وفي ولايتي فقال عز وجل (وبئر معطلة وقصر مشيد)(3) فالقصر محمد (صلى الله عليه وآله) والبئر المعطلة ولايتي عطلوها وجحدوها، ومن لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله)، ألا إنهما مقرونان، وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله)
نبي مرسل وهو إمام الخلق ووصي محمد (صلى الله عليه وآله) كما قال النبي (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي مرسل بعدي، وأولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى (ذلك دين القيامة) وسأبين ذلك بعون الله تعالى وتوفيقه. يا سلمان ويا جندب ! قالا: لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك، قال: كنت أنا ومحمد (صلى الله عليه وآله)
نورا واحدا من نور الله عز وجل فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن يشق فقال للنصف: كن محمدا وقال للنصف: كن عليا، فمنها قال رسول الله: علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي، وقد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل فقال: يا محمد. قال: لبيك. قال: إن الله يأمرك أن تؤديها أنت أو رجل منك، فوجهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد في نفسه وقال: يا رسول الله أنزله في القرآن؟ قال: لا ولكن لا يؤدي إلا أنا أو علي. يا سلمان ويا جندب.
قالا: لبيك يا أخا رسول الله. قال: من لا يصلح لحمل صحيفة يؤديها عن رسول الله كيف يصلح للإمامة؟ يا سلمان ويا جندب فأنا ورسول الله نور واحد صار رسول الله محمد المصطفى وصرت أنا وصيه المرتضى، وصار محمد الناطق وصرت أنا الصامت، وإنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق وصامت. يا سلمان صار محمد المنذر وصرت أنا الهادي وذلك قوله عز وجل (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)(4)
فرسول الله المنذر وأنا الهادي (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار. عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله).(5)
قال: فضرب بيده على الأخرى وقال: صار محمد (صلى الله عليه وآله) صاحب الجمع وصرت أنا صاحب النشر وصار محمد صاحب الجنة وصرت أنا صاحب النار، أقول لها خذي هذا وذري هذا، وصار محمد صاحب الرجفة وصرت أنا صاحب الهدة وأنا صاحب اللوح المحفوظ، ألهمني الله عز وجل علم ما فيه، نعم يا سلمان ويا جندب صار محمد (يس والقرآن الحكيم)(6) وصار محمد (ن والقلم)(7) وصار محمد (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)(8)
وصار محمد صاحب الدلالات، وصرت أنا صاحب المعجزات والآيات وصار محمد خاتم النبيين وصرت أنا خاتم الوصيين، وأنا الصراط المستقيم وأنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ولا أحد اختلف إلا في ولايتي، وصار محمد صاحب الدعوة وصرت أنا صاحب السيف وصار محمد نبيا مرسلا وصرت أنا صاحب أمر النبي، قال الله عز وجل (يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده)(9)
وهو روح الله لا يعطيه ولا يلقى هذا الروح إلا على ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس وفوض إليه القدرة وأحيى الموتى وعلم بما كان وما يكون وسار من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق في لحظة عين وعلم ما في الضمائر والقلوب وعلم ما في السماوات والأرض.
يا سلمان ويا جندب وصار محمد الذكر الذي قال الله عز وجل (قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله)(10) إني أعطيت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب واستودعت علم القرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة ومحمد (صلى الله عليه وآله) أقام الحجة حجة للناس وصرت أنا حجة الله عز وجل، جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب