ليالي بيشاور – 41 حوارات اسلامية و بحوث هادفة في العقيدة الاسلامية
8 يونيو,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,332 زيارة
سدّ باب الاِجتهاد عند العامّة:
كان الأئمة الأربعة حسب زعمكم فقهاء أصحاب رأي وفتوى في المسائل الدينية ومستندهم : الكتاب والسنّة والقياس . فهنا سؤال يطرح نفسه وهو :
إنّ الفقهاء وأصحاب الرأي والفتوى عددهم أكثر من أربعة ، وأكثر من أربعين ، وأكثر من أربعمائة ، وأكثر … وكانوا قبل الأئمة الأربعة وبعدهم ، وكثير منهم كانوا معاصرين للاَئمّة الأربعة ، فلماذا انحصرت المذاهب في أربعة ؟ !
ولماذا اعترفتم بأربعة من الفقهاء وفضّلتموهم على غيرهم وجعلتموهم أئمّة ؟ ! من أين جاء هذا الحصر ؟ ! ولماذا هذا الجمود ؟ !
نحن وأنتم نعتقد أنّ الإسلام قد نسخ الأديان التي جاءت قبله ، ولا يأتي دين بعده ، فهو دين الناس إلى يوم القيامة ، قال تعالى : ( وَمن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه … )(1) .
فكيف يمكن لهذا الدين الحنيف أن يساير الزمن والعلم في الاختراعات والاكتشافات والصناعات المتطوِّرة ، ولكلّ منها مسائل مستحدثة تتطلّب إجابات علمية ؟!
فإذا أغفلنا باب الاجتهاد ولم نسمح للفقهاء أن يبدوا رأيهم ويظهروا نظرهم ـ كما فعلتم أنتم بعد الأئمة الأربعة ـ فمن يجيب على المسائل المستحدثة ؟ !
وكم ظهر بينكم بعد الأئمة الأربعة فقهاء أفقه منهم ، ولكنّكم ما أخذتم بأقوالهم وما عملتم بآرائهم ! فلماذا ترجّحون أولئك الأربعة على غيرهم من الفقهاء والعلماء ، لا سيّما على الأَفقه والأعلم منهم ؟ ! أليس هذا ترجيح بلا مرجّح ، وهو قبيح عند العقلاء ؟ !
انفتاح باب الاِجتهاد عند الشيعة:
ولكن في مذهبنا نعتقد : أنّ في مثل هذا الزمان وبما أنّ الإمام المعصوم غائب عن الأبصار ، فباب الاِجتهاد مفتوح غير مغلق ، والرأي غير محتكر ، بل كلّ صاحب رأي حرّ في إظهار رأيه ، شريطة أن يكون مستنداً إلى الكتاب أو السنّة أو الإجماع أو العقل ، وعلى العوام أن يرجعوا إليهم في أخذ الأحكام ومسائل الإسلام .
والإمام الثاني عشر ، وهو المهدي المنتظر ، آخر أئمّتنا المعصومين عليهم السلام ، أمر بذلك قبل أن يغيب عن الأبصار … فقال : من كان من الفقهاء حافظاً لدينه ، صائناً لنفسه ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ـ أي ربّه ـ فللعوامّ أن يقلّدوه .
لذلك يجب عند الشيعة ، على كلّ من بلغ سنّ الرشد والبلوغ الشرعي ، ولم يكن مجتهداً فقيهاً ، يجب عليه أن يقلّد أحد الفقهاء الأحياء الحاوين لتلك الشرائط التي اشترطها الإمام المعصوم عليه السلام ، ولا يجوز عندنا تقليد الفقيه الميّت ابتداءً ، والعجيب أنّكم تتّهمون الشيعة بأنّهم يعبدون الأموات لزيارتهم القبور ! !
ليت شعري هل زيارة القبور عبادة الأموات ، أم عبادة الأموات هي اعتقادكم بأنّ كلّ من لم يتّبع الأئمة الأربعة في الأحكام ، ولم يلتزم برأي الأشعري أو المعتزلي في أصول الدين ، فهو غير مسلم ، يجوز قتله ونهب ماله وسبي حريمه حتى إذا كان يتبع أهل بيت النبي (ص) وعترته الهادية (ع) ؟!!
مع العلم أنّ أئمّة المذاهب الأربعة ، وأبا الحسن الاَشعري والمعتزلي ، ما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يدركوا صحبته ، فبأيّ دليل تحصرون الإسلام في رأي هؤلاء الستّة ؟ أليس هذا العمل منكم بدعة في الدين ؟ !
الحافظ : لقد ثبت عندنا أنّ الأئمة الأربعة حازوا درجة الاِجتهاد ، وتوصّلوا إلى الفقه وإبداء الرأي في الأحكام ، وهم كانوا على زهد وعدالة وتقوى ، فلزم علينا وعلى جميع المسلمين متابعتهم والأخذ بقولهم ؟
قلت : إن الأمور التي ذكرتها لا تصير سبباً لانحصار الدين في أقوالهم وآرائهم وإلزام المسلمين بالأخذ منهم فقط إلى يوم القيامة ، لاَنّ هذه الصفات متوفّرة في علماء وفقهاء آخرين منكم أيضاً .
ولو قلتم بانحصار هذه الصفات في الأئمة الأربعة فقد أسأتم الظنّ في سائر علمائكم الأعلام ، بل أهنتموهم وهتكتم حرمتهم ولا سيّما أصحاب الصحاح منهم ! !
ثمّ إنّ إلزام المسلمين وإجبارهم على أيّ شيء يجب أن يكون مستنداً إلى نصّ من القرآن الحكيم أو حديث النبي الكريم صلى الله عليه وآله ، وأنتم تجبرون المسلمين وتلزمونهم على أخذ أحكام دينهم من أحد الأئمة الأربعة من غير استناد إلى الله ورسوله ، فعملكم هذا لا يكون إلاّ تحكّماً وزورا .
العقيدة الاسلامية بحوث اسلامية ليالي بيشاور 2018-06-08