الوقت- في الوقت الذي بذلت فيه كل من سلطنة عُمان والعراق جهوداً للعب دور الوسيط من أجل تخفيف حدّة التوترات بين طهران وبعض الدول العربية الواقعة على ضفاف الخليج الفارسي، أعلنت وزارة الخارجية بأن بعض الدول استجابت بشكل إيجابي لمقترح طهران بتوقيع معاهدة عدم الاعتداء وفي الوقت نفسه وبعد مرور ست سنوات، عُقد اجتماع مشترك لخفر السواحل الإيراني الإماراتي في العاصمة الإيرانية طهران، وحول هذا السياق، أشارت بعض التقارير الإخبارية إلى أن بنكين إماراتيين أبديا استعدادهما للتعاون مع إيران.
ما هو الاقتراح الإيراني؟
أعرب وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف” أن طهران قدّمت بالفعل عدة مقترحات لتوقيع معاهدة عدم الاعتداء مع جميع دول الخليج الفارسي، والتي لا تزال على الطاولة.
وأضاف “ظريف” بعد لقائه مع وزير الخارجية العراقي في بغداد، قبل عدة أسابيع أن إيران تريد أفضل العلاقات مع دول الخليج الفارسي، وترحّب بجميع مقترحات الحوار وخفض التوتر.
وفي الوقت نفسه، أكد أن طهران قادرة على التصدي لأي حرب عسكرية أو اقتصادية تُحاك ضد الشعب الإيراني وقال “ظريف” إن أمريكا وبخرقها للقواعد وانتهاك القرارات الدولية تحاول عن طريق البلطجة جرّ الدول الأخرى للعمل بإجراءاتها الانفرادية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني لدول الجوار لتوقيع معاهدة عدم الاعتداء، لم تكن دعوة عبثية أو متسرّعة، فهذه الدعوة، تترافق مع حدثين باتجاهين مختلفين في طبيعة التصعيد الذي يرافقهما، الأول يتعلق بطبيعة التوتر الحاد بين واشنطن وطهران، والثاني يرتبط بالأحداث والاعتداءات التي شهدتها مواقع استراتيجية في كل من السعودية والإمارات في الأسابيع الأخيرة.
وفي سياق متصل، أعلن مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية والدولية، “عباس عراقجي”، أن بلاده ترحّب بالحوار مع أي من الدول الخليجية، وذلك بعد عرض طهران توقيع اتفاق عدم اعتداء مع جيرانها.
وكتب “عراقجي” على حسابه في تويتر: “ترحّب إيران بالحوار مع أي من الدول الخليجية لإيجاد علاقات متوازنة ونظام مبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
يذكر أن “عراقجي” قام بزيارة رسمية للكويت قادماً من سلطة عمان في إطار جولة خليجية تشمل قطر، للتباحث بشأن الأزمة الحالية بالمنطقة.
ونقلت صحيفة “الجريدة” الكويتية عن مصادر مطلعة أن الرسالة التي حملها “عراقجي” تتضمن تطمينات لدول الخليج بعد حالة التصعيد التي تشهدها المنطقة.
وحول اتفاقية عدم الاعتداء، أعرب وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”: “أن روسيا ترى أنه كما حدث في أوروبا، عندما بدأت عملية هلسنكي لتشكيل اللجنة الأمنية الأوروبية، يمكننا تطبيق هذه الخبرة الأوروبية في منطقة الخليج، وهذا الأمر متعلق بإيران، وعندما نتحدث عن شفافية العمل وتنسيقه وإجراء التدريبات، فنحن نحتاج إلى الثقة بالنسبة للطرفين، أعتقد أن المبادرة الإيرانية للتوصل إلى اتفاق عدم الاعتداء، تمثّل خطوة جيدة، أنا أعرف أن بعض البلدان في مجلس الخليج تستعد للنظر في هذه المبادرة“.
وهنا يمكن القول إن هذه الدعوة الإيرانية إلى عقد معاهدة عدم اعتداء بين دول المنطقة، تأتي منسجمة مع الرؤية الاستراتيجية للحكومة الإيرانية التي لم تفارق أي طاولة للحوار إن كان مع واشنطن أو مع الاتحاد الأوروبي بما يمثله هذا الاتحاد من دور في حلف الناتو، وتقوم على السعي إلى تشكيل “نظام أمني مشترك” بمشاركة جميع الدول المتجاورة للحدّ من وجود القوات الأجنبية غير المسوّغ، ويساعد على إقامة منظومة أمن إقليمية في المنطقة.
وفد من خفر السواحل الإماراتي يبحث في طهران التعاون الحدودي بين البلدين
في خطوة اعتبرها الكثيرون بأنها أول علامة إماراتية إيجابية لتحسين العلاقات مع جارتها إيران، وصل وفد من خفر السواحل الإماراتي يوم أمس الثلاثاء، إلى العاصمة الإيرانية طهران لبحث التعاون الحدودي بين البلدين.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن زيارة الوفد الإماراتي تأتي في إطار المشاركة في الاجتماع السادس المشترك لخفر السواحل الإيراني والإماراتي وسيبحث الاجتماع كذلك تنقّل الأجانب بين البلدين، والدخول غير الشرعي عبر الحدود البحرية، إضافة إلى تسريع وتسهيل تبادل المعلومات الأمنية بين الجانبين.
وتأتي زيارة الوفد الإماراتي المكوّن من سبعة أفراد من خفر السواحل، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة، بالإضافة إلى سعي أمريكا والاتحاد الأوروبي إلى تشكيل تحالفات بحرية عسكرية لمواجهة إيران.
وفي سياق متصل، أعرب مصدر في وزارة الخارجية الإماراتية يوم الأربعاء، عن ارتياحه لنتائج اجتماع فرق حرس الحدود والسواحل بين الإمارات وإيران، مؤكداً أنه اقتصر على بحث قضية الصيادين.
وقالت مصادر إخبارية إماراتية إن مدير إدارة التعاون الأمني الدولي في الوزارة، “سالم محمد الزعابي”، أبدى ارتياحه لنتائج الاجتماع الدولي المشترك السادس لفرق حرس الحدود والسواحل بين الإمارات وإيران.
وقال “الزعابي”: “إن الاجتماع يأتي استكمالاً للقاءات الدورية السابقة للجنة المشتركة بين البلدين والتي تم تشكيلها لبحث مسائل تجاوز الصيادين للحدود البحرية للبلدين وحلّ مسائل الإفراج عن المخالفين لقواعد الصيد ومكافحة عمليات التهريب.
وفي السياق ذاته، كشفت بعض المصادر الإخبارية يوم أمس الثلاثاء أن اثنين من البنوك الإماراتية أبديا استعدادهما للتعاون المالي مع إيران، ولفتت تلك المصادر إلى أن البنوك في دولة الإمارات أعلنت بأنها مستعدة لمعالجة المعاملات التجارية الإيرانية في ظل العقوبات التي وضعت قيوداً على وصول إيران إلى الخدمات المالية غرب آسيا.