الرئيسية / تقاريـــر / سوريا تهاجم الولايات المتحدة.. الأسباب والحقائق؟

سوريا تهاجم الولايات المتحدة.. الأسباب والحقائق؟

سوريا تهاجم الولايات المتحدة.. الأسباب والحقائق؟

الأربعاء 27 صفر 1445
سوريا تهاجم الولايات المتحدة.. الأسباب والحقائق؟

مواضيع ذات صلة

أمريكا تنتقل إلى “الخطة ب” في سوريا

خطة أمريكا الكبيرة في شرق سوريا

تحركات المریبة لأمريكا للسيطرة على البوكمال والقائم

الوقت- ضجت الساحة الإعلامية بخبر دعوة دمشق إلى مساءلة المسؤولين الأمريكيين حول سرقة النفط والغاز ومطالبتها بتعويضات وانسحاب أمريكيّ فوري، حيث طالبت الحكومة السورية بشدة بمساءلة المسؤولين الأمريكيين عن عمليات سرقة النفط والغاز في البلاد، ودعت إلى فرض التعويضات اللازمة على الولايات المتحدة الأمريكية، وأكدت دمشق على ضرورة إنهاء الوجود العسكري الأمريكي غير الشرعي في سوريا وإعادة الأراضي التي تحتلها إلى السيادة الوطنية للدولة السورية،  في وقت يدعي البيت الأبيض أن القوات الأمريكية ملتزمة بضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم “داعش” وإيجاد حل سياسي للصراع السوري، تثير تلك الادعاءات السخرية في ضوء الأفعال الأمريكية.

فعلى لسان الولايات المتحدة التي تسرق محاصيل القمح والنفط من الشعب السوري، وتدعم مشاريع التقسيم وتروج للإرهاب والجوع، تظهر هذه الأقوال وكأنها خلاف الواقع، هذا يأتي في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها السوريون، والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها “حرب الاستمرار”.

سوريا غاضبة من الاحتلال الأمريكيّ

لا شك أن واشنطن، التي تتبنى مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، تفرض عقوبات وحصارًا شديدًا على السوريين، ما يجعلهم يعانون بشكل متزايد، ولا تنطبق هذه العقوبات بشكل خاص على المناطق التي يديرها عملاء واشنطن والتي تقع خارج سيطرة الدولة السورية، وتسمى “الإدارة الذاتية”، وهذا ما دفع وزارة الخارجية السورية إلى دعوة الأمم المتحدة لوقف الانتهاكات الأمريكية في سوريا، حيث أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية عن إرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، حثت فيها على وقف الممارسات العدوانية والانتهاكات الجسيمة لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وتشير الرسالة إلى أن هذه الانتهاكات تُرتكب بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية وقواتها العسكرية، والتي تتواجد بشكل غير شرعي في أجزاء من الأراضي السورية في الشمال الشرقي ومنطقة التنف جنوب شرق البلاد، ودعت الوزارة إلى تدخل الأمم المتحدة لوقف هذه الانتهاكات وضمان احترام القوانين والمعاهدات الدولية في النزاع السوري.

“نؤكد استمرار الولايات المتحدة في انتهاك السيادة ونهب الثروات الوطنية”، هذا ما أكدته وزارة الخارجية والمغتربين التي بينت أن الولايات المتحدة ومؤيديها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية مستمرون في انتهاك سيادة البلاد ونهب ثرواتها ومواردها الاستراتيجية، مع الحديث عن الأضرار التي ألحقها العدوان الأمريكي بقطاع النفط والثروة المعدنية السوري، وأشارت الوزارة إلى أن الأضرار الناجمة عن أعمال العدوان والنهب والتخريب التي ارتكبتها قوات الولايات المتحدة وأدواتها الإرهابية في قطاع النفط والثروة المعدنية السوري، بلغت قيمتها حوالي 115.2 مليار دولار أمريكي منذ عام 2011 حتى نهاية النصف الأول من عام 2023، وكان دبلوماسي روسي قد اتهم الولايات المتحدة بنهب الحبوب والنفط في سوريا، وأكد دميتري بوليانسكي، نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، في وقت سابق، أن الولايات المتحدة تقوم بنهب الحبوب والنفط بشكل يومي على الضفة اليسرى لنهر الفرات في سوريا، فيما رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي يعلن الهدف من الوجود العسكري في سوريا، ويزعم مارك ميلي، أن الهدف الوحيد من الوجود العسكري الأمريكي في سوريا هو “القضاء على تنظيم داعش الإرهابي”.

وتبين بوضوح لجميع دول العالم، وباعتراف من المسؤولين الأمريكيين أن الولايات المتحدة لها دور ملموس في تأسيس وتنظيم وتسليح تنظيم “داعش” الإرهابي، وقامت بنشره في المنطقة، وسهلت وشجعت العديد من الإرهابيين والجرائم والمختلين عقليًا وأخلاقيًا للانضمام إليه، وإضافة إلى ذلك، قدمت دعمًا قويًا للتنظيم للتسلل إلى الأراضي العراقية والسورية بهدف خلق الفوضى والتفتيت والضغط على القوى النظامية واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابي، رغم ارتكابه للعديد من الأعمال الإجرامية والسيطرة على مناطق كبيرة، قامت واشنطن بتنفيذ سيناريو خاص ونشرت قواتها وقواعدها بشكل غير قانوني تحت عنوان “محاربة داعش”، وهذا الإجراء يُشكل جزءًا من مخططاتها لتدمير الدول التي تعارض سياستها وتدعم الكيان الصهيوني الإسرائيلي، وتنهب ثرواتها، وتفرض حصارًا على شعوبها، وتسعى لتحقيق أهدافها.

ولا تزال الحكومة السورية تعبر عن معارضتها الشديدة للدور الأمريكي في سوريا وتطالب بانسحاب القوات الأمريكية من أراضيها، وقد دعمتها إيران وروسيا، اللتان تعتبران داعمين رئيسيين للحكومة السورية، في هذا الطلب، وإضافة إلى ذلك، أعربت تركيا أيضًا عن معارضتها للدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو تصنيف “إرهابي” في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ورغم هذه التوترات والاعتراضات، يستمر الوجود الأمريكي والغارات الجوية في شرق سوريا بحجة حماية ودفاع واشنطن عن الأفراد الأمريكيين، وتظل هذه الأمور تمثل أزمة معقدة في المنطقة.

تواجدٌ يزداد خطراً

ما زالت القوات الأمريكية متمركزة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، بما في ذلك محافظتي الحسكة والرقة، ومنذ عام 2016، استولت الولايات المتحدة أيضًا على قاعدة التنف، وهي قاعدة عسكرية تقع في منطقة نائية قرب حدود سوريا مع الأردن والعراق.

تُعد هذه القاعدة جزءًا من “منطقة منع الصراع” التي تمتد على طول مسافة 55 كيلومترًا (34 ميلاً)، حيث تقوم القوات الأمريكية وحلفاؤها بدورياتهم، ومنذ ذلك الحين، طالبت روسيا الولايات المتحدة بالانسحاب من قاعدة التنف، ولا يزال هناك حوالي آلاف الجنود الأمريكيين في سوريا.

ولا تزال القواعد الأمريكية في شرق سوريا تتعرض لهجمات متكررة ومنظمة ، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود وأضرار مادية في تلك القواعد، ويأتي ذلك في سياق توسع قاعدة الرفض الشعبي والمقاومة العشائرية ضد الاحتلال الأمريكي وممارسته، التي تتمثل أساسًا في سرقة ونهب النفط والغاز والمحاصيل والثروات الطبيعية للشعب السوري، ويتم تنفيذ هذه الممارسات تحت مظلة التحالف الدولي المزعوم الذي يزعم مكافحة تنظيم “داعش”، وعلى الرغم من تصريحات سلطات واشنطن المتكررة في السنوات الأخيرة بشأن اغتيال قادة كبار من تنظيم “داعش”، إلا أن هذه الادعاءات تثير تساؤلات حيال دور الولايات المتحدة في المنطقة وطبيعة علاقتها مع مجموعات مسلحة مختلفة.

ومنذ أكثر من شهرين، شهدت القواعد الأمريكية في شرق سوريا سلسلة من الهجمات المنظمة والمتتالية، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الأمريكيين وتسببت في أضرار مادية كبيرة في تلك القواعد، يأتي هذا في سياق تصاعد التصعيد ضد الاحتلال الأمريكي وممارساته في المنطقة، وتتمحور ممارسات الاحتلال الأمريكي حول سرقة ونهب موارد النفط والغاز والقمح والثروات الباطنية للشعب السوري تحت مظلة ما يُعرف بـ “التحالف الدولي”، الذي يُزعم أنه مكرس لمكافحة تنظيم “داعش”، على الرغم من هذه المزاعم، إلا أن هناك شكوكًا واستفسارات تثار حول دور الولايات المتحدة في المنطقة وعلاقتها بمجموعات مسلحة محددة، وذلك في ظل استمرار الاحتجاجات ضد الوجود الأمريكي وممارساته في سوريا.

وحتى الآن، لا يوجد دليل واضح يثبت ما إذا كانت الولايات المتحدة قد استهدفت فعلاً قادة تنظيم “داعش”، الوثائق المتاحة في هذا السياق تقتصر على تصريحات مسؤولين في البيت الأبيض، والتي يمكن تصنيفها بأنها تصريحات جوفاء تفتقر إلى دليل ملموس، فعندما كان تنظيم “داعش” منتشرًا في سوريا والعراق، شكلت الولايات المتحدة تحالفًا يزعم أن هدفه الرئيسي هو تدمير جذور “داعش”، ومع ذلك، تم توجيه انتقادات حادة إلى هذا التحالف، حيث أظهرت التقارير أن مقاتلين وطائراته المسيرة لم تستهدف بشكل كافٍ تنظيم “داعش”، بل قتلوا المدنيين السوريين والعراقيين وتسببوا في سفك الدماء لسنوات طويلة وما زالت هذه الأعمال مستمرة، لذا، يُعتبر ادعاء القضاء على قادة “داعش” مجرد محاولة للتضليل العام بهدف تبرئة الولايات المتحدة من الاتهامات بدعم هذا التنظيم الإرهابي.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...