الوقت- يبدو ان السعودية باتت تتبع الآن سياسة التودد والتملق للأوروبيين بعد ان قرر الإتحاد الأوروبي فرض حظر على تزويد هذا البلد بالأسلحة بسبب إنتهاك التحالف السعودي القوانين الدولية لحقوق الانسان في العدوان على اليمن.
وفي هذا الصدد كتب موقع لوبلاك التحليلي الإخباري ان نائب رئيس مجلس الشورى السعودي محمد الجفري قام بزيارة لجنة الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي وهو ثاني مسؤول سعودي رفيع المستوى يزور بروكسل بعد عادل الجبير خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وأضاف موقع لوبلاك: ان الرياض تشعر بخيبة أمل بعد الإتفاق النووي الذي أبرم مع ايران وعدم رغبة أمريكا في التدخل في سوريا لإسقاط الرئیس بشار الأسد واذا أضفنا الى ذلك مصادقة الكونغرس الأمريكي على قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب والذي يستهدف السعودية وأموالها فعندئذ بإمكاننا ان نكشف حجم الضربة التي تلقتها السعودية.
ان رغبة الأمريكيين بالإنطواء على الذات والتي تظهر جليا في الوقت الحالي في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية تشكل ايضا خطرا مضاعفا على حلفائهم السعوديين كما ان الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما قام أيضا بتوجيه إنتقادات لاذعة للسعودية مرارا وتكرارا وقد تزامن ذلك مع الأزمة المالية التي تعاني منها السعودية بسبب هبوط أسعار النفط ولذلك نجد ان الجفري قد اعترف بالمشاكل الكبيرة التي تعاني منها بلاده قائلا ان السعودية لم تعد بلدا ثريا وإنها تحتاج بشدة الى مدخراتها.
البحث عن حلفاء جدد
ان السعودية باتت تبحث الآن عن حلفاء جدد لها وتضع عينها على الإتحاد الأوروبي كأكبر تكتل تجاري في العالم يمتلك الثروة والقوة وله مطامع في الشرق الأوسط ايضا فبريطانيا وفرنسا تريدان الآن تعزيز دورهما في المنطقة بعد إنحسار الدور الأمريكي.
وقد قال الجفري في بروكسل ان السعودية والإتحاد الأوروبي لهما مصالح مشتركة في إستقرار الشرق الأوسط لأن ذلك يساهم في التحكم بقضية تدفق اللاجئين الى أوروبا وأخطاره المحتملة وفي المقابل يمكن للسعودية ودول مجلس التعاون ان يوفروا فرصا اقتصادية كثيرة للإتحاد الاوروبي.
ان لقاءات الجفري في البرلمان الأوروبي أظهرت ان الرياض تريد اقناع الاوروبيين ان هناك صراعا بين الخير والشر يجري في الشرق الأوسط و ان ايران تمثل جانب الشر في هذا الصراع لكن الجفري فشل في مسعاه لأن الأوروبيين سمعوا كلامه المكرر ضد ايران وبعد ذلك سألوه “ماذا تستطيع السعودية ان تفعل لخفض التوتر مع ايران؟” وقد عجز الجفري عن الإجابة واكتفى بحثّ الأوروبيين على وقف الدعم للدول التي تدعم ايران.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي قد أصدرت تقريرا الاسبوع الماضي حثت فيه ايران والسعودية على إستئناف العلاقات الدبلوماسية والعمل معا لإرساء الاستقرار في المنطقة.
وفي الحقيقة اعتبر هذا التقرير ايران لاعبا رئيسيا ومهما في المنطقة مشيرا الى جهود ايران لإيقاف داعش في العراق، وقد اكد النواب الأوروبيون ان سياسات ايران الإقليمية هي معتدلة بشكل أكبر بكثير مما تدعي السعودية.
عقدة اليمن
تحاول السعودية إيهام الآخرين بأن التحالف الذي تقوده هو امر ضروري لايجاد النظم والإستقرار أمام التهديدات الإيرانية لكن الاوروبيين في المقابل أثاروا قضية إنتهاك حقوق الإنسان على يد التحالف السعودي في اليمن وهذا القلق الاوروبي أدى الى المصادقة على حظر بيع السلاح للسعودية كخطوة أولى.
ان زيارة الجفري لبروكسل لم تجدي نفعا فبعد أيام منها صدر تقرير المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة رعد الحسين بشأن المجزرة السعودية المروعة في صنعاء كما دان حلفاء السعودية التقليديين مثل أمريكا وفرنسا ايضا هذا الهجوم وطالبوا بتحقيق مستقل ودولي حول جرائم الحرب التي حدثت في صنعاء.
وبعد هذا الموقف الصلب من المجتمع الدولي لم يجد السعوديون أمامهم طريقا سوى إبداء الأسف حيال هذا الهجوم وهذا يعتبر إعترافا بإرتكاب الجريمة كما وعدوا بإجراء تحقيق سعودي أمريكي مشترك.
وخلال ساعتين من المناظرة بين الجفري والنواب الأوروبيين أعرب النواب عن قلقهم من قضايا عديدة مثل دعم السعوديين لجبهة النصرة والدعم المالي السعودي للإرهابيين والدور السعودي في الدعاية الوهابية ونشر الوهابية في العالم والعمليات الإرهابية في اوروبا واستمرار احتجاز المدون السعودي رائف بدوي والتمييز الممارس ضد النساء ومنعهن من قيادة السيارات، وهكذا حشر النواب الاوروبيون الجفري في الزاوية. ويبدو ان الموقف الأوروبي من السياسات السعودية لن يتغيرالا اذا تغيرت السياسات السعودية.
ان المسؤولين والمنظرين الأوروبيين قد أكدوا مرارا بأن مصالح أوروبا تكمن في محاربة الإرهاب وإرساء الإستقرار في الشرق الأوسط واحتواء ظاهرة الهجرة وخلق الفرص الإقتصادية الجديدة وهذا يتطلب التعاون مع السعودية وايران في آن معا.
المصدر: لوبلاك