بقي رئيس الوزراء حيدر العبادي لأكثر من ساعتين قبل أن يدخل إلى قبة البرلمان لقراءة الكلمة التي أعدها لتكون مقدمة لما كان منتظرا منه أن يقدمه من أسماء وزراء بديلين عن وزراء الكابينة التي كانت المطالب الشعبية والمخيمين المعتصمين يلحون عليها،
وخلال هاتين الساعتين إجتمع مطولا برئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وكان متوقعا أن يتفق الطرفان على أمر ما قبل الدخول، فالوضع كان حرجا للغاية، وكان كثير من المراقبين والسياسيين قلقين من إمكانية الشروع بالمرحلة الثانية من الخطوات التي لوح بها السيد مقتدى الصدر في حال أخفق البرلمان في التصويت على ما يمكن أن يقدمه العبادي من مرشحين بعد أيام من التصريحات المتبادلة، ورفض الكتل السياسية تقديم مرشحين عنها،
وإستمرار الإعتصامات عند بوابات الخضراء، ورفض الكرد التنازل عن إستحقاقاتهم الدستورية في الحقائب الوزارية والمكاسب التي يحققونها من الميزانية العامة للدولة، ورفض السنة المضي في الإصلاحات لأنهم يعتقدون أنهم غير معنيين في النزاع الداخلي بين الشيعة أنفسهم خاصة وأنهم يرون أنهم مهمشون ولا يمتلكون حظوظا كبرى في حكم الدولة ومدنهم محتلة من داعش .
كان الرهان على التحالف الوطني الشيعي الذي ترتب عليه ان يخرج بصيغة ما وبدا خلال ليلة الخميس 31 مارس ان التيار الصدري لا يستطيع الاعتماد على الكرد والسنة مع إنه كان قرر أنه غير مهتم لمن يوافق ولمن يرفض وإنه سيتحول ليعتصم داخل الخضراء ويعطل البرلمان غير ان المفاجأة ان دولة القانون برئاسة نوري المالكي الخصم اللدود للتيار الصدري كان الأقرب في تصريحات أعضائه وما صدر عنه من بيانات الى مطالب التيار الصدري،
وكان الصدريون يطالبون بتغيير شامل، بينما كان الحديث يجري عن تغيير جزئي مؤقت قبل التغيير الشامل وعلى شكل خطوات، وفي تلك الليلة خرج بيان عن دولة القانون يطالب هو الآخر بتغيير شامل ما تسبب بصدمة لدى المراقبين حيث يلتقي الخصمان على مطلب واحد مع الأختلاف في النوايا التي لدى كل طرف منهما،
فالصدريون يريدون التغيير الكلي، بينما دولة القانون كانوا يسعون لإستغلال مهارتهم السياسية لتجنب خسارة كبيرة متوقعة في حال مرت الأمور كما يريدها التيار الصدري، وربما كان ما حصل يوم الخميس والتغيير الذي تقدم به العبادي مرضيا لعدة أطراف وساهم في تهدئة الأمور الى حين .
كان المواطنون العراقيون يتلقون معلومات غير دقيقة عن الأحداث وما يجري في الغرف المغلقة واتصالات اللحظة الاخيرة وكانت الكتل السنية والشيعية تسابق الزمن للحصول على القد الممكن من المكاسب وتقليل الخسائر الى الحد الممكن
وتم إسترضاء الكرد بوزارات معينة بينما حصلت الكتل السياسية جميعها على الحد الأدنى من المكاسب حيث ظهر الوزراء الذين لا يمثلون كتلا بعينها بينما الحقيقة هي ان الوزراء المرشحين هم مرشحون من الكتل السياسية دون إستثناء حيث تجنب العبادي الصدام مع الأقوياء ولعب على عامل الحرج من الوضع الذي كان يضغط على الجميع ولم يكن من خيار سوى تمرير صفقة سياسية أقنعت التيار الصدري مؤقتا بإنتظار التطورات اللاحقة، لكننا موقنون إن النهاية التي رأيناها ليست هي النهاية الحقيقية، وربما هناك نهايات بإنتظارنا .