الرئيسية / القرآن الكريم / آلاء الرحمن في تفسير القرآن 10

آلاء الرحمن في تفسير القرآن 10

اعجازه في وجهة علم الغيب
وقد تكرر في القرآن معجزه في اخباره بالغيب اخبارا يقتضي التكهن والفراسة خلافه من حيث النظر الى الحال الحاضر وطغيان الشرك وضعف الدعوة الإسلامية وما يجري من النكال والتشريد والجفاء على ملبيها . فمن ذلك قوله في سورة الحجر المكية في الأمر لرسول اللَّه ( ص ) بالإعلان بالدعوة والبشرى بنجاحها وارغام معانديها ومعارضيها

وكان ذلك عند طغيان الشرك واستفحاله وهيجان المشركين على رسول اللَّه « 94 فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ : 95 إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ : 96 الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّه إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وقد كفاه اللَّه اشرف كفاية لم تكن تعلق بها الآمال بحسب العادة .

وقد بان للمشركين وعلموا
ما في قوله تعالى في آخر الآية فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . وقوله في سورة الصف المكية في الحال الذي وصفناه من طغيان الشرك والمشركين « 9 هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَه بِالْهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَه عَلَى الدِّينِ كُلِّه ولَوْ كَرِه الْمُشْرِكُونَ فأظهره على الذين أعز اظهار أرغمت به آناف المشركين . ومن الاخبار بالغيب قوله تعالى

في سورة الروم غُلِبَتِ الرُّومُ 2 فِي أَدْنَى الأَرْضِ وهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 فِي بِضْعِ سِنِينَ فغلبت الروم فارس ودخلت مملكتها قبل مضي عشر سنين وقوله تعالى في سورة تبت في شأن أبي لهب وامرأته سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وامْرَأَتُه حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ وهو اخبار بأنهما يموتان على الكفر ولا يحظيان بسعادة الإسلام الذي يكفر عنهما آثام الشرك

ويحط أوزاره فماتا على الكفر كما اخبر به اخبارا حتميا ولك العبرة في ذلك بأن إنجيل متى ذكر اخبارا واحدا غيبيا للمسيح وهوائه يبقى مدفونا في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال .

ولكن ما برح إنجيل متى أن كذب في أواخره هذا الإخبار فوافق الأناجيل الثلاثة الأخر على ان المسيح في مساء ليلة السبت طلب بعض الناس جثته من بيلاطس فأنزلها عن الصليب وكفنها ودفنها وقبل الفجر من يوم الأحد قام المسيح من الموت وخرج عن قبره .

وعلى ذلك لا يكون المسيح بقي في القبر الا ليلة السبت ونهاره وليلة الأحد وذلك نهار وليلتان هذا وإني عند مقايستي للقرآن الكريم بما ينسب إلى الوحي الإلهي من كتب الأمم المتدينة ومنهم البراهمة والبوذيون وغيرهم لم يحضر عندي الا كتب العهدين فلا ينبغي ان يجعل مقايستي بهما تحاملا على خصوص اليهود والنصارى .

ولي العذر في ذلك فإنه لا يصح للإنسان ان تأخذه في خدمة الحق وإيضاح الحقيقة وتأييدها لومة لائم او يصده عذل عاذل . فإن خدمة الحق نصرة للبشر جميعا واللَّه المستعان هذا شيء قليل من البيان في الوجهات المذكورة إذ لا يسع هذا المختصر اكثر من ذلك .

وهب ان الوساوس تتقحم على الحقائق وتغالط الأذهان بواهيات الشكوك في الاعجاز ببعض آحادها ولكن هل يمكن ذلك بالنظر إلى مجموعها . وهل يسوغ لذي الشعور ان يختلج في ذهنه الشك في اعجاز الكتاب الجامع بفضيلته لهذه الكرامات الباهرة وخروجه عن طوق البشر مطلقا وخصوصا في ذلك العصر وتلك الأحوال وهل يسمح عقله الا بأن يقول ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى )

شاهد أيضاً

في رحاب الولي الخامنئي – الإمام علي عليه السلام 04 \ 17

الفصل الرابع:   الحكم عند أمير المؤمنين عليه السلام مزايا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ...