الرئيسية / من / الشعر والادب / الادب العربي – الأمثال العربية: محمد رضا المظفر

الادب العربي – الأمثال العربية: محمد رضا المظفر

المقدمة

من سنن الاسلام مراعاة النفس الانسانية،فهناك نفس مؤمنة قوية مطمئنة،ونفس كافرة قلقة هشة.نفسيات متباينة لكل واحدة منها علاجها الخاص بها الذي رسمه لها القرآن الكريم.فالنفوس المؤمنة المطمئنة متمسكة بعقيدتها،لان القران الكريم يدعوا الى تربية مثالية راسخة،واما النفوس الضعيفة الهشة يدعوها القران الكريم الى الحكمة والموعظة الحسنة والمثل الرائع كي تتفاعل مع القران الكريم لتثوب الى رشدها.ومن اجل هذا كانت الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية لتقوية النفوس وحثها على عمل الخير وصدها عن الإثم.

حيث تناولت الامثال القرانية مجالات عدة ودخلت في ميادين داعبت النفس البشرية وناغمت روحه لتثبت الروح الايمانية لدى الانسان وحثته وشجعته على فعل الخيرات كبذل المال والنفس في سبيل الله وصورت له الطيب والخبيث ودفعته الى العمل الصالح ونبذه لكل طالح.والهدف من الامثال في القران الكريم هو إظهار المعقول في صورة مجسمة والبست المعنى ثوب المحسوس لتهذيب الطبائع وتشذيبها.واستخدم القران الكريم ضرب المثل كطريقة تربوية لها اثر هام في الاخذ بنفوس المؤمنين والسامعين،

حيث ان الحقائق السامية في معانيها واهدافها تتجلى في احسن صورها إذا وضعت في إطار حسن يقربها الى الذهن والنفس.والامثال هي الإطار الذي يظهر المعاني ليجسدها بصورة حية لتستقر بعدها في الاذهان ومن ثم التأثير المباشر على النفس،كتشبيه الغائب بالحاضر ليكون هذا الامر أدعى لتقبل النفس له وإقناع العقل به،

حيث ان الهدف من هذا البحث هو توضيح اسلوب القران الكريم في ضرب الامثال.فالأمثال القرانية تبعث على التأمل والتفكر في معانيها وتحث النفس على فهم حقيقتها واستيعابها،لأنها أدلة يسوقها القرآن الكريم ليثبت بوضوح ان الفكر وسلية مثلى لمعرفة الله تعالى شأنه وهي الغاية السامية المنشودة من الخلق.فالعقلاء العالمون هم الذين يصلون ببصيرتهم الى هذه المعرفة والمتأمل للامثال القرآنية يكتشف الغرض التربوي من ضرب الامثال في القران الكريم.فيعمل المثل القراني على تعلم الحقائق العصرية وكل جديد.فما نصل اليه من حقائق من هذه الامثال أمر يرسخ في النفس لجاذبيتها ومنطقيتها.

الفصل الأول

المبحث الأول:

تعريف المثل وفائدته

تعريف المثل في اللغة والاصطلاح

الأمثال العربية: محمد رضا المظفر

تعريف المثل في اللغة:

يظهر من غير واحد من معاجم اللغة،كمعجم لسان العرب والقاموس المحيط،إن للفظ المثل معاني مختلفة  كالنظير والصفة والعبرة إلى غير ذلك من المعاني[1].

وقال الفيروز آبادي: إن المثل بالكسر والتحريك هو الشبه،والجمع أمثال،والمثل محركة الحجة والصفة والمثال المقدار والقصاص إلى غير ذلك من المعاني[2].

وأما قولهم مُثّل به،بمعنى التنكيل به،فهو أيضا من معنى ضرب المثل، لان المعنى فيه إذا نكّل به،أي جعله مثلا للغير ليحتذى به.وقد قال الله تعالى شأنه وقد خلت من قبلهم المثلات.[3] فالمثلة العقوبة و ما أصاب القرون الماضية من العذاب و هي عبر يعتبر بها،وواحدها مَثُل.[4]

ويقال عن المريض إذا برئ من المرض تماثل للشفاء،أي أصبح مثل الصحيح،أو انه نهض من فراش علّته وانتصب وأصبح ماثلاً للشفاء.

وعندما تبرز شخصية بين قومها فإنه يقال عنها امثل القوم،ومثلى النساء،ومنه الطريقة المثلى[5]. وقال الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن: إن المثل هو أصل المثول أي الانتصاب، والمثل المصور على مثال غيره،ويقال مثُل الشيء أي انتصب وتصور،ومنه قوله صلى الله عليه وآله: (من أحب أن يمثل له الرجال فليتبؤأ مقعده من النار)[6].

والتمثال هو الشيء المصور،وتمثل كذا تصور،ومنه قوله تعالى: فتمثل لها بشراً سوياً.[7]

وللمثل معنى الصفة،ومنه قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون.[8] أي صفة الجنة.والمثال مقابلة شيء بشيء فهو نظيره[9].

وهكذا يتبين لنا أن مادة مثل ومشتقاتها تستهدف تجسيم المعاني وإبرازها بطريقة جلية،كما إنها تفيد المشابهة والمساواة والظهور والبروز والانتصاب.ونعلم مما تقدم من التعريفات يمكن الاستنتاج أن المثل لغة يرد بمعنى الشبه والنظير أو النموذج المنصوب للإحتذاء به،أو بمعنى الصفة.

[1] – ابن منظور ،جمال الدين، لسان العرب، ج 11، ص 22

[2] – الفيروز آبادي،مجد الدين،القاموس المحيط، ج 4، ص 49

[3] – الرعد،آية 6

[4] – ابن فارس،احمد معجم مقاييس اللغة،ج 2، ص 495

[5] – ابن منظور،جمال الدين، لسان العرب،ج 11 ، ص 23

[6] -المفردات في غريب القرآن الكريم،أبو القاسم الحسين بن محمد،كتاب الخاء،ج1- ص 462 .

[7] -سورة مريم آية: 17 .

[8] -سورة الرعد: آية 13.

[9] -الأصفهاني، الراغب، مفردات غريب القرآن الكريم، ص 462.

شاهد أيضاً

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠ وصرح ابن حزيمة في الناسخ ...