الرئيسية / من / الشعر والادب / العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

على كل واد دمع عينيك ينطف * وما كل واد جزت فيه المعرف
أضنك أنكرت الديار فمل معي * لعلك دار العامرية تعرف
نشدتك هل أبقيت للدمع موضعا * من الأرض تهمي الغيث فيه ( 140 ) وتنطف
فهذا ولم تذرف دموعا وإنما * دم القلب من أجفان عينيك يذرف

 

 
فلا تك ممن ينبذ الصبر بالعرى * إذا غدت الورقاء في الأيك تهتف
فما ذاك من شجو فيشجيك نوحها * وهل يستوي يوما صحيح ومدنف
ألم ترها لم تذر دمعة ثاكل * ولم ينصدع شمل لها متألف
وقد لبست في جيدها طوق زينة * وجيدك فيه طوق حزن معطف

 

 
إذا ما شدت فوق الأراك ترنما * فأنك تنعى والجوانح ( 141 ) ترجف
أعيذك أن يهفو بحلمك منزل * تعفى وفيه للأوابد مألف
فلا تبك في أطلاله بتلهف * فليس يرد الذاهبين التلهف
ولو ( 142 ) عاد يوما بالتأسف ذاهب * عذرتك لكن ليس يجدي التأسف

 

 
وإن جزوعا شأنه النوح والبكا * لغير بني الزهرا ملام معنف
بنفسي وآبائي نفوسا أبية * يجرعها كأس المنية مترف
تطل بأسياف الضلال دماؤهم * وتلغى وصايا الله فيهم وتحذف
وهم خير من تحت السماء بأسرهم * وأكرم من فوق السماء وأشرف

 

 
وهم يكشفون الخطب لا السيف في الوغى * بأمضى شبا منهم ، ولا هو أرهف
إذا هتف الداعي بهم يوم من دم * الفوارس أفواه الضبا تترشف
أجابوا ببيض طائعا يقف القضا * إلى حيث شاءت ما يزال يصرف
ومن تحتها الآجال تسري وفوقها * لواء من النصر العزيز يرفرف

 

 
لهم سطوات تملأ الدهر دهشة * وتنبث ( 143 ) منها الشم والأرض ترجف
عجبت لقوم مل أدراعهم ردى * ومل ردائيهم تقى وتعفف
يغولهم غول المنايا وتغتدي * بأطلالهم ريح الحوادث تعصف
كرام قضوا بين الأسنة والضبا * كراما ويوم ( 144 ) الحرب بالنقع مسدف

 

 
هداة أجابوا داعي الله فاتهى * بهم لقصور من ذرى الشهب أشرف
فما خلت في صرف القضا يصرع القضا * وأن جبال الحتف بالحتف ننسف
بنفسي رؤوسا من لوي أنوفها * عن الضيم مذ كان الزمان لتأنف
أبت أن تشم الضيم حتى تقطعت * بيوم به سمر القنا تتقصف

 

 
وما ناءت الأطواد في جبروتها * فكيف غدا فيها ينوء مثقف
فيا ناعيا روح الخلائق فاتئد * لقد أوشكت روح الخلائق تتلف
وأيقن كل منهم قام حشره * كأنك تنعى كل حي وتهتف
ويا رائد المعروف جذت أصوله * ويا طالب الاحسان لا متعطف

 

 
ألا قل لأبناء السبيل : ألا اقنطوا * فقد مات من يحنو عليكم ويعطف
ويأسا بني الآمال أن ليس مفضل * عليكم ، وللمظلوم ان ليس منصف
فأية نفس ليس تذهب حسرة * عليهم وقلب بالأسى ليس يتلف
فيا ظلة السارين إن غاب نجمهم ( 145 ) * لقد خبطوا في قفرة وتعسفوا

 

 
ويا لصباح الدين يوم تكورت * شموس الهدى من أفقه فهو مسدف
ويا لبني عدنان يوم زعيمها * غدت من دماه المشرفية تنطف
لتلق ( 146 ) الجياد السابقات عنانها * فليس لها بعد الحسين مصرف
وتبك السيوف المشرفيات أغلبا * لها بنفوس الشوس في الروع يتحف

 

 
فيصدرها ريانة من دمائهم * ويوردها ضمآنة تتلهف
وتنعى الرماح السمهريات قسورا * لها بصدور الدارعين يقصف ( 147 )
فلله من خطب له كل مهجة * يحق من الوجد المبرح تتلف
وأقسم ما سن الضلال سوى الألى * على أمة المختار بغيا تخلفوا

 

 
فيوم غدوا بغيا على دار فاطم * أتت جندهم بالغاضرية تزحف
وقتل ابنها من يوم رضت ضلوعها * ومن هتكها هتك الفواطم يعرف
ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا * بهن أسارى شأنهن التهلف ( 148 )
فمن مخبر المختار أن بقية * الاله الفتى السجاد بالقيد يرسف

 

 
ومن مبلغ الزهراء ان بناتها * عليها الرزايا والمصائب عكف
تطوف بها الأعداء في كل بلدة * فمن بلد أضحت لاخر تقذف
إذا رأت الأطفال شعثا وجوهها * وألوانها من دهشة الرزء تخطف
تعالى الأسى واستعبرت ومن العدى * حذارا دموع المقلتين تكفكف

 

 

 
بنفسي النساء الفاطميات أصبحت * من الأسر يسترئفن من ليس يرأف
ومذ أبرزوها جهرة من خدورها ( 149 ) * عشية لا حام يذود ويكنف
توارت بخدر من جلالة قدرها * بهيبة أنوار الاله يسجف
لقد قطع الأكباد حزا مصابها * وقد غادر الأحشاء تهفو وترجف

 

 
إليكم بني الزهراء زهر بدايع * تطرز في حسن الرجاء وتفوف ( 150 )
وإني فيها أرتجي يوم محشري * بقربي منكم سادتي أتشرف
عليكم صلاة الله ما حن طائر * بوكر وما دامت منى والمخيف

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...