أقائم بيت الهدى الطاهر * كم الصبر فت حشا الصابر
وكم يتظلم دين الاله * إليك من النفر الجائر
يمد يدا تشتكي ضعفها * لطبك في نبضها الفاتر
نرى منك ناصره غائبا * وشرك العدى حاضر الناصر
فنوسع سمعك عتبا يكاد * يثيرك قبل ندى الامر
نهزك لا مؤثرا للقعود * على وثبة الأسد الخادر
ونوقض عزمك لا بائتا * بمقلة من ليس بالساهر
ونعلم أنك عما تروم * لم يك باعك بالقاصر
ولم تخش من قاهر حيثما * سوى الله فوقك من قاهر
ولابد من أن نرى الظالمين * بسيفك مقطوعة الدابر
بيوم به ليس تبقى ضباك * على دارع الشرك والحاسر
ولو كنت تملك أمر النهوض * أخذت له أهبة الثائر
وإنا وإن ضرستنا الخطوب * لنعطيك جهد رضى العاذر
ولكن نرى ليس عند الاله * أكبر من جاهك الوافر
فلو تسأل الله تعجيله * ظهورك في الزمن الحاضر
لوافتك دعوته بالنهوض * بأسرع من لمحة الناظر
فثقف عدلك من ديننا * قنا عجمتها يد الأطر ( 101 )
وسكن أمنك منا حشا * غدت بين خافقتي طائر
إلى م وحتى م تشكو العقام * لسيفك أم الوغى العاقر
وكم تتلظى عطاش السيوف * إلى ورد ماء الطلى الهامر
أما لقعودك من آخر * أثرها فديتك من ثائر
وقدها تميت ضحى المشرقين * بظلمة قسطامها المائر ( 102 )
يردن بمن لا بغير الحمام * أو درك الوتر بالصادر
وكل فتى حنيت ضلعه * على قلب ليث شرى هاصر
يحدثه أسمر حاذق * بزجر عقاب الوغى الكاسر
بان له إن سرى مستميتا * لطعن العدى أوبة الظافر
فيغدو أخف لضم الرماح * منه لضم المها العاطر
أولئك آل الوغى الملبسون * عدوهم ذلة الصاغر
هم صفوة المجد من هاشم * وخالصة الحسب الفاخر
كواكب منك بليل الكفاح * تحف بنيرها الباهر ( 103 )
لهم أنت قطب وغى ثابت * وهم لك كالفلك الدائر
ضماء الجياد ولكنهم * رواء المثقف والباتر
كماة تلقب أرماحهم * برضاعة الكبد الواغر
وتسمى سيوفهم الماضيات * لدى الروع بالأجل الحاضر
فان سددوا السمر حكوا السما * وسدوا الفضاء على الطائر
وإن جردوا البيض ( 104 ) فالصافنات * تعوم ببحر دم زاخر
فثمة طعن قنا لا تقيل * أسنتها عثرة الغادر ( 105 )
وضرب يؤلف بين النفوس * وبين الردى إلفة القاهر
ألا أينك اليوم يا طالبا * بماضي الذحول وبالغابر
وأين المعد لمحو الضلال * بتجديد ( 106 ) رسم الهدى الداثر
وناشر راية دين الاله * وناعش جد التقى العاثر
ويا بن الألى ورثوا كابرا * خميد الماثر عن كابر
ومن مدحهم مفخر المادحين * وذكرهم شرف الذاكر
ومن عاقدوا الحرب أن لا تنام * عن السيف منهم يد الساهر
تدارك بسيفك وتر الهدى * فقد أمكنتك طلى الواتر
كفى أسفا أن يمر الزمان * ولست بناه ولا آمر
وأن ليس أعيننا تستضئ * بمصباح طلعتك الزاهر
على أن فينا اشتياقا إليك * كشوق الربى للحيا الماطر
عليك إمام الهدى عز ما * غدا البر يلقى من الفاجر
لك الله حلمك غر البغاة * فأنساهم بطشة القادر
وطول انتظارك فت القلوب * وأغضى الجفون على عائر ( 107 )
فكم ينحت الهم أحشاءنا * وكم تستطيل يد الجائر
وكم نصب عينيك يا بن النبي * نساط بقدر البلا الفائر
وكم نحن في لهوات الخطوب * نناديك من فمها الفاغر
ولم تك منا عيون الرجاء * بغيرك معقودة الناظر
أصبرا على مثل حز المدى * ولفحة جمر الغضا الساعر
أصبرا وهذي تيوس الضلال * قد أمنت شفرة الجازر
أصبرا وسرب العدى راتع * يروح ويغدو بلا ذاعر
نرى سيف أولهم منتضى * على هامنا بيد الاخر
به تعرق اللحم منا وفيه * تشظي العظام يد الكاسر
وفيه يسوموننا خطة * بها ليس يرضى سوى الكافر
فنشكوا إليهم ولا يعطفون * كشكوى العقيرة للعاقر
وحين التقت حلقات البطان * ولم نر للبغيي من زاجر
عجبنا إليك من الظالمين * عجيج الجمال من الناحر
وبتنا نود الردى كلنا * لننقل عنهم إلى قابر
أجل يومنا ليس بالأجنبي * من يوم والدك الطاهر
فباطن ذاك الضلال القديم * مضمره عين ذا الظاهر
إلى الان تعمق تلك الجراح * وأوجع منها نوى السابر ( 108 )
فعنك انطوى أي تلك الخطوب * فتحتاج فيه إلى الناشر
أيوم النبي ومن هاهنا * أتينا بهذا البلا الغامر
غداة قضى فغدا العالمون * وكل له دهشة الحائر
وهب وما نام حقد القلوب * ولكن رأى فرصة الثائر
فأضرمها فتنة لم تدع * رشادا لباد ولا حاضر ( 109 )
غدا الدين أهون لما ذكت * لدى القوم من سحمة الصاهر
أذلك أم يوم أضحى الوصي * يرى فيئه طعمة الفاجر
وعنه تقاعد صحب النبي * ومالوا إلى بيعة الماكر
فما في مهاجرة المسلمين * له بعد طه سوى الهاجر
ولا في قبيلة أنصارهم * له حيث أفرد من ناصر
بني قيلة بعدت قيلة * وما ولدت ، عن رضا الغافر
أيصبح فيكم بلا عاضد * وصي الرسول ولا وازر
وقهرا إلى شيخ تيم يقاد * بكف ابن حنتمة العاهر
وتبتز فاطمة بينكم * بحيلتها من أبي الطاهر
وأنتم حضور ولم تغضبوا * فيا بؤس للملا الحاضر
وحين قضت بيعة الغاصبين * باذواء فرع الهدى الناضر
غدت عثرة الوحي لم تخل منهم * ولا حلبة الشاة من ضائر
ترى غيلة الشرك أنى تحل * بنجد من الأرض أو غائر
وحتى غدوا بين مقبورة * بملحدها في الدجى الساتر
وبين قتيل بمحرابه * خضيب الشوى بالدم القاطر
وميت بري منه سم العدو * حشا ملؤها خشية الفاطر
وبين صريع بصيخودة * تريب المحيا بها عافر
قضى والهداية في مصرع * ووسد والرشد في قابر
ومن ساهر الهم يبغي النهوض * منتظر دعوة الامر
مصائب يفطرن قلب الجليد * وينضخن دمعا حشى الصابر
فهل ينشد الصبر في مثلها * وما مثلها دار في خاطر