الرئيسية / القرآن الكريم / القرآن في الاسلام – العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي

القرآن في الاسلام – العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي

04 ولابد من درس تلك القوانين والآداب من كتاب الفطرة والخليقة ونعني به التعليم الإلهي – مع
رعاية القرآن الكريم هذه المقدمات وضع مناهج الحياة للانسان كما يلي :
جعل أساس المنهج على معرفة الله وجعل الاعتقاد بوحدانيته أول الأصول الدينية ، ومن
طريق معرفة الله دله على المعاد والاعتقاد بيوم القيامة الذي يجازى فيه المحسن
باحسانه والمسئ بإساءته وجعله أصلا ثانيا ، ثم من طريق الاعتقاد بالمعاد دله على
معرفة النبي لأن الجزاء على الأعمال لا يمكن الا بعد معرفة الطاعة والمعصية والحسن
والسئ ولا تتأتى هذه المعرفة الا من طريق الوحي والنبوة – كما سنفصله فيما بعد وجعل هذا أصلا ثالثا .

 
واعتبر القرآن الكريم هذه الأصول الثلاثة – الاعتقاد بالتوحيد والنبوة والمعاد أصول الدين الاسلامي .
وبعد هذا بين أصول الأخلاق المرضية والصفات الحسنة التي تناسب الأصول الثلاثة
والتي لابد أن يتحلى بها كل انسان مؤمن ، ثم شرع له القوانين العملية التي تضمن
سعادته الحقيقية وتنمي فيه الأخلاق الطيبة والعوامل التي توصله إلى العقائد الحقة
والأصول الأولية .

 
وهذا لأننا لا يمكن أن نصدق أن انسانا يتصف بعفة النفس وهو منهمك في المسائل الجنسية
المحرمة ويسرق ويخون الأمانة ويختلس في معاملاته ، كما أننا لا يمكن أن نعترف بسخاء
شخص يفرط في حب المال وجمعه وادخاره ومنع حقوق الآخرين ، وكذلك لا نعتبر رجلا مؤمنا
بالله تعالى واليوم الآخر وهو لا يعبد الله ولا يذكره في أيامه ولياليه . فالأخلاق
المرضية لا تبقى حية في الانسان الا إذا قورنت بأعمال تناسبها .

 
ومثل هذه النسبة التي ذكرناها بين الأعمال والأخلاق توجد أيضا بين الأخلاق
والعقائد ، فان انسانا مغمورا بالكبر والغرور وحب الذات لا يمكن ان يعتقد بالله تعالى
ويخضع لعظمته ، وهكذا من لم يعلم طول حياته معنى الانصاف والمروءة والعطف على
الضعفاء لا يدخل في قلبه الايمان بيوم لقيامة والحساب والجزاء .
يقول تعالى بصدد ربط العقائد الحقة بالأخلاق المرضية : ( اليه يصعد الكلم الطيب
والعمل الصالح يرفعه ) ( 1 ) .

 
ويقول تعالى في ربط الاعتقاد بالعمل : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا
بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ) ( 2 ) .
ونتيجة القول : ان القرآن الكريم يحتوي على منابع أصول الاسلام الثلاثة كما يلي :
1 أصول العقائد ، وهي تنقسم إلى أصول الدين الثلاثة التوحيد والنبوة والمعاد ،
وعقائد متفرعة عنها كاللوح والقلم والقضاء والقدر والملائكة والعرش والكرسي وخلق
السماوات والأرضين وأشباهها .
2 الأخلاق المرضية .

 
3 الأحكام الشرعية والقوانين العملية التي بين القرآن أسسها وأوكل بيان تفاصيلها
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وجعل النبي بيان أهل بيته عليهم السلام بمنزلة
بيانه كا يعرف ذلك من حديث الثقلين المتواتر نقله عن السنة والشيعة ( 1 ) .
القرآن سند النبوة :
يصرح القرآن الكريم في عدة مواضع أن كلام الله المجيد يعني أنه صادر من الله تعالى
بهذه الألفاظ التي نقرأها ، وقد تلقاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الألفاظ
بواسطة الوحي .

 
وللاثبات بأنه من كلام الله تعالى وليس مما أبدعه البشر تحدى القرآن في آيات منه
كافة الناس في أن يأتوا ولو بآية من مثله ، وهذا يدل على أنه معجز لا يمكن أن يأتي
بمثله أي واحد من الناس .
قال تعالى : ( أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين ) ( 2 ) .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...