب الطاق، قتل شهيداً أحرقوه بالنار كما في معالم العلماء.
وذكر ابن خلكان في «الوفيات» إن المتنبي كان يحضر مجلس علي بن وصيف ويكتب من إملائه. ولا خفاء بعد هذا في طبقته.
ومنهم الفضل بن عبد الرحمن البغدادي المتكلم البارع، صاحب كتاب «الإمامة» وهو كتاب كبير جيد، كان عند أبي عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري.
ومنهم علي بن أحمد بن علي الخزاز، نزيل الري، متكلم جليل، له كتب في الكلام، وله أنس في الفقه، وصنف «كفاية الأثر» في النصوص على الأئمة الاثني عشر، يكنى أبا القاسم وأبا الحسن، مات بالري، وكان في عصر ابن بابويه الصدوق، وروى عنه في «كفاية الأثر».
ومنهم ابن قبة أبو جعفر الرازي محمد بن عبد الرحمن، قال ابن النديم: من متكلمي الشيعة وحذاقهم، وعدد كتبه، وذكره النجاشي وغيره من أهل الرجال، وهو في طبقته الشيخ أبي عبد اللّه المفيد، والشيخ الصدوق ابن بابويه
ومنهم السوسنجردي محمد بن بشر الحمدوني، من آل حمدون يكنى أبا الحسين، كان من عيون أصحابنا وصالحيهم المتكلمين، وقد حج على قدمه خمسين حجة، وصنف في الكلام، لقي أبا جعفر بن قبة، وأبا القاسم البلخي، وجماعات من طبقتهم، وله كتاب «المقنع في الامامة».
ومنهم علي بن أحمد الكوفي، عده ابن النديم من مشاهير المتكلمين
[ 73 ]
وأفاضلهم من الإمامية، وذكر له كتاب «الأوصياء» وقد ذكرت له ترجمة مفصلة في الأصل، وذكرت فهرس مصنفاته في فنون العلم، مات سنة 352 هـ.
ومنهم عبد اللّه بن محمد البلوي، من (بلي) قبيلة من أهل مصر، ذكره ابن النديم في متكلمي الشيعة وأنه كان واعظاً فقيهاً عالماً وعدد كتبه.
ومنهم الجعفري، وهو عبد الرحمن بن محمد، من أعلام متكلمي الإمامية وشيوخهم، ذكره ابن النديم في متكلمي الشيعة، وذكر له كتاب «الإمامة» وكتاب «الفضائل».
وبعد هؤلاء طبقة مثل أبي نصر الفارابي، أول حكيم بلغ في الاسلام مبلغ التعليم، وشارك المعلم الأول في ذلك وقد ذكرت له في الأصل ترجمة حسنة وفهرست مصنفاته وأنه مات سنة 339 هـ.
ومنهم أبو بشر أحمد بن أحمد بن أحمد القمي، ذكره ابن النديم في متكلمي الشيعة، وهو ممن جمع الفقه والكلام وصنف فيهما، أخذ عن الجلودي، ومن كتبه كتاب «محن الأنبياء والأوصياء» مات سنة خمسين وثلثمائة هـ
ومنهم ظاهر، أحد أئمة الكلام، ذكره ابن النديم وغيره من أهل الفهارس في المتكلمين من الشيعة وأثنوا عليه قرأ عليه الشيخ المفيد، وكان ظاهر هذا غلاماً لأبي الجيش المظفر ابن الخراساني من أهل المائة الثالثة.
ومنهم الناشئ الصغير علي بن وصيف، معروف في علم الكلام، موصوف بالحذق فيه، وعده ابن النديم في المتكلمين من الشيعة، وشاعر معروف بالجودة فيه من شعراء أهل البيت، له في الأصل ترجمة مفصلة.
ومنهم أبو الصقر الموصلي، أحد متكلمي الإمامية، ناظر علي بن عيسى
[ 74 ]
الزماني لما ورد بغداد وأفحمه، وحكى مجلس مناظرته شيخنا ابن المعلم في كتاب «العيون والمحاسن» وأنه كان حضر تلك المناظرة.
ومنهم شيخ الشيعة ومحيي الشريعة شيخنا المفيد أبو عبد اللّه محمد بن محمد ابن النعماني المعروف بابن المعلم، قال ابن النديم: انتهت رياسة متكلمي الشيعة إليه، مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر شاهدته فرأيته بارعاً، وله كتب، انتهى.
قلت: وهو إمام عصره في كل فنون الإسلام، كان مولده سنة 338 هـ توفى سنة 409 هـ.
ومنهم ابويعلي الجعفري محمد بن الحسن بن حمزة، خليفة الشيخ المفيد والجالس مجلسه، والساد مسده، متكلم فقيه، قيم بالأمرين جميعاً، مات سنة 463 هـ.
ومنهم أبو علي ابن سينا، شيخ الحكمة في المشائين، حاله في الفضل أشهر من أن يذكر، وقد أطال القاضي المرعشي في طبقاته الفارسية في الاستدلال على أمامية الشيخ الرئيس، ولم أتحقق ذلك، نعم هو ولد على فطرة التشيع، كان أبوه شيعياً إسماعيلياً، مات الشيخ سنة 428 هـ وكان عمره ثماني وخمسين سنة.
ومنهم الشيخ أبو علي بن مسكويه، الرازي الأصل، الأصفهاني المسكن والمدفن، كان جامعاً للعلوم، إماماً في الكل، ومصنفاً في الكل، ذكرته في الأصل، وفهرس كتبه، صحب الوزير المهلبي، ثم عضد الدولة ابن بويه، ثم ابن العميد، ثم اتصل بابنه، وكل هؤلاء من الشيعة، وقد نص على تشيع ابن مسكويه غير واحد من المحققين، كالمير محمد باقر الداماد، والقاضي
[ 75 ]
في الطبقات» والسيد الخونساري في «الروضات» وكانت وفاته سنة 431 هـ وقبره معروف بمحلة خاجو بأصفهان.
ومنهم السيد الشريف المرتضى علم الهدى، له في علم الكلام كتب، إليها المرجع وعليها المعول، وانتهت إليه رئاسة الشيعة في الدين، ولم يتفق لأحد ما اتفق له من طول الباع، والتحقيق في كل العلوم الأسلامية، له في الأصل ترجمة حسنة مع فهرس مصنفاته، تولد في رجب سنة 355 هـ، توفى في ربيع الاول سنة 436 هـ ومن غلمان السيد الشريف المرتضى ذوبي ابن أعين، العالم المتكلم المتبحر، صنف في الكلام كتابا سماه «عيون الأدلة» في أثني عشر جزءاً، لا أكبر منه في بابه.
ومنهم الشيخ العلامة أبو الفتح الكراجكي، شيخ المتكلمين والماهر في الحكمة بأقسامها، الوحيد، في الفقه والحديث، صنف في الكل المطولات والمختصرات، وقد أخرجت تمام فهرس مصنفاته في الأصل، واستقصيت مشايخه في كتاب «بغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات» مات سنة 449 هـ.
ومنهم ابن الفارسي محمد بن أحمد بن علي النيسابوري، متكلم جليل القدر، فقيه، عالم، زاهد، ورع، قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور، له مصنفات شهيرة، منها «روضة الواعظين» أدرك السيد المرتضى وسمع قراءة أبيه علي المرتضى.
وبعد هؤلاء طبقة أخرى، ومنهم الشيخ السعيد علي بن سليمان البحراني، قدوة الحكماء، وإمام الفضلاء، صاحب «الإشارات في الكلام» التي شرحها تلميذه المحقق الرباني الشيخ ميثم البحراني الآتي ذكره، ورسالة في العلم شرحها نصير الدين الطوسي.
[ 76 ]
ومنهم سديد الدين بن عزيزة سالم بن محفوظ بن عزيز الحلي، إليه انتهى علم الكلام والفلسفة وعلوم الأوائل، تخرج عليه المحقق الحلي صاحب الشرائع، وسديد الدين ابن المطهر، وجماعة من الأعاظم، صنف المنهاج في علم الكلام، وكان هو الكتاب المعول عليه في علم الكلام.
ومنهم الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، كان له التبرز في جميع العلوم الإسلامية والحكمة والكلام والأسرار العرفانية، حتى اتفق الكل على إمامته في الكل، قد ذكرت وصف أعلام العلماء له بذلك في الأصل، ومن مصنفاته كتاب «المعراج السماوي»، وشرح نهج البلاغة في ثلاث مراتب، كبير ووسيط وصغير، أودع فيها التحقيقات التي لم تسمح بمثلها الأعصار، تشهد له بالتبرز في جميع الفنون، وشرح كتاب «الإشارات» للمحقق البحراني، أستاذه المتقدم ذكره، شرحه على قواعد الحكماء المتأهلين، وله كتاب «القواعد في علم الكلام» فرغ من تصنيفه في شهر ربيع الأول من سنة ست وسبعين وستمائة، وكتاب «البحر الخضم»، و«رسالة في الوحي والإلهام»، و«شرح المائة كلمة» التي جمعها الجاحظ من قصار كلمات أمير المؤمنين، وكتاب «النجاة في القيامة في أمر الإمامة»، وكتاب «استقصاء النظر في إمامة الأئمة الاثني عشر» و «رسالة في آداب البحث»، مات سنة تسع وسبعين وستمائة في قرية هلنان من الماخوز من أعمال البحرين.
ومنهم نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي أستاذ الحكماء والمتكلمين، نصير الملة والدين، له ترجمة مفصلة في الأصل، وذكرنا مصنفاته في العلوم العقلية والشرعية على مذهب الإمامية ومن تخرج عليه من
[ 77 ]
العلماء، وأنه تولد سنة 597، وتوفى ببغداد سنة 673، وقبره في رواق الحضرة الكاظمية، على مشرفها السلام والتحية.
ومنهم العلامة جمال الدين بن المطهر الحلي شيخ الشيعة المعروف بآية اللّه وبالعلامة على الأطلاق، وهو اسم طابق المسمى، ووصف طابق المعنى، وهو بحر العلوم على التحقيق، والمحقق في كل معنى دقيق، أستاذ الكل في الكل بلا تأمل، صنف في العلوم ما يزيد على أربعمائة مصنف، وقد أحصيت مصنفاته في علمي الحكمة والكلام فكانت أربعين، والكل بالكل تسعين، أخرجت فهرست الموجود بالأيدي من مصنفاته في الأصل، مات في آخر نصف ليلة السبت لتسع بقين من المحرم سنة ست وعشرين وسبعمائة عن ثمان وسبعين سنة وقبره في حجرة إيوان الذهب في الحضرة الحيدرية مزار معروف.
ومنهم الشريف جمال الدين النيسابوري عبد اللّه بن محمد بن أحمد الحسيني نزيل حلب، كان الإمام في علم الكلام، ذكره ابن حجر في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة قال: كان بارعاً في الأصول والعربية، درس بالأسدية بحلب، وكان أحد أئمة المعقول، حسن الشبيبة، يتشيع، مات سنة ست وسبعين وسبعمائة، انتهى. نقله عنه السيوطي في بغية الوعاة.