الحلقة 03/* مع أبيه :
عاش الإمام المنتظر مع أبيه خمس سنوات كان الإمام العسكري شديد الحرص خلالها على أمرين :
الأول : أن يبقى خبر ولادته بعيداً عن مسامع الظلمة . . . الذين كانوا قد أحكموا طوق الرقابة على منزله . . . بحيث أن بعض أنصاره كان إذا أراد الذهاب إليه اضطر إلى اعتماد ساتر أمني فيتظاهر بأنه يبيع السمن . . . ليتمكن من دخول بيت الإمام . . .
الثاني : والأمر الثاني الذي كان الإمام العسكري حريصاً عليه هو إخبار خواص شيعته وأقربهم إليه بولادة الإمام المنتظر ، والنص على إمامته بمسمع منهم لكي يصل ذلك عبرهم إلى غيرهم من معاصريهم . . . ومن الأجيال اللاحقة . . . وهذا ما نجده بوضوح في نصوص كثيرة تجدها – على سبيل المثال في « كمال الدين وتمام النعمة » للصدوق ، والغيبة للشيخ الطوسي أو الغيبة للنعماني .
بعد أبيه :
قام عليه السلام بأعباء الإمامة وهو ابن خمس سنوات « آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها من قبل يحيى صبياً وجعله الله سبحانه إماماً في هذا العمر كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبياً » كما ذكر الشيخ المفيد رضوان الله عليه .
ولاشك في أن تحمل رضيع لأعباء النبوة « قال إني
عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً » أكثر غرابة من تحمل ابن خمس سنوات لأعباء الإمامة . . .
وتحدثنا الروايات بجوانب من علمه عليه السلام وهو في هذا السن بل قبله . . . تكشف عن سر من أسرار الله تعالى أراده فتحقق في هذا الوجود المبارك . . . فقد حمل بعض المؤمنين من قم أموالاً شرعية بعث بها بعض أهالي قم إلى الإمام العسكري عليه السلام ، وكان المهدي حاضراً في المجلس فطلب منه أبوه أن يخبر بتفاصيل هذه الأموال فأخبرهم بما معهم من الصرر . . . وصاحب كل صرة أو صاحبتها . . . وميَّز حلالها عن حرامها فقبل بعضها ورد البعض الآخر ليسلم إلى أصحابه .
وطلب منه والده الإمام أن يخبر عن أسباب حرمة هذه الأموال فحدثهم بذلك بالتفصيل . . .
* وبديهي أن هذه الحقيقة كبيرة إلا على الخاشعين من المسلمين تلامذة مدرسة القرآن الكريم الذين يؤمنون بالغيب . . . ولذلك فهم ينظرون إلى الأمور بواقعية . . .
فإن الواقع غيب أكثر منه شهادة . . .
والحديث هنا معهم . . . لا مع غيرهم الذين يريدون للإسلام أن ينسجم مع روح العصر بدل أن يريدوا لروح العصر أن تنسجم مع الإسلام . . .
فإن للحديث معهم منهجاً مختلفاً . . .
* عرف الشيعة الإمام المهدي المنتظر قبل وفاة أبيه
إذن . . . ولذلك فقد كان واضحاً لهم بعد فقد الإمام العسكري أنه هو إمامهم . . . وتولى هو الصلاة على أبيه عند وفاته . . . وقام « جعفر الكذاب » عم الإمام المهدي بدور مصغر عما قام به أبو لهب ضد رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فسرب إلى الخليفة العباسي خبر المهدي . . .
وقامت السلطة بمداهمة منزل الإمام العسكري . . . عدة مرات – كما تقدم – واعتقلت أم الإمام . . . ولكن الله تعالى حفظ وليه . . .
وكان بدء الغيبة ( 1 ) . . .