فائدة رجالية: (عدم تواطؤ المخبرين على الكذب ركيزة التواتر)
2 يونيو,2024
مقالات متنوعة
101 زيارة
فائدة رجالية: (عدم تواطؤ المخبرين على الكذب ركيزة التواتر)
قد يرد سؤال: كيف يولد التواتر القطعَ والعلمَ مع احتمال كذب كل واحد من المخبرين؟
الجواب: إن منشأ حصول العلم في الخبر المتواتر هو عدم احتمال تواطؤ المخبرين المتعددين على الكذب، وليس منشؤه احتمالية صدق كل واحد منهم أو كذبه، فلو اجتمع عدد كبير من المخبرين على مسألة مع إمكان اتفاقهم واجتماعهم على الكذب فلا يولد تواتراً وعلماً، بل المنظور إليه في إفادة التواتر العلمَ هو عدم إمكان اجتماع الجماعة الكثيرة على الكذب في إخبارهم.
وبناءً على ما تقدم ينقدح سؤال حاصله: أن اختلاف الحكاية عن حادثة واحدة هل يثبت القدر المشترك ويؤكد وقوع الحادثة؟، أو أن هذا التعدّد والاختلاف في حكاية الحادثة يوهن من احتمالية صدورها بدعوى أنه يؤدي إلى تهافتها؟، لا سيما ونحن نرى بعض المحققين في صدد توهين حادثة تاريخية معينة يتمسك باختلاف مضامين نقل الحادثة وتعدد حكايتها، ويجعل ذلك دليلاً على تهافتها وعدم ثبوت تلك القضية التاريخية واقعاً؟
الجواب: إن هذا التعدّد في حكاية مضمون الرواية والحادثة التاريخية يقوّي من احتمال صدورها، إذا توفرت شروط أربعة، وهي:
1: تعدّد الناقلين المباشرين للحادثة، بالإضافة إلى بقية الطبقات، لا أن يكون الناقل شخصاً أو شخصين في طبقة واحدة.
2: ثبوت القدر المشترك والجامع المشترك لمضمون الحادثة من هذا التعدد.
3: أن لا يكون هناك تواطؤ أو احتمال تواطؤ عقلائي لناقلي الحادثة على الكذب.
4: أن يكون الاختلاف في الخصوصيات مما يمكن أن يستند إلى طبيعة البشر في الخطأ في نقل التفاصيل.
ومن تلك الروايات المتعددة في حكاية حادثة واحدة، ولكن من دون أن تكون مستكملة لشروط قبولها، حكاية منع النبي (صلى الله عليه وآله) المشركين من ورود آبار بدر للشرب منه، فهناك تأكّد أو احتمال تواطؤ ـ على الأقل ـ لرواة هذه الحادثة على الكذب في زمن دولة بني أمية ودسّها في التاريخ، كي يقلّلوا من وقع منعهم الإمام الحسين (عليه السلام) وعائلته من شرب الماء يوم عاشوراء، ولكي يصوّروا للناس أنّ هذا الفعل هو سنة النبي (صلى الله عليه وآله) مع أعدائه، وأن الحسين (عليه السلام) هو خارج على الخلافة، وقد قُتل بسيف جدّه بحسب زعمهم، فيجوز أن يمنع ورود الماء للنزول عند حكم الخليفة، وفعلهم هذا مُبرَّرٌ لكونه مأخوذاً من فعل النبي (صلى الله عليه وآله).
فالاطمئنان بوجود هذا التواطؤ في الكذب أو احتماله سوف يكفي لعدم ثبوت منع النبي (صلى الله عليه وآله) أعداءه يوم بدر من ورود الماء.
2024-06-02