الرئيسية / تقاريـــر / السودان في “لعبة الأمم”… انقسام وتقاسم وتقسيم

السودان في “لعبة الأمم”… انقسام وتقاسم وتقسيم

الأرجح أن الحرب في السودان ستطول، بدلالة البحث عن “عواصم موقتة” خارج العاصمة ومدنها الثلاث، والتي باتت بؤرة “حرب المواقع الثابتة”.

  • هل ستطول الحرب في السودان؟

بعد جهد جهيد، أمكن لكاتب هذه السطور ترتيب لقاء عن بعد، مع نخبة من شبان “الحراك الثوري” السوداني وشابّاته. المهمة لم تكن سهلة أبداً. لا أحد منهم في مكانه. بعضهم ما زال في الخرطوم، لكن في أماكن أكثر أمناً، وبعضهم الآخر انتقل إلى ولايات أخرى، شدة الاشتباكات فيها أقل حدة من مدن العاصمة الثلاث، ومنهم من لجأ إلى دول المنافي القريبة والبعيدة، ومنهم من ينتظر، يعيش بعضهم في معسكرات ومراكز إيواء، وآخرون تدبّروا أمر شتاتهم بشقّ الأنفس.

أجندة الحراك وأولوياته تبدّلت، انتقل من إسقاط حكم العسكر وتسليم السلطة إلى مدنيين ديمقراطيين، إلى عمليات الغوث والإنقاذ وتوثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ما حاجة السوداني الهائم على وجهه مع عائلته إلى حديث عن “الانتقال الديمقراطي”، في الوقت الذي ينتظره الموت خلف كل زقاق، ويطارده المرض والجوع والعوز من دون رحمة، وأطفاله يتضورون جوعاً من دون أن يقوى على توفير رغيف الخبز، أو يعتصرهم الألم من دون أن يجد حبة دواء. الأولويات انقلبت رأساً على عقب تماماً.

ثورة 19 كانون الأول/ديسمبر 2018 الشعبية المجيدة في السودان، تطوي صفحتها الأخيرة، بعد سيل جارف من التضحيات. وقوى “الدولة العميقة” و”الثورة المضادة”، محلياً وإقليمياً، تنجح في تدمير هذه البلاد، وتقطيع أوصالها، وقطع الطريق على تحولاتها الديمقراطية، في ظل صمت العالم وتواطئه، بينما خصوم السودان، التقليديون، ينتظرون بلهفة “لحظة تصفية الحساب” مع البلد/القارة، الذي استكثروا عليه بقاءه قطعة واحدة، فأعملوا فيه معاول الانقسام والتقسيم والتقاسم.

لم يكن دخول الجيش و”الجنجويد” على خط الحراك الشعبي الجارف، بريئاً أبداً، وجنرالات الفريقين لم يرفعوا الغطاء عن نظام عمر حسن البشير، حرصاً على أرواح المحتجين الذين ضاقت بهم الشوارع والميادين.

دخولهم على خط الثورة كان منذ اليوم الأول بهدف إجهاضها وامتطاء صهوتها، وفي أذهانهم تحويل سلطتهم الموقتة إلى سلطة دائمة، والحلول محل البشير وبعض أركان حكمه الأكثر إثارة للغضب والاستفزاز الشعبيين.

وما لم يكن ممكناً إنجازه فوراً ومنذ البدء، تحقق لهم على نحو سافر في انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021، وقبل أن تندلع نيران القتال داخل “البيت العسكري – الميليشياوي” وبين قطبين تجتاحهما شهوة السلطة والتربع على عرشها: البرهان وحميدتي.

صَمَتَ العالم، وخصوصاً الغرب، على تفشي “العسكرة” في نظام ما بعد البشير، ولا سيما بعد أن أظهر قطبا الانقلاب وجنرالاه استعداداً مذهلاً لدفع كل فواتير الظفر بـ”الشرعية” وإضفاء المقبولية والمشروعية على حكمهما البلاد واقتسامهما السلطة والثروة. البرهان دشّن مسار التطبيع في “عينتيبي” مع نتنياهو، وحميدتي شق قناة اتصال بمساعدة داعميه الإقليميين بـ”الموساد” الإسرائيلي.

الأول خطب ودّ “إسرائيل” من بوابتَي الخارجية ورئاسة الحكومة، والثاني “أخذها من قصيرها” بالارتباط بأحد أبشع أجهزة الاستخبارات في العالم، صاحب الصيت السيئ، الذي لا يليق إلا به وبكيانه.

عطّل الرجلان مسار الانتقال وجداوله الزمنية واستحقاقاته المتفق بشأنها، لكن الصراع بينهما سرعان ما سيطفو على السطح، ليدخلا “لعبة صفرية” بعد أن أدركا أن السودان لا يُحكم بنظام الرأسين، وأنه إن لم يتمكن أحدهما من إزاحة الآخر عن المسرح، فلا بأس من الذهاب إلى خيار التقسيم والتقاسم، وهو ما يلوح اليوم بقوة في سماء السودان الشاسعة.

خلف كل منهما، وقفت أطراف إقليمية ودولية. بعضها رأى في البرهان امتداداً لتجربته الخاصة في امتطاء الثورات وإطفائها، وبعضهم الآخر رأى في حميدتي حصان طروادة للتطبيع ورأس حربة في الهجوم على الثورات الشعبية العربية و”إسلامها السياسي”. وهم أصحاب خبرة طويلة وعريضة في قيادة الثورات المضادة لثورات “الربيع العربي” وتصدرها. هنا، ستنتقل الأزمة من “السودنة” إلى “الأقلمة” و”التدويل”.

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :
الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

شاهد أيضاً

السيد رئيسي افتتح معرض القدرات التصديرية: قوة الإنتاج لا تقلّ عن القوة العسكرية

لفت رئیس الجمهوریة الإسلامية في إيران السید إبراهیم رئیسي إلى أنّ الحظر شكل من أشكال ...