الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / المرأة والأسرة

المرأة والأسرة

 

3- أن يتناسب العمل مع الطبيعة الأنثوية للمرأة:

من الأعمال التي يجب أن تتمّ في هذا المجال الثالث، الذي أشرت له، ملاحظة أيّ أعمال ومهن تتناسب مع هذه الخصوصيّات (للمرأة).

بعض المهن لا يتناسب مع تركيب المرأة، حسن، لا ينبغي للنساء أن يسعين خلفها.

 

من الأعمال اللّازمة في هذا المجال أن لا يُفرض على المرأة تلك التخصّصات التي تنتهي عمليًّا بتلك المهن (التي لا تتناسب مع المرأة). وإن ّما أثير حول التخصّصات الجامعية من ضوضاء، وافتعال الأزمات حولها وأنّ هناك تمييزًا (بين الشباب والفتيات في التخصّصات). مثل هذا التمييز ليس سيّئًا دائمًا، فالتمييز عندما يخالف العدالة يكون سيّئًا ومرفوضًا. ولكن افرضوا مثلًا، حين يكون هناك فريق كرة قدم، فيُجعل أحد اللّاعبين مهاجمًا والآخر مدافعًا والثالث حارس مرمى. حسن، إنّ هذا تمييز أيضًا. ولو وُضع المدافع مكان المهاجم، فإنّ الفريق سيخسر المباراة. إذا وُضع المهاجم مكان حارس المرمى وهو لا يتقن هذه المهمّة، فالفريق حينها سيخسر. هذا تمييز، ولكن هذا التمييز هو عين العدالة. يوضع أحدهم هنا، والآخر هناك، وكلٌّ في مكانه.

 

فلنرَ، والحال هذه، وبالتوجّه إلى الأهداف العليا، ما هي الدروس والتخصّصات المناسبة للسيّدات، ولنقدّم لهنّ هذه الدروس والتخصّصات، ولا نجبرهنّ هكذا: ولأنّكنّ اشتركتنّ في الامتحانات الرسميّة بهذا الشكل وحصلتنّ على هذه العلامات يجب عليكنّ حتمًا أن تدرسن الاختصاص الفلانيّ، بينما هذا الاختصاص لا يتناسب مع طبيعة المرأة الأنثويّة، وكذلك لا ينسجم مع أهدافها العليا، ولا المهنة

التي يفرضها هذا التخصّص تتناسب معها. برأيي، إنّ هذه الأمور يجب أن تراعى في مجال عمل المرأة.

 

وخلاصة القول، علينا أن لا نعتبر أنّ عدم قيام المرأة بجميع المهن التي يقوم بها الرجل عيبًا أو نقصًا…[1]

 

4- أن لا يتنافى العمل مع مراعاة ضوابط الشرعية:

(ينبغي مراعاة) الحدّ الفاصل بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا عدم العمل في محيط واحد وعدم التعامل (بيع وشراء) في محيط واحد، كلاّ، فالجميع يشاهدون ذلك، بل معناه أنّ هناك حدوداً وضوابط للتعامل بينهما[2].

 

الثقافة الإسلاميَّة هي ثقافة عدم الاختلاط

إنّ الثقافة الإسلامية هي ثقافة عدم الاختلاط بين الرجل والمرأة، ومثل هذه الحياة تستطيع ـ برعاية الموازين العقلية ـ أن تحقّق السعادة وأن تتقدّم بصورة صحيحة، وقد شدّد الإسلام عليها.

 

وهذه الثقافة الإسلامية – بخلاف القضية التي أرادها وعمل لها طلّاب الشهوة وأصحاب السلطة والمال والقدرة من رجالهم ونسائهم ومن تحت سلطتهم – (فقد) رغبوا في إزالة هذا الحاجز الموجود بين

الرجل والمرأة. وطبعاً هذا شيء يعود بالضرر على حياة المجتمع وعلى أخلاق المجتمع، وهدر لعفة المجتمع، والأسوأ من ذلك أنّه يهزّ أركان الأسرة. إنّ الإسلام يبدي اهتماماً بالأسرة، وهذه هي الثقافة الإسلامية[3].

الزينة والتجمّل والحجاب

 

التجمّل أمر فطريّ ومشروع[4]

إنَّ غريزة النزوع نحو الجمال وحبّ الجمال والزينة تعتبر أمراً فطرياً، إلاّ أنّها قد تتفاوت إلى حدٍ ما مع مفهوم نزعة التجديد الذي يتّسم بطابع من الشمولية. أمّا ما أشرتم إليه في سؤالكم من تجميل وزينة وملبس وما إلى ذلك فله مفهوم خاصّ مؤدّاه أنّ الإنسان ـ والشابّ خاصّة ـ مجبول على حبِّ الجمال والزينة، ويرغب في أن يكون على هيئة جميلة. وهذا ميل طبيعيّ وفطريّ، ولا أعترض عليه ولم يحرّمه الإسلام، وإنّما حرّم الإسلام الفتنة والفساد.

 

لقد أعار الإسلام قضية الجمال أهمّيتها، وتناهى إلى أسماعنا كثيراً “أنَّ الله جميل يحبّ الجمال”[5]. ولدينا روايات كثيرة في كتبنا الحديثية حول تحسين الظاهر والهندام. وفي باب النكاح بحث مفصّل يؤكّد على وجوب اهتمام كلّ من الرجل والمرأة بوضعهما الظاهريّ. وقد يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ الرجل يجب أن يقصّر شعر

الرأس. ولكن ليس كذلك، إذ يستحبّ للشباب إطلاق شعر الرأس، وجاء في حديث شريف: “الشعر الحسن من كسوة الله تعالى فأكرموه”[6]. ونُقل أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمكان ينظر في إناء فيه ماء، حيث لم تتوفّر المرايا آنذاك كما هي عليه الآن، إضافة إلى فقر مجتمع المدينة آنذاك، ويرتّب ظاهره، عند خروجه من منزله. ولهذا كان ينظر في إناء فيه ماء بدلاً عن المرآة، ليرى وجهه ويرتّب هندامه. ويستشفّ من هذا أنّ الاعتناء بالوضع الظاهريّ والثياب الحسنة والميل إلى الجمال محبّذ شرعاً، إلّا أنّ القبيح والمضرّ فيه هو أن يتحوّل إلى أداة لإشاعة التبرّج والفتنة والفساد، حتّى أن أضرارها تنسحب ـ كما سبقت الإشارة ـ على الأسرة والأجيال اللاحقة[7].

 

حدود التجمّل والتزيّن

يجب أن لا يكون الجمال والزينة مدعاة لتفشّي الفساد والرذيلة في المجتمع، ولا يقود إلى إشاعة التحلّل الخُلقيّ. ولكن كيف يشيع التحلّل الخلقيّ؟ لا شكّ في أنّ أساليب شيوعه واضحة.

 

فإذا كانت علاقات الرجل والمرأة لا تخضع لحدود أو قيود، فهي تؤدّي تلقائياً إلى نشر الفساد.

وكذلك الغلوّ في الاندفاع نحو التجديد (الموضة) في الثياب والملابس ينتهي بإشاعة الفساد، إذا أصبح الاهتمام بالزينة والظاهر الجميل وأمثال ذلك هو الهاجس الأساس والهمّ الرئيس في الحياة، فهو عين الانحطاط والانحراف، كما كان حال النساء من طبقة الأشراف ممن كُنَّ يجلسن خلف طاولة التجميل في عهد النظام البائد. هل تتصوّرون كم ساعة كُنَّ يجلسن على تلك الهيئة؟ كُنَّ يجلسن ستّ ساعات. وهذه حقيقة كانت لدينا معلومات دقيقة عنها حيث كان بعض النساء يستهلك مثل هذا الوقت من أجل تجميل وجهها وتصفيف شعرها وإعداد نفسها للذهاب إلى حفلة زواج مثلاً. فإذا بلغت الأمور هذا الحدّ فهي عين الانحراف والانحطاط. ولكن لا إشكال في ترتيب المظهر والملبس بالشكل المناسب بعيداً عن مظاهر التبرّج والمباهاة[8].

 

لقد حرّم الإسلام التبرّج بما يعنيه من إظهار النساء زينتهنّ أمام الرجال. إنّه من أنواع إثارة الفتنة وعليه مؤاخذات كثيرة لا تقتصر إفرازاتها على وقوع الشابّ والشابّة في الإثم ـ فالإثم أوّلها ـ وإنّما تسري مخلّفاتها إلى كيان الأسرة أيضاً. لأنّ مثل هذه العلاقات المتحلّلة من كلّ القيود ذات أثر مدمّر على كيان الأسرة، فبناء الأسرة قائم أساساً على الحبّ، وإذا توفّر هذا الحبّ – حبّ الجمال وحبّ الجنس الآخر

في موضع آخر- لا تبقى ثمة دعامة قوية يرتكز عليها بناء الأسرة، ممّا ينتهي إلى ضعضعة كيانها وتصبح على غرار ما هي عليه في البلدان الغربية، وخاصّة في دول أوربا الشمالية وأمريكا.

 

أخذ الأمريكيون في الآونة الأخيرة يعانون الأمرّين من هذه المشكلة، فالعوائل أخذت تتلاشى حتّى أصبحت هذه الظاهرة معضلة مستعصية لديهم، وتنعكس أضرارها بالدرجة الأولى على النساء، إضافة إلى ما يعانيه الرجال بسببها من متاعب، إلّا أنّ ضررها يصيب النساء أكثر ثمّ يصيب الجيل الوليد. ألا تلاحظون هذا الجيل الضائع الفاسد الموجود في العالم عامّة وفي أمريكا خاصّة؟ فهذا كله نابع أساساً من ذاك. أي أنّ تلك هي المقدّمة والمنفذ الذي تأتي من خلاله بقية الشرور[9].

 

طالعت في إحدى المجلّات الأمريكية مؤخّراً خبراً نقلته عنها صحفنا أيضاً، جاء فيه أنّ تلميذين في العاشرة والثانية عشرة من عمريهما أطلقا النار على التلاميذ والمعلّمين في مدرستهما، وقتلا عدداً منهم.. وكانا أطلقا صفارة الانذار ليحتشد التلاميذ في مكان واحد ثمّ أطلقا النار. والحقيقة أنّ مثل هذا الوضع مؤلم ومدمّر للمجتمع. فمثل هذه الجريمة التي ترتكب بهذا البرود وعدم المبالاة جاءت كنتيجة لسوء التربية النابعة من ذلك التحلّل[10].

[1] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مجموعة من النساء النخبة، بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من النساء النخبة في المجتمع، بتاريخ 19/04/2014م.

[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[3] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[4] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية, في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج6، ص438.

[6] الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه‏، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم‏، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم‏، 1413ه‏، ط2، ج1،ص129.

[7] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[8] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[9] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[10] م.ن.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...