الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / شبهات و ردود – المحقق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

شبهات و ردود – المحقق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

الشريعة الاسلامية من معين السنة النبوية بين حماية العلماء و تزييف العلمانيين

القسم السادس

الفصل الثالث مع مؤشّرات الهدف

 

1 ـ عقليّة تزييفيّة !

يحاول العلمانيّون أن يزيّفوا « حضارة الإسلام » وما يمتّ إليها من عقائد وشرائع ومصادر وتراث وتاريخ وماض وحاضر ، وأن يرسموا لها مستقبلا مظلماً موحشاً . لماذا كلّ هذا؟! إنّ المتعلّمين في جامعات « الغرب » 4 . وجدوا أنفسهم أمام حضارة مليئة بالمغريات وأسباب الرفاهيّة واللهو ، وجديدة في فكرها ، وخيالها وتقاليدها حتّى في المأكل والملبس . . . والحضارة الغربية ، مهما كانت قائمة على اُسس وقواعد ، أو لا قواعد ، ومهما كانت أهدافها شريفة أو مغرضة لئيمة ، وطرق تنفيذها صحيحة أو خاطئة ، فقد سار عليها الغربيّون ، وتربّوا عليها . وقد وجد الشرقيّون ـ والشباب المتعلّم في الغرب وعلى اُسسه وطريقته ـ لذّةً في هذا الجديد ، كما هي في كلّ جديد ، فاعتقدوا أنّ هذه الحضارة هي السبب في تقدّم الغرب علميّاً وتكنولوجيّاً ، وإزدهار العمارة والاقتصاد في الغرب ، وسرّ القوّة العسكرية الهائلة التي توصّل إليها ، ومن وراء ذلك كلّ التراتيب الإدارية والأمنية ، والنظام . . .

 

و عاد الشرقيّون إلى أرض الشرق ـ وخاصّة الأوسط الذي تقطنه الغالبية المسلمة ـ ليروا كلّ المظاهر على خلاف ما في أرض الغرب ، و ليجدوا التخلّف و الغوغائية ، واللانظام في كلّ شيء ، فلم يشكّوا في أنّ سبب هذا التخلّف إنّما هو في « الحضارة الإسلامية » التي يلتزمها المسلمون و الديانة التي يعتقدون بها . و بدلا من أن يفكّروا في أسباب هذا الاختلاف بين الغرب والشرق ، بقراءة اُصول الفوارق بين الحضارتين « الشرقية و الغربية » و بهدوء العلماء ، و حياد المفكّرين ، و إرادة صادقة يلزم توفّرها في الحاكمين على قضايا هامّة تمسّ تاريخ الشعوب ، فإنّهم قرأوا كلّ شيء بنظّارات مصنوعة في « الغرب » و بموازين وزوايا وضعتها الجامعات الغربية التي تعلّموا فيها مناهج التفكير والدرس والتحقيق . و في قفزة نوعيّة أهملوا الموادّ الجاهزة للدراسة عن الحالة المتردّية في الاُمّة العربية بالذات ، والمسبّبة عن ما يجري اليوم وفي الأمس القريب في البلاد الإسلامية وعلى أيدي الغربيّين وعملائهم من إنتهاكات صارخة ضدّ الحضارة والفكر والتراث ، وضدّ

 

« الإنسان » المفكّر أو ضدّ نواة كلّ إزدهار وتقدّم على أرض الشرق ، و عند أهل الشرق ! هذه المادّة التي نعيشها ، بمصادرها و ينابيعها و أسبابها و مسبّباتها و مكوّناتها و نتائجها ، بحيث يتيسّر لكلّ باحث ودارس أن يتوصّل بأيسر طريق و أسرعها ، إلى معرفة أسباب التردّي الحضاري الذي ابتليت به الاُمّة . فبدلا من هذا ، فإنّ العلمانيّين وجّهوا فوّهات دراساتهم وأسلحة تحقيقاتهم وجهودهم النقدية إلى « الإسلام » وتاريخه وتراثه ومصادر فكره ، واُصول عقيدته ، وفروع أحكامه وتشريعاته ، وأنظمة إدارته وقضائه وحكمه . زاعمين أنّهم يبحثون عن « سرّ تأخّر الاُمّة » في « وجود الإسلام » وتراثه ، وأنّه هو السبب في هذا التردّي الحضاري عند المسلمين ، وعند العرب خاصة ، والتدهور الخطر في عقلهم وعملهم وحياتهم وتاريخهم ،

 

وأنّ السبب الأصلي في تأخّرهم عن ركب الحضارة الهادر ـ المتمثّل في الحضارة الغربية المعاصرة ـ هو التزامهم بهذا الدين ومصادره وطريقة تفكيره وتشريعاته! وفي بحوثهم ودراساتهم ، بدلا من أن يكون لهم وجدان العالم المحقّق والناقد الحيادي ، فإنّهم أسّسوها على إساءة الظنّ بكلّ ما هو شرقي أو يمتّ إلى هذا الدين بصلة ، فهم يقلبون كلّ ما فيه من حسنات إلى سيّئات ، أو ينسبون حسناته إلى جهات اُخرى ، بل يحاولون أن يتّهموه بما هو بريء منه ، من السيّئات والقبائح ، توصّلا إلى النتائج التي رسموها وقرّرها واتّفقوا عليها مسبقاً ، لتلك البحوث والدراسات . وفي انتهاج النقد ، بعقليّة تزييفيّة لكلّ شيء إسلامي ، تابعوا مواضع أقدام أساتذتهم في الجامعات الغربية ، من المستشرقين الذين بدأوا قبل أكثر من نصف قرن هذا المنهج ، حاملين عقليّة التزييف لكلّ ما هو إسلامي من فكر و شريعة ، حتّى التقاليد و الطباع .

 

والفارق بين المؤسّسات الاستشراقية ، و التيّارات العلمانية ، أنّ الأُولى كان أفرادها يكتبون بلغات أجنبيّة بعيدة عن متناول الإدراك ، ومتناول الأيدي في الأرض الإسلامية ، إلاّ بعد ترجمة التلامذة لها إلى العربية . أمّا هؤلاء العلمانيّون فهم فخورون بأنّهم « عرب الألسن » يكتبون بلغة اُمّتهم! و يؤدّون الواجب بسهولة وسرعة ، و بكلّ صراحة ، و جسارة و شجاعة ! لأنّهم يعتبرون أنّ لهم الحقّ في التعبير والتدخّل في شؤون تمسّ حضارة اُمّتهم ، و إن كانوا يقومون مقام « البدلاء » عن المستشرقين والغربيّين ، و ينتهجون مناهجهم في التزييف لكلّ ما يمتّ إلى هذه الاُمّة من حضارة وتقاليد . وبينما كانت الاُمّة تنظر لما يصدره الغربيّون من دراسات متهجّمة على الإسلام وتراثه ، بعين الريبة والنقد ، فإنّ العلمانيّين يحاولون أن يعتبروا كلّ نقد موجّه إليهم « إرهاباً » ويتّهموا كلّ مفكّر يعارضهم بالاُصولية ، وامتلاك « العقلية التكفيرية » . و أمّا غوصهم في مستنقع « العقلية التزييفيّة » وقيامهم بعبادة الغرب ، وإنبهارهم بالحضارة الغربيّة ، و هجومهم على الاُمّة الإسلامية ودينها وحضارتها وتراثها وتقاليدها ، وبأساليب ساقطة و طرق تزويرية منحطّة ، فإنّ ذلك عندهم « حريّة فكريّة »

 

و « منهج نقدي شجاع » و « حداثة » و « انفتاح »! ولسنا بصدد منعهم من انتهاج طريقة تفكير معيّنة ، حتّى لا نُتّهم بمصادرة حريّة التفكير ، و لا باحتكار المعرفة ، و لكنّا نتساءل : عن السبب في محاولتهم احتكار المعرفة ، وتزييفهم لكلّ قراءة لا تتّفق ورؤاهم ، حتّى لو كانت تمثّل الحقيقة المرّة في أذواقهم ؟! مع أنّ الغربيّين أنفسهم قد رسموا للبحث طرقاً ومناهج في التوثيق واستخدام المصادر ، وهي تعبر أوّليّة وضرورية لكلّ دراسة يراد لها القبول والرواج ، ويحاول فيها التوصّل إلى النتائج السليمة ، فلابدّ أن تساير الأساليب الوضعية المعترف بها ، و الأعراف المقبولة ، وليس من الشجاعة ، ولا الحرّية تقتضي أن يتجاوز الباحث هذه الطرق والمناهج ، ولو بدعوى القراءة للإسلام وتراثه ، وليس ذلك مدعاة للفخر و لا للزهو حتّى في مرأى الأسياد الغربيّين! إنّ تحكّم الروح الغربيّة وسيطرة العقليّة التزييفيّة على العلمانيّين ، سبّبا في أن يحاولوا دائماً إملاء النتائج المعيّنة

 

ـ مسبقاً ـ على « الأدلّة » وتوجيه الأدلّة إلى النتائج المرسومة تلك ، وليس اتّباع الدليل حيثما يتوجّه ، وقبول ما يُرشد ، أو يتوصّل إليه . إنّ هذا الانقياد للمدلول على حساب الأدلّة ودلالتها القاطعة ، مرفوض عند كلّ من يفكّر بطريقة حياديّة و مجرّدة عن الأهواء . ولم تخل المؤلّفات التي تصدرها التيّارات العلمانية من الوقوع في وهدات من هذا القبيل ، ومن أمثلتها الحديثة كتاب « تدوين السنّة » لفوزي * الغرض : تزييف الشريعة! إنّ المحاولة الجادّة للدراسات العلمانية هي تطبيع الحضارة الإسلامية لأنماط الحادثة الغربية ، وليس هو العكس ، وهذا سبب الاعوجاج في المناهج التي تسير عليها محاولات العلمانية العربية بقناع البحث في الإسلام ، وقراءة مصادره ، وخطابه بصورة حديثة . وقد أعرب فوزي في مقدّمته عن غرضه : تزييف الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ، باعتبارها غير قابلة للتطبيق ، وهذا الغرض رافقه على طول الكتاب ،

 

وفي جميع أقسامه وفصوله حتّى الخاتمة في النهاية الأخيرة . وقد عدّه بعض النقّاد : « جسوراً و شجاعاً » و « ناقداً منهجيّاً » لأنّه لم يحاول أن يقدّم ما يبرّر هذا الغرض ، أو يحدّد أهدافه ، بل لأنّه « دخل بالقارئ مباشرةً في قلب المشكل الذي يتصدّى له » فهو يقول في أوّل صفحة من مقدّمته ، ص11 : « يعيش العالم الإسلامي في ضياع وقلق فكري ، وتمزّق إجتماعي ، وانقسام في صفوف الشعب الواحد ، بينما ينعم العالم الغربي ـ الذي سلك طريق العلم والحضارة والحرية الفكرية ، وتخلّص من رواسب الماضي ـ باستقرار فكري ، و ازدهار اقتصادي ، وتقدّم علمي ، في جميع مجالات الحياة » . إنّ افتخار العلمانية بما حقّقه الغرب من تقدّم ، وما يسمّونه « نعمة » على فرض صدق المقولة ، إنّما هو من قبيل افتخار العنّين بذَكَر أبيه ، أو العاقر بولد ضرّتها . وهنا نجد الخلط المتعمّد بين « العلم » و « الحريّة الفكرية » و « التقدّم العلمي » أمّا قوله :

 

« في جميع مجالات الحياة » فهل يعلم أنّ الغربيّين أنفسهم يرفضون هذه الدعوى ، ويصرّحون بأنّ تقدّمهم العلمي والتكنولوجي إنّما كان على حساب الإنسانية والأخلاق والقيم! ثمّ ما المراد من « العالم الغربي »؟! هل هي النخبة الحاكمة في البلدان الغربية ـ سواء من بيدهم السلطان وأصحاب الكارتيلات ، ورؤوس الأموال والأسهم والبنوك والمصانع والشركات ، اُولئك المتمتّعون بكلّ مزايا الحياة المرفّهة؟! أو عامّة الشعوب الكادحة والأعداد المليونيّة العاطلة عن العمل ، أو الطبقة المحرومة من أبسط مستلزمات العيش ، كالمسكين؟! إنّ الحكم المطلق على الحياة في العالم الغربي بالحريّة والتقدّم . . . ، إنّما هو تمهيد لما يريده من الحكم على العالم الإسلامي بتزييف كلّ شيء! ومن دون أن يفرّق في حكمه على العالم الغربي بين الأغنياء والفقراء ، فإنّه في العالم الإسلامي ـ المنتمي إلى الإسلام كشريعة ـ يفرّق بين الاُصوليّين ،

 

الذين ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية ، وبين الجماهير الإسلامية ، فيعتبرهم « ليس لديها مفهوم واضح وجلي عن الشريعة الإسلامية » . فهل جماهير الشعوب الغربية لديها مفهوم واضح عن التشريعات الغربية ، أو المعطيات العلمية التي تقوم عليها؟! وبينما يوحي أنّ التشريعات الحديثة تقوم على « المعطيات العلمية » وعلى « المبادئ والاُسس » فهو يحاول أن يشوّه صورة الاُسس التي تبنى عليها الشريعة الإسلامية ، ويزيّفها ، ويجعلها مشتّةً ، وبعيدة عن أعين الجماهير المسلمة! فهل الاُسس والمبادئ ـ المدّعاة للتشريع الغربي أنّه يقوم عليها ـ معروضة أمام أعين الجماهير الغربية؟! وبينما هو يطلق عنان التمجيد والتخليد للشريعة الغربية ، يقول : « لقد وضعت الشريعة الإسلامية عن النطاق التاريخي للعصر الذي ظهرت فيه ، وهو عصر قبليّ ، ومن البديهيّ أن يحمل في طيّاتها كثيراً من سمات ذلك العصر ، لتتلاءم أحكامها مع حاجات الناس ـ القليلة والبدائية آنذاك ، ومع قدراتهم الفكرية والأخلاقية على إستيعابها و الأخذ بها » .
وهذا الكلام يوهم أنّ الشريعة الغربية خالدة ، ولم تنشأ في عصر معيّن ، ولا بيئة خاصّة ، ولم تسق في النطاق التأريخي للعصر الذي وضعت فيه! مع أنّا لو لاحظنا سرعة « التقدّم العلمي » الفائقة في هذا العصر ، لرأينا أنّ كلّ يوم يمضي على أهله فهو بمنزلة عقد ( 10 سنوات ) من الزمن الماضي ، فإذا كانت الإشكالية على الشريعة الإسلامية إنّما هي تقيّدها بنطاق تاريخي محدّد ، فكلّ ما يسنّه الغرب من شرائع فهو كذلك مقيّد بنطاقه الزمني ، ويصبح بعد فترة وجيزة تاريخيّاً بائداً ،

 

بل إنّ التقدّم العلمي السريع يكشف عن أخطاء التشريعات ، بنفس الدرجة التي يتقدّم بها العلم والتكنولوجيا ، وبذلك لا تبقى الثقة مستمرّة بالتشريعات الغربية! فلماذا الدعوة الجادّة هذه إلى التزام التشريع الغربي ، على حساب الشريعة الإسلامية؟! أمّا إذا كانت ملاكات التشريع في الغرب ، هي « المصالح والمفاسد » البشرية ، فهي لابدّ أن تستقرّ ولا تكون عرضة للأهواء ، ولا تتأرجح بإرادات سلطوية ، تشرّع ما يحبّ أن يتغيّر ، لأنّ المصالح البشرية ثابتة ومستقرّة وهي عامّة لكلّ البشر لا تفرّق بين عنصر وعنصر ، ولا شعب وشعب ، ولا زمان وزمان ، ولا طائفة وطائفة ، وهذا هو ما ابتنيت الشريعة الإسلامية عليه ، لأنّها تتّبع إرادة السماء ، بعد الاعتقاد بوجود « الله » العالم بمصالح عباده وما يفسد وجودهم ، ولذلك فإنّ شريعة الإسلام ، هي

 

« إلهيّة » قبل أن تكون « أرضيّة » و « دين الله لا يُقاس بالعقول » و « حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة » . هكذا يفكّر المسلمون ، ويلتزمون بشريعة الإسلام ، بعد أن وجدوا في هذا الدين الطريق الصالحة للحياة ، والشريعة الموافقة للعقل والعدل والوجدان ، والبعيدة عن الظلم والعدوان ، وبعد أن جرّبت الجماهير ـ طوال القرن الماضي وما سبقه ـ حضور الأنظمة المختلفة المستبدّة والقبلية والملكية والجمهورية الغربية ، وذاقت الأمّرين من النظم المدّعية للحريّة والتابعة للغرب ، ووضح لها فشل القوانين والدساتير المستلهمة من الغرب ، والتي طبّقت حرفيّاً في جميع الأرض الإسلامية ،

 

فلم تجن الشعوب منها إلاّ البلاء والتخلّف الحضاري المشهود ، وقد وجدت الجماهير إلى الدعوة إلى تطبيق الإسلام الذي ميّزوا بكلّ وجودهم ما فيه من خير وبرّ وعدل . وإذا اعترف المؤلّف ( فوزي ) بأنّ الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في عصرنا تلقى الإستجابة من الطبقات الشعبية الإسلامية ، لأنّ هذه الدعوة قائمة على استغلال « المشاعر » ص25 . فهل فكّر : لماذا عادت هذه المشاعر المتروكة منذ مجيء الاستعمار إلى الأرض الإسلامية ، عادت إلى الحياة ، لتستغلّ من جديد؟! ولماذا يحاول العلمانيّون أن يفرّغوا الملايين من شعوب الاُمّة الإسلامية من « إرادتهم » و « رغبتهم » و « فكرهم » ويفرضونهم مستغلّين من قبل الآخرين ، والاُصوليين ـ مثلا ـ؟! ولِمَ لا يفرض مثل ذلك في الشعوب الأُوبيّة التي تتلاعب بعقولها ثلّة من ذوي الأطماع الفاسدة من اليهود والسياسيّين؟!

 

2 ـ تطبيق الشريعة يقظة حضارية

إنّ الملايين الشعبية التي صوّتت إلى جانب تطبيق الشريعة الإسلامية ليس هم الاُصوليّون ـ كما تحلو للعلمانية تسميتهم ـ وحدهم ، وإنّما هم الجماهير التي تسحق تحت أقدامها المعسكر العميل للغرب ، بل جنود الغرب ، وذيولهم يحملون أقلاماً مزيّفة يشوّهون صورة شعب كامل ، ويزيّفون عقله وإرادته . وإذا اعترف المؤلّف في ص14 بأنّ :

 

« الحضارة الإسلامية قامت عندما كانت الشريعة قريبة من مفاهيم الناس ومداركهم ، وكافية لاستيعاب النموّ الاجتماعي » . فإنّ الناس هم اليوم ـ في كلّ الأرض الإسلامية والعربية ـ يقتربون من الإسلام ـ بعد فصل الاستعمار لهم عنه ـ ويعودون إليه ، لأنّهم وجدوه الأوفق بمداركهم ، والمؤمّن لحاجاتهم الإجتماعية ، ويطالبون الحكّام العملاء بتطبيق الشريعة الإسلامية ، بعد أن ذاقوا الأمّرين بالابتعاد عنها من القوانين والنظم المقرّرة في الغرب ، والتي فرضتها الدول الاستعمارية ، فلم تَجْنِ الشعوب والأرض الإسلامية منها إلاّ الخيبة والدمار والتخلّف في مجالات الحياة كلّها . ويوم دخل الاستعمار أرض الإسلام ، كان رتله الخامس المتخفّي هو الذي يدعو إلى رفض الإسلام وشريعته ، ويتّهمه بالتأخّر والجمود ويتبجّح بالتقدّم الغربي ،

 

وقد تمكّن من ذلك بالقوّة العسكرية والتزوير من فرض إرادته وعملائه على الحكم في البلاد الإسلامية ، وإزواء الإسلام وتزييف عقيدة الناس به . و اليوم ، وبعد أن عرف الناس زيف ادّعاءات الغرب ، وزيف نظمه وتشريعاته ، جاء رتل العلمانيّين ، ليعيدوا الكرّة على الإسلام وتشريعاته ، باُسلوب « البحث والدراسة » وقد غفلوا من أنّ الناس ـ هذه المرّة ـ قد تسلّحوا بالتجربة المرّة من الغرب وتشريعاته ، ولن ينخدعوا بهذه الدعايات المغرضة ، وعمليات التزوير والتشويه لسمعة الدين والشريعة . إنّ الجماهير من الناس تعلم أنّ الحضارة الإسلامية ما انهارت إلاّ عندما تُرك العمل بشريعة الإسلام ، واتّهمت بالقِدم والتأريخيّة ، ولجأ المقنّنون العرب إلى الغرب يقتبسون من تشريعاته ، ليدسّوه في دساتير البلدان الإسلامية والعربية ، ويكفي إلقاء نظرة إلى قوانين البلدان العربية ليجد بُعدها عن الشريعة الإسلامية واعتمادها على القوانين الفرنسية والإنكليزية والأمريكية! فلماذا لم تفلح الدول العربية ، لو كان في النظم الغربية وتشريعاتها ، خير ، و علم ؟!
إنّ التخلّف والدمار اللذين باءت بهما المجتمعات الإسلامية ، إنّما هو من جرّاء الإلتزام بالنظم العميلة للغرب والقوانين الوضعيّة الغربية السارية المفعول في البلاد الإسلامية والعربية منذ أكثر من قرن . ولن تعود الاُمّة ثانية إلى تلك التجربة المرّة « فإنّ المؤمن لن يلدغ من جحر مرّتين » .

 

3 ـ شريعة الغرب ، و المبادئ و القيم !؟

لكنّ كلّ هذا ، ولا بعضه ، لا يحلو للعلمانيّين ، ومؤلّف كتاب « تدوين السنّة » يحاول هو أيضاً عرض « إشكاليات » عديدة على الشريعة الإسلامية ، فبعد ما نقلناه من مقدّمته ، يقول في خاتمته ص375 : « هذه هي الشريعة الإسلامية ، بسطناها بكلّ حياد و تجرّد [!!] فما الذي يصلح منها للتطبيق في عصرنا؟ » . ثمّ يدعو المسلمين الحريصين على التمسّك بالمبادئ الأساسيّة التي جاءت في القرآن الكريم إلى : « طرح المسائل الكشلية التي سقطت بتقدّم الإنسان في عصرنا ، و التقريب بينها و بين المبادئ التي نصّت على شريعة حقوق الإنسان ، والقائمة على المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل ، والتي تنبع جميعاً من قيم إنسانية وأخلاقية ، وليس في هذه المساواة ما يتنافى مع المبادئ الأساسيّة للشريعة الإسلامية » . وهذه الخاتمة الموجزة ( صفحة واحدة فقط! ) تجمع « كلّ الصيد في جوف الفرا » حيث أعطى غرضه بوضوح ، وهو الذي لم ينفكّ عنه في كلّ صفحات الكتاب ، ويتلخّص في : « إنّ التشريعات الغربية الحديثة ـ جميعاً ـ تعتمد القيم الإنسانية والأخلاقية ، فيجب إسقاط ما يتنافى من التشريعات الإسلامية مع التشريعات الحديثة »!
إنّه يفرّق بين التشريعات الغربيّة ـ فهي عنده تعتمد على القيم الإنسانية والأخلاقية ـ وبين التشريعات الإسلامية فيقول إنّها مقيّدة بالنطاق التاريخي في العصر الذي وضعت فيه! وقد عرفت زيف هذه التفرقة! أمّا عن « القيم » المزعومة ، التي يدّعي إعتماد التشريعات الغربية عليها : فهل يعترف الغرب ـ والعلمانيّون ـ بشيء اسمه « القيم »؟! فمن أمثلة ذلك ما ذكره المؤلّف في ص51 ، أنّ الحضارة الحديثة : « ألغت الرقّ في العالم ، واعتبرته جريمة إنسانية ، وأعلنت المساواة في الحقوق بين الناس ، وتتمثّل هذه المساواة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ألقى التمييز بين البشر ، وساوى في الحقوق بين المرأة والرجل » . نعم ، فإنّ هذا هو « الإعلان » لكن أين العمل والتطبيق؟! فلو أنّ الحضارة الغربية ألغت الرقّ في الإعلان ، فهل اُلغي الرقّ فعلا ، أم أنّ الأحرار أصبحوا هم رقيقاً للقوّة والثروة المكدّسة ،

 

وعصابات المافيا ، وتجّار المخدّرات ، وهيمنة أجهزة الاستخبارات العالمية؟! وإذا اعتبروا الرقّ جريمة إنسانية ، يهابونها ، فلماذا لا يُقلعون عن الأكبر منها من الجرائم المروّعة ضدّ البشر في العالم ، بل ضدّ الموجودات الكونيّة الاُخرى؟! وإذا كان « الإعلان العالمي لحقوق الإنسان » ـ مجرّد « إعلان » فقط طبعاً ـ قد ألغى التمييز بين البشر ، فلماذا التمييز العنصري بين السود و البيض في كلّ العالم الغربي ، و خاصّة أمريكا ؟! و في مقرّ الاُمم المتّحدة بالذات!!؟ وما هو موقف العلمانيّين ، لو علموا أنّ « البشر » في مصطلح أهل الإعلان العالمي ، هو الاُوربيّون ، فقط ؟!
و ماذا لو قال الغربيّون إنّ « حقوق الإنسان » تعمّ « الحيوان » الاُوربّي ، ولا تشمل الشرقيّين لأنّهم « وحوش » ؟! و أمّا المساواة بين الرجل والمرأة ، فهل كان في صالح الرجل ؟! أو في صالح المرأة ؟! أو في صالح الشهوات الاُوربيّة التي أرادت تعرية ( المرأة ) من كلّ الحقوق ، حتّى اللباس والحجاب؟! وألف سؤال وسؤال ، تظلّ بلا جواب ، عن تلك الحقوق المزيّفة! إنّ العلمانيّين يتغافلون عن كلّ هذه الحقائق التي تعيشها البشرية ، وبالإمكان الإجابة عنها بوضوح وبسهولة ، ووجدان الأجوبة في ما تسير إليه البشرية من الوحشية والفقر والظلم ، في ظلّ « الإعلان العالمي لحقوق الإنسان » الذي يستغلّه الغرب لصالحه ، وضدّ كلّ من يريد التخلّص من هيمنته وسطوته وجبروته .

 

إنّ العلمانيّين ، يتعامون عمّا يجري في العالم ـ في هذا العصر ـ ويحاولون أن يبحثوا عن « إشكاليات الشريعة الإسلامية » بغرض تزييفها في أنظار الجماهير الإسلامية ، ودعوتهم إلى « التشريعات الغربية » لكنّ الجماهير المسلمة أبصر بالحياة من هؤلاء المنبهرين بتعاليم الغرب . وأمّا دعاواهم باعتماد الشريعة الغربية على القيم الإنسانية والأخلاقية ، فلا نريد الدخول في مناقشته تفصيلا ، ولا يخفى زيفها على أيّ إنسان في هذا العالم المفتوح على الجميع ، فإلقاء نظرة على الحياة العابثة التي تجري في شواطئ أُوروبّا وأمريكا ، والعواصم السائرة في ركب حضارة الغرب ، وفي نواديه ، وباراته ، وحتّى في حدائقه العامّة ، وأمام أعين الناس جميعاً ، من انتهاك لأدنى المبادئ الإنسانيّة ، والكرامة البشريّة ، وتجاوز لأوّليّات القيم الأخلاقية ، كاف لإثبات ذلك . ومصادقة أُسقف كنتربري ـ في إنكلترا ـ على قانون « اللواط » وزواج الذكور من الذكور ،

 

حتّى أصبح قانوناً وشريعة في الغرب ، في الستّينات ، ولا يزال يروّج ويتّسع نطاق العمل به بصورة بشعة ومقرفة في الغرب المتحضّر ، هو واحد من مآسي التشريعات الغربية ، المبتنية على القيم! وهذا في صالح المرأة ، طبعاً! ولقد عرضت الأقمار الصناعية ـ هذه الأيّام ـ صورة الزنجي الأمريكي الذي أمر الحاكم في محكمة أمريكيّة ، بتكميم فمّه في المحكمة بشريط لاصق! وهذا أيضاً يمثّل واحداً آخر من حقوق الإنسان ، والمساواة بين الأبيض الحاكم ، والأسود المحكوم ، وواحد من القيم التي يبتني عليها التشريع الغربي! وأمّا قصف هيروشيما وناكازاكي بالقنبلة الذرّية ، وفجائع حروب فيتنام ، وتدمير العراب في حرب النفط ، ودعم الصرب المسيحيّين في البوسنة ضدّ المسلمين ـ على الرغم من كونهم اُوربيّين أيضاً ـ وحماية إسرائيل المعتدية على العرب والسكوت عن جرائمها البشعة ، فهي صور اُخرى من « قيم الغرب الأخلاقية ومبادئه الإنسانية » وتطبيقه لحقوق الإنسان ، والمساواة بين البشر! إنّ الجماهير الإسلامية والشعوب الشرقية أعرف بأخلاق الغرب وأهدافه وتشريعاته ، التي جرّت الويلات على العالم ، وقد ذاقوا الأمّرين من هذا الغرب المتحضّر وأسلحته وجنوده وعملائه ، هم أعرف من هؤلاء المستأجرين الذين يحملون الأقلام الغربية ، وينظرون إلى الاُمور بالنظّارات الغربية ،

 

ويحاولون الخداع والمكر بالاُمّة ، بعنوان « الدراسات المعاصرة » و « النقد الحرّ » وما إلى ذلك من العناوين المزيّفة ، والمليئة بالدجل . إنّ محاولات العلمانيّين العابثة إنّما تغرّ اُولئك الذين يبتعدون عن الشارع وعن السوق وعن ميادين إجتماع الجماهير ، بل يحصرون حضورهم في نوادي اللهو ، و مؤتمرات الخيانة ، واللقاءات السياسيّة العامّة والخاصّة ، والتي تفصلها عن الجماهير الحِراب والأسنّة ، وأشكال تسريحاتهم ، وملابسهم ، ومآكلهم ومشاربهم ، و سيرتهم و أخلاقهم ! و هم ما داموا يلبسون على أعينهم النظّارات التي صنعتها لهم الجامعات الغربية ، التي تعلّموا فيها أساليب البحث والدرس على المنهج الغربي ، والتي تريهم الجماهير والشعوب بالمنظار والفكر الغربي ، فلا يمكنهم الحضور في ساحات عمل هذه الجماهير ، وما داموا لم يحضروا فإنّهم بعيدون عن كلّ حقيقة وواقع ، فلا يقتربون بدراساتهم وبحوثهم ونقدهم خطوة منها ، لأنّها ليست أمراً يدرك إلاّ بالحضور في ساحة المجتمع ، وهم لا يقرأون ولا يكتبون إلاّ نتاجات تُملى عليهم من أساتذتهم من خيالات وأوهام وتزييفات غربية ، مليئة بالحقد والدجل ، والعلمانيّون يعيدون كتابة تلك باللغة العربية ، فهم ليسوا إلاّ أبواقاً مصطنعة لنداءات الغرب ، ينعقون بنهيقه وضمن محاولاته السياسيّة لصدّ الصحوة الإسلامية المتنامية .

 

4 ـ إشكاليّات الشريعة الإسلامية

و بينما كان الغربيّون يذكرون ما يتصوّرونه « إشكالات » في الإسلام شريعةً وعقيدةً ومصادر وتراثاً وتاريخاً ، ولا يبتّون بشيء ، بل يدافع بعضهم آراء بعض في متاهات تناقض مفضوح ، فإنّ « البدلاء » العلمانيّين ، الذين يزعمون أنّهم « عرب » التزموا بتلك الاحتمالات والفرضيات ، كنظريات قطعيّة يروّجون لها ، ويؤكّدون عليها . وقد جمعنا فيما يلي ما جاء منها في كتاب « تدوين السنّة » لنجد مفارقاتها وملاحظاتنا عليها .

 

5 ـ موقف العلمانية من السنّة النبويّة

يعترف المؤلّف في ص24 : « أنّ هذه الشريعة تستمدّ معظم أحكامها من السنّة » .
لكنّه يقول : « إنّ الملابسات التي تعرّضت لها في العصر الإسلامي الأوّل ، والخلافات التي قامت حول تدوينها ، و حول ما دوّن منها ، أضعفت من قيمتها التشريعيّة ، و قدرتها على جمع كلمة المسلمين حول شريعة واحدة غير مختلف عليها مضافاً إلى السلبيات الاُخرى التي ذكرناها ، والتي تجعلها واهية عن الوفاء بالحاجات الإجتماعية لعصرنا » . إذا كانت « السنّة » حجّة معترفاً بها على الأحكام ، في مجملها ، فلن تكون الخلافات في الخصوصيات موجبة لرفع اليد عن حجّيتها بقول مطلق ، ومحاولة إسقاطها وحذف مهمّتها الأساسيّة ، بل إنّ وجود الخلافات يدعو إلى اتّخاذ أدوات وقائيّة بدقّة أكبر لتحديد ما يجب توافره للتأكّد من « السنّة » .

 

فليس وجود الخلافات مؤدّياً إلى تضعيف قيمة السنّة; بل مؤدٍّ إلى التثبّت والتأكّد من وجودها . وأمّا الجمع بين كلمة المسلمين ، فلم تتخلّف إلاّ من فعل المسلمين وتركهم للعمل بالشريعة ، وبعدهم من مصادر الإسلام وفكره ، وكذا العوامل الخارجية التي عرضت في تاريخهم ، وفعل الاستعمار البغيض والغرب الحاقد ، ببثّ بذور الفُرقة والخلاف بينهم ، وليس من فعل هذا المصدر أو ذاك حتّى يشكّك في حجّيته ، وهذا القرآن ـ وهو لا ريب فيه ـ ولا يمكن حتّى للمؤلّف التشكيك في حجّيته وقيمته التشريعيّة ، فهل يقال في حقّه إنّه لم يكن قادراً على جمع كلمة المسلمين على شريعة واحدة ، فالعجز ليس في السنّة كما ليس هو في القرآن ، وإنّما في المسلمين الذين يدّعون الإنتماء إلى هذا الدين . إنّ تخلّف اُمّة ما عن العمل بالقانون ، أو التكاسل عن تطبيقه ، أو القصور في فهمه ، أو التقصير في العمل به ، ليس من عيب القانون نفسه ، كما أنّ عدم معرفة سياقة السيارة المجهّزة ، ليس من عيب السيارة ، بل من جهل السائق .
إنّ عرض مثل هذه الإشكالات يدلّ على مرض في قلب المؤلّف يريد أن يبثّه بأيّ شكل !

 

6 ـ بين القرآن و السنّة

يحاول المؤلّف أن يكون « قرآنياً » يحافظ على اتّباع القرآن في تشريعاته ، ولكنّه يؤكّد على ضرب السنّة بسيف القرآن ، تلك المحاولة التي بدأها أوّل القرآنيّين بمقولة « حسبنا كتاب الله » و استمرّت عليها سياسة الخلافة الاُمويّة ، وأبرزتها في « صفّين » برفع المصاحف على رؤوس الرماح ، وروّجها روّاد الرتل الخامس للإستعمار الغربي ، في الهند ، وباكستان ، وفي مصر بدعوة : « الإسلام هو القرآن وحده » . فيقول فيى ص20 عن أحاديث الآحاد : « ولم يأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكتابتها مثلما كتب القرآن من قبل كتّاب الوحي ، ولم يعلن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هذا القسم من الشريعة على عامّة المسلمين مثلما كانت تعلن آيات القرآن . فالقرآن عندما كانت تنزل آياته كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يتلوها في المسجد أو في مكان عام على ملأ من المسلمين ، فكان الصحابة يتلقّونها ويكتبونها ويحفظونها ويتلونها في صلواتهم ، أمّا السنّة فإنّها لم تلق مثل هذه العناية وذلك الإهتمام » . لكن هل ترضى العلمانية عن ( إبراهيم فوزي ) ما لم يتّبع ملّتهم في نفي كلّ المقدّسات ، سواءاً كانت قرآناً أم سنّة؟ وهل يقنعون منه أن ينفي صفة « الوحي » عن السنّة فقط وتبقى الصفة للقرآن؟ إذن كيف يفعلون مع قول القرآن عن النبي ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ 5 ؟! فلذلك لا يرضون إلاّ بنفي وجود « الوحي » . إنّ الإلتفاف على السنّة ، ولو بسلاح « القرآن » لا يرضي « العقليّة التزييفية » المسيطرة على التيّارات العلمانية أبداً . فهذا حامد نصر أبو زيد ، على الرغم من تثمينه لكتاب فوزي ، ونفخه في جلده ، إلاّ أنّه يعارض تقديسه لتشريعات القرآن ، فيقول ( مجلّة الناقد ، العدد 73 ، ص11 ) : « ماذا عن النصوص التشريعيّة في النصّ القرآني ، هل هي نصوص تاريخية قابلة للإنفتاح ، أم أنّها نصوص قطعيّة الدلالة أبدية لا يجوز الخروج عن منطوقها الحرفي؟ هذا المفهوم الأخير غائب تماماً في تحليل المؤلّف ، ومن ثمّ غابت عنه مسألة : الإشكاليات الكامنة في النصوص التشريعيّة القرآنية »!!

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...