الرئيسية / من / قصص وعبر / قصص المعصومين (عليهم السلام )

قصص المعصومين (عليهم السلام )


وشهد غدير خم في تلك الساعة عاطفة خاصة ونكهة لا يمكن ان تنسى وقائعها عند البشر.. فقد جاء هذا التبليغ متزامنا مع عبارات الوداع ليبقى حيا في ضمير الامة ووجدانها وذاكرتها.. فتقاطر عليه الناس يبايعونه ..وجاء الشيخان ابو بكر , وعمر بن الخطاب الى رسول اللّه (ص ) وقالا له : ـ اهذا الامر منك ام من اللّه ..؟ فقال النبي (ص ) : ـ وهل يكون هذا عن غير امر اللّه .. ؟ فـتـقـدم عـمـر بـن الخطاب من امير المؤمنين علي (ع ) وسلم عليه قائلا : آالسلام عليك يا امير المؤمنين بخ بخ لك يا علي .. لقد اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
وكذلك فعل ابو بكر مثل ما فعل عمر بن الخطاب امام تلك الجموع المحتشدة .
ورغم كل الذي حصل في بيعة الغدير المباركة من تاكيد للرسول (ص ) على ان الخلافة لعلي بن ابي طـالـب (ع ) كانت امرا من اللّه تعالى لا علاقة للرسول في منحها رغبة منه لصلة القرابة بينه وبين عـلـي بـن ابـي طالب (ع ) الا انه يعلم بما سيحصل بعد وفاته (ص ) وها هو في احدى الليالي ينادي عـلـيـاوجماعة من اصحابه .. ليخرج بهم الى البقيع .. وقد كان يشعر بتدهورحالته الصحية .. ودنو اجـلـه (ص ) . فـوقف بين القبور مخاطبا موتى المؤمنين : آالسلام عليكم يا اهل القبور.. ليهنئكم ما اصبحتم به .. مما فيه الناس فقداقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع اولها آخرها.
ثم استغفر لهم طويلا.. ونعى نفسه لمن كان حاضرا من المؤمنين ..
كـان الـرسـول (ص ) قد امر بتجهيز جيش وضع في عداده شيوخ المهاجرين والانصار.. ابا بكر.
وعمر بن الخطاب .. وعثمان بن عفان وغيرهم .. ووضع لقيادة الجيش الصحابي الشاب اءسامة بن زيد بـن حـارثـة الـحـارث .. وفـي الـوقت الذي كان الرسول (ص ) يعاني من شدة مرضه .. اعتذر عمر بـن الـخطاب وابو بكر.. وعثمان .. عن التحاقهم بجيش اءسامة .. رغم اءن الرسول (ص ) كان قد قال ساعتها : ـ لعن اللّه من تخلف عن جيش اءسامة .. زاعـمين بذلك انهم لا يستطيعون مفارقة رسول اللّه (ص ) وهو في اشد حالات مرضه .. ولكن حين سقط راس الرسول (ص ) في حجر علي بن ابي طالب (ع )وفاضت نفسه الطاهرة .
خـرج هـؤلاء الـثـلاثة تاركين امر رسول اللّه (ص ) وتوجهوا الى سقيفة بني ساعدة لعقد اجتماع لتنصيب من يخلف رسول اللّه (ص ) في قيادة المسلمين ..متجاهلين بذلك كلام رسول اللّه (ص ) وكل ما حدث في بيعة الغدير التي لم يمض عليها وقت طويل .. وبهذا يكونون قد برهنوا على تخلفهم عن تـلـك البيعة المباركة في غدير خم .. وحسبنا كلام رسول اللّه (ص ) مخاطبا عليا(ع ) :ـ يا علي لا يحبك الا مؤمن .. ولا يبغضك الا منافق او ابن زنا.
وهـنـاك تحت تلك السقيفة المشؤومة بادر عمر بن الخطاب الى بيعة ابي بكربالخلافة .. وطلب من الـحـاضـريـن ان يبايعوه .. وقد وصل النبا الى مسامع الامام علي (ع ) من خلال الضجيج الذي احدثه خروج القوم من السقيفة متوجهين الى المسجد النبوي .. وهم يزفون ابا بكر كزفاف العروس في نفس الوقت الذي كان فـيـه الامام علي بن ابي طالب (ع ) مشغولا مع بقية اهل بيت النبوة (ع )بتجهيز الرسول الاكرم نبينا مـحـمد(ص ) وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه .. ولعدم قناعة الامام علي (ع ) بما يجري فقد ظـل مـؤمـنـا بـحـقـه فـي الـخـلافة مدافعا عن الاسلام والمسلمين , متصديا لحل المعضلات , متحملاالالام , صابرا حتى خرج اشقاها ليخضب كريمته المقدسة , وليثكل الامة الاسلامية كلها به وكان ذلك في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة41 من الهجرة . فاطمة الزهراء (س ) النور الزاهر كـانـها كانت تشعر بما حصل لامها من مقاطعة نساء مكة لها.. بل حتى قريباتها لم يعدن يسالن عنها او يتفقدن احوالها.. لذلك فهي وحيدة في بيتها.. لا انيس لها اثناء غياب رسول اللّه (ص ) عنها.. نعم كانت تـشعر بماحصل لامها بسبب زواجها من رسول اللّه (ص ) رغم انها ما تزال في ظلمة احشائها.. لذلك رات مـن واجـبـها ان تسليها بالحديث معها.. فاشرقت على وجه خديجة ابتسامة فرح بعد ان غمرت قلبها سعادة لم تكن تشعر بهااثناء وحدتها.
– خديجة .. قالها رسول اللّه (ص ) مندهشا بعد ان راى خديجة تتمتم فرحة وكانها تكلم شخصا امامها.. فقالت له :
ـ يا رسول اللّه .. الجنين الذي في بطني يحدثني ..فتؤنسني عذوبة حديثه .
فـي هذه الاثناء.. نزل الامين جبرائيل (ع ).. وهمس في اذن رسول اللّه (ص ) مماجعله يبتسم فرحا وهـو يـنـقل كلام جبرائيل (ع ) الى زوجته خديجة قائلا : آياخديجة .. انها ابنتي .. نسمة طاهرة مطهرة .. وقد امرني اللّه تعالى ان اسميهافاطمة .. وسيجعل من ذريتها ائمة يهتدى بهم .
مما جعل فرحة خديجة تتعاظم فملات آفاقها سعادة عوضتها عن حرمان مقاطعة النساء لها.
تمر لحظات الولادة .. وخديجة وحيدة لا توجد امراة قربها.. مما اضطرهاان ترسل الى قريباتها من نـسـاء مـكـة .. وراحـت تنتظر حتى اتاها جوابهن :ـ ياخديجة .. انت عصيتنا.. ولم تقبلي منا قولنا.
فتزوجت ذلك الفقير الذي لامال له .. لذلك لن نجي ء اليك .
فاغتمت خديجة لذلك غما شديدا.. وبينما هي كذلك واذا بها تتفاجا باربع نساء يدخلن عليها.. كانهن من نساء قريش .. فقالت احداهن : يا خديجة لاتحزني .. لقد بعثنا اللّه تعالى اليك .. لمساعدتك . كانت تلك المراة هي آسية بنت مزاحم .. ومعها مريم بنت عمران وسارة زوجة ابراهيم (ع ) وصفراء بـنـت شـعـيب .. فجلسن حولها.. وقمن بواجبهن حتى وضعت فاطمة (س ) كما قال رسول اللّه (ص ) طاهرة مطهرة .. تلقتها احداهن ..فغسلتها بماء الـكوثر ونشفتها.. ثم اخرجت من القماش قطعتين بيضاوتين اشد بياضا من اللبن .. واطيب رائحة من المسك والعنبر.. فلفتها بواحدة .. وقنعتها بالثانية .. ثم استنطقتها , فنطقت فاطمة (س ) بالشهادة قائلة :
اشـهـد ان لا الـه الا اللّه .. وان ابـي مـحـمـدا رسول اللّه .. وان عليا سيد الاوصياء.. وولدي سادة الاسباط.
ثـم سـلـمـت عـلى كل واحدة منهن باسمها.. فاقبلن عليها ضاحكات .. ثم عرجن الى السماء… بعد ان تـنـاولـتـها خديجة فرحة بها مستبشرة .. فوضعتهافي حجرها.. والقمتها ثديها فدر عليها لبنا.. وما اسـرع مـا لـقـبـت فـاطـمـة (س )بـالزهراء.. ففي ولادتها ازهرت الارض .. واشرقت الفلوات .
وانارت الجبال والربوات .. وهبطت الملائكة الى الارض .. فنشرت اجنحتها في المشرق والمغرب .
وضربت عليها سرادق البهاء.. وغشي اهل مكة ماغشيهم من النور.
دخـل رسول اللّه (ص ) على خديجة فرحا مستبشرا وهو يقول لها : ياخديجة لا تحزني ان كان قد هجرك نساء مكة .. ولم يدخلن عليك .
فها انا ارى الحور ينزلن من السماء عطرات .. يشع منهن نور يلتهب التهابا.. وتفوح منهن رائحة تسر اهـل مكة جميعا.. سلمن فاحسن ..وحيين فابلغن .. بعثهن اللّه تعالى ليصبحن في خدمة خديجة وابنتها فـاطمة الزهراء(س ).. بعد ان استبشرت الحور العين .. وبشر اهل السماوات بعضهم بعضا.. بولادة فاطمة الزهراء(س ) فقد حدث في السماء نور زاهر لم تر مثله الملائكة من قبل .
مـرت الاعوام .. وفاطمة الزهراء(س ) تنمو في اليوم كما ينمو غيرها في شهر..وتنمو في الشهر كما ينمو غيرها في سنة .. الى ان جاء ذلك اليوم الذي كان فيه رسول اللّه (ص ) جالسا مع اصحابه في الـمسجد وبصحبته علي بن ابي طالب (ع ).. اذ هبط من السماء ملك على هيئة لم يالفها الرسول (ص ) مـن قبل اذظنه جبرائيل .. وهم يقبل راسه .. فقال له الملك : ـ مه يا احمد ((5)) انت اكرم عند اللّه تعالى من اهل السماوات واهل الارض اجمعين .
فقام الملك بتقبيل راس الرسول (ص ) ويده .. وفي اثناء ذلك قال له الرسول :ـحبيبي جبرائيل .. ما هذه الصورة التي لم تهبط علي بمثلها.. ؟ فـقال الملك : ـ ما انا بجبرائيل .. لكني ملك يقال لي محمود.. وبين كتفي مكتوب لا اله الا اللّه .. محمد رسول اللّه .. ((6)) . وفـي هـذه الاثـنـاء نزل من السماء جبرائيل , وميكائيل , واسرافيل ..وسبعون الفا من الملائكة قد حضروا معهم .. بينما كان الملك محمود يقول لرسول اللّه (ص ) : ـ بعثني اللّه تعالى لازوج النور من النور.
فقال الرسول (ص ) : ـ والنور.
فاجابه محمود : ـ فاطمة من علي (ع ) . فـالـتـفت النبي (ص ) الى علي بن ابي طالب (ع ) وهو يقول له : ـ قد زوجتك على ما زوجك اللّه من فوق سبع سماوات .. فخذها اليك .
ثم التفت النبي (ص ) الى محمود قائلا له : ـ منذ متى كتب هذا بين كتفيك .. ؟ فقال محمود : ـ من قبل ان يخلق اللّه آدم بالفي عام .
ثـم ناول جبرائيل النبي محمدا(ص ) قدحا فيه طيب من طيب الجنة وهويقول : ـ يا حبيبي يا محمد مر فاطمة ان تدهن راسها وبدنها من هذاالطيب .
فـصـارت فاطمة الزهراء(س ) كلما مررت يدها على راسها او بدنها.. شم اهل المدينة رائحة ذلك الطيب .

شاهد أيضاً

إيران مستعدة ومتعطشة للحرب وإسرائيل دمرت فماذا حققت الأخيرة من هذه العملية

حيدري نظر سؤال يحمل بعدًا مهمًا يتعلق بتقييم نتائج أي صراع عسكري، خصوصًا في منطقة ...