الرئيسية / من / طرائف الحكم / حقوق المرأة في الإسلام بين السائل والمجيب

حقوق المرأة في الإسلام بين السائل والمجيب

السید حسين الحيدري

1441هـ.ق

المقدمة

لما كانت الأسرة المسلمة هي أساس المجتمع الإسلامي، وكانت المرأة هي مركز الثقل وعمود الخيمة المركزي الذي تقوم عليه الأسرة في الإسلام، فإذا انهار هذا العمود انهار البناء كله، لذلك وجدنا سهام الأعداء في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والأفلام والمسلسلات، قد توجّهتْ بشكلٍ كبير نحو المرأة المسلمة، لغرض إفسادها وإسقاطها وتحطيمها، كي ينهار بناء المجتمع الإسلامي كله، مع انهيارها وفسادها وسقوطها.

هكذا خطط أعداء الأمة الإسلامية، ثم نفذوا خططهم الخبيثة هذه بقوةٍ وإحكام واستمرار، لكي يدمروا المجتمع الإسلامي من داخله، من دون حاجة إلى أسلحة وقنابل وتفجيرات.

ولعل من أخطرالأساليب التي اتبعها الأعداء في هجومهم هذا ضدّ المرأة، هو إثارة الشبهات والتشكيكات حول القوانين الإسلامية التي تخصّ المرأة، فكان لابد من طرح تلك الشبهات، ثم الإجابة عليها بشكل علمي وعقلي، كي تتوضح الحقيقة لجميع المسلمين، وتتبين عظمة هذه القوانين الإسلامية، سواء منها ما يخصّ المرأة أو غيرها من الأحكام الراقية، التي جاء بها نبي الإسلام محمدa.

الفصل الأول

حقوق المرأة في الإسلام بين السائل والمجيب

يوجِّه بعض الناس أسئلتهم عن حقوق المرأة في الإسلام، ويريدون أجوبة مختصرة وواضحة عنها، ونحن اخترنا إثني عشر مِنْ أهمِّ تلك الأسئلة التي يردّدها بعض الناس، وحاولنا الإجابة عليها بشكلٍ مُختصرومفيد، ليتسنى للشاب والشابة مطالعتها بسرعة وسهولة، علماً أنه توجدعدّة كتب مُطولة ومفيدة في هذا الباب، مثل (نظام حقوق المرأة) للشهيد المطهري، أو (جمال المرأة وجلالها) للشيخ الجوادي الآملي، أو (أوضاع المرأة المسلمة) للشيخ حسن الجواهري، وهي كتب نافعة في هذا الباب، فمن أراد البحث المفصّل والأجوبة المسهبة فليرجع إليها، ليجد فيها إجابات وافية وشافية،عن أسئلةٍ كثيرة أخرى لم نبحثها هنا، لاحتياجها لبحوث مبسوطة ومطوّلة.

 

 

جواب عام عن كلِّ الأسئلة

قبل الدخول في جواب كلِّ سؤال منها بشكلٍ خاص، سوف نجيب عنها جواباً عاماً، يصلح ليكون إجابة عن جميع تلك التساؤلات،حول المرأة وحقوقها في الإسلام.

فنقول: لو أنّ أحدنا اشترى جهازاً مُعقداً مِنْ شركةٍ ما، فإنه سوف يتبع التعاليم المُعطاة له مِنْ قِبَل تلك الشركة بدقة تامّة،والمدوّنة في كتاب (الكتالوك) المطبوع مِنْقِبَلِها، ليتمكن مِنْ استخدام الجهاز بشكلٍ صحيحٍ وسليم، ولا يوجد عاقل يمتنع عن استخدام تعاليم الشركة الصانعة للجهاز، بحجة أنه لا يُريد تطبيق تعاليمها، حتى يتعرّفعلى الفائدة مِنْ تلك التعاليم.

كما إنه لو قيل له:استخدم (كتالوكاً) لِشركةٍ أخرى لم تصنعْ ذلك الجهاز، فإنه سوف يعتبر ذلك جهلاً مِنْ جانب القائل، لأنّ الشركة الصانعة للجهاز أدرى بخفاياه، وأعرف بالطرق الصحيحة لاستخدامه، أو الطرق الضارة به لكي يتجنبها ويبتعد عنها.

وهكذا بالنسبة للإنسان في هذه الدنيا، فإنّ خالقه وصانعه هو الله سبحانه وتعالى، وهو أعلم بما ينفعه أو يضرُّه، وقد أودع الله تعاليمه في كتابٍ أرسله إلى خاتم أنبيائه محمدa، لذا ينبغي على كلِّ عاقلٍ أنْ يتبع (الكتالوك) الربّاني، الذي وضعه له صانعُ الإنسان، خصوصاً مع علمنا بأنّ الله هوالعادل الذي لا يظلم أحداً، والرحمن الرحيم الرؤوف بالعباد،والعالم بحقائقِ الأشياء قديمها وحديثها ومُستقبلها، وهو الحكيم المُطلق في جميع تصرفاته وأفعاله،وأنّ تعاليمه التي وضعها في القرآن الكريم، إنما هي لصالح الإنسان ولسعادته في الدنيا والآخرة، لأنّ الله غنيٌّ عن عباده، ولا يَصِله نفعٌ قط مِنْ طاعتهم إيّاه، وإنما النفع والفائدة سوف يعود عليهم لو أطاعوا تعاليمه، وسيؤدّي ذلك إلى سعادتهم وكمالهم في الدارين.

وحتى لو جهلنا الأسباب والعلل التي مِنْ أجلها سنَّ الله القوانين الشرعيّة، إلا أننا نعلم عِلماً قاطعاً ويقينيّاً، بأنّ الله سبحانه حكيمٌفي جميع أفعاله، وأنّ كلَّ قوانينه سواء التي أودعها في هذا الكون الواسع، أو التي شرّعها للإنسان في كتابه، إنما تدلُّ بوضوح تامّ على واسعحكمته وعظيم رحمته وكمال فضلهوكرمه علينا، وأنه إنما شرّعهابسبب حبِّهِ لعباده ورحمته ورأفته بهم، ولذلك خلقهم كي يرحمهم.

وإنّ الله عادلٌ كما قلنا، فلا يُفرّق بين إنسان وآخر بسبب لونه أو جنسه أو غير ذلك، فهو الذي خلق الذكر والأنثى ليُكمِّلَ بعضُهم بعضاً، فلا توجد مصلحة له سبحانه في تقديم الذكر على الأنثى أو الأنثى على الذكر، لأنهم جميعاً عباده الذين خلقهم، لكي يمتحنهم ويختبرهم أيُّهم أحسنُ عملاً.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...