الرئيسية / من / الشعر والادب / المتنبـي يعيـش بيننـا دون أن نـراه

المتنبـي يعيـش بيننـا دون أن نـراه

“تجري الرياحُ بما لا تشتهي السَفنُ”، “مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ” وعبارات أخرى كثيرة نستخدمها في حياتنا اليومية دون أن يدري أغلبنا أنها أجزاء من أبيات شعرية من الأساس! فالعشرات من أبيات المتنبي أصبحت مع الزمن أمثالاً وحكماً يستخدمها العارف والجاهل على حدٍّ سواء.. ونعرض فيما يأتي عدداً من أبيات الشعر التي نقصدها، ويخفي بعضها وراءه قصةً وعبرة.

 

فالعبارة الخالدة “يا أمةً ضحكت من جهلها الأمم” لا تعدو كونها جزءاً من قصيدة للمتنبي كانت موجهة لحاكم مصر في عهده، يهجي بها وضع أمة العرب والمتطرفين الإسلاميين قبل ألف عام، ولكنها كأنها تقال اليوم:

لا شيءَ أقبـحُ مـن فحلٍ لـه ذكـرٌ تقـوده أمــةٌ ليســت لهــا رحــمُ
ساداتُ كل أنـاسٍ مــن نفوسهـمُ وسـادةُ المسلميـنَ الأعـبدُ القـزمُ
أغايةُ الدينِ أن تُحفـوا شواربكم يا أمةً ضحكت من جهلهـا الأمـمُ
مـا أقــدرَ الله أن يُخـزي خليقتـهُ ولا يُصدِّقُ قوماً في الذي زعموا
وفيما يأتي بعض الأبيات التي تحوي الشطور الذهبية التي نعرفها جميعاً:
لا تلـقَ دهـركَ إلا غيـرَ مكترثٍ ما دامَ يصحـبُ فيهِ روحُـكَ البـدنُ
مـا كلُّ مـا يتمنـى المـرءُ يدركهُ تجري الرياحُ بما لا تشتهي السَفنُ
ومن قصائد أخرى نجد له :

لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى حتـى يراقَ على جوانبـهِ الدّمُ
وإذا أتتـكَ مـذمتـي مـن نـاقـصٍ فهـي الشهـادةُ لـي بأني كاملُ
من لم يمت بالسيفِ ماتَ بغيرهِ تعـددتِ الأسبابُ والموتُ واحدُ
ألـحَّ علـيّ السّقــمُ حتــى ألفتـهُ وملّ طبيبـي جانبـي و العوائِـدُ
وحيـدٌ من الخِلّانِ في كل بلدةٍ إذا عَظُمَ المطلوبُ قـلّ المُساعـدُ
بـذا قضتِ الأيامُ ما بين أهلها مصـائبُ قــومٍ عنـد قـومٍ فـوائِـدُ
يعطيك مبتـدرا فإن أعجلتـه أعطاك معتذرا كمن قـد أجـرما
ويرى التعظم أن يرى متواضعا ويرى التواضع أن يرى متعظما
أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
وما ماضي الشباب بمسترد ولا يوم يمر بمستعاد
رماني الدهر بالأرزاء حتى فوأدي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال
إذا ما الناس جربهم لبيب فإني قد أكلتهم وذاقا
فلم أر ودهم إلا خداعا ولم أر دينهم إلا نفاقا
فما ترجى النفوس من زمن احمد حاليه غير محمود
فإن صبرنا فإننا صبر وإن بكينا فغيّر مردود
وما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلائق
وما يوجع الحرمان من كف حارم كما يوجع الحرمان من كف رازق
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان
ذريني أنل ما لا ينال من العلى فصعب العلى في الصعب والسهل في السهل
تريدين لقيان المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل
والهم يخترم الجسيم نحافة ويشيب ناصية الصبي ويهرم
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ومن قصيدة يخاطب سيف الدولة الحمداني:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيـكَ الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحكمُ
يا مـن يعـزُّ علينـا أن نفارقهـم وجـداننـا كــل شــيءٍ بـعـدكــم عــدمُ
ربما كان المتنبي يعرف أنه سيذكر بعد أكثر من ألف وخمسين عاماً على وفاته وربما للأبد ، نختم بهذين البيتين:

إذا أنـتَ أكـرمـتَ الكـريـمَ ملكتَــهُ وإن أنـتَ أكـرمـت اللئيــمَ تمـرّدا
وما الدّهرُ إلا من رواةِ قصائدي إذا قلتُ شعراً أصبح الدهرُ منشدا

 

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...