عن أبي الحسن عليه السلام قال: “من نزّه نفسه عن الغناء فإنّ في الجنّة شجرة يأمر الله عزّ وجلّ الرياح أن تُحرِّكها فيسمع لها صوتاً لم يسمع بمثله ومن لم يتنزّه عنه لم يسمعه”9.
5- الحور والزوجات في الجنّة
روى العياشيّ بالإسناد إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جُعلت فداك أخبرني عن المؤمن تكون له امرأة مؤمنة يدخلان الجنّة يتزوّج أحدهما بالآخر؟
فقال: “يا أبا محمد إنّ الله حكم عدل، إن كان هو أفضل منها خُيّر هو فإن اختارها كانت من أزواجه، وإن كانت هي خيراً منه خيّرها فإن اختارته كان زوجاً لها”10.
– وفي قوله تعالى:﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ قيل: “أي نساء خيّرات الأخلاق حسان الوجوه، لسن بذربات، ولا زفرات، ولا نخرات، ولا متطلّعات، ولا متسوّمات، ولا متسلّطات، ولا طمّاحات، ولا طوّافات في الطرق، ولا يغرن، ولا يؤذين”11.
8- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 239.
9- م.ن، ج 6، ص 434.
10- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 8، ص 105.
11- م، ن، ص 107. ذرابة اللسان: حدّته، والزفرة: التنفّس الّذي معه صوت، والزفر: أوّل صوت الحمار. والنخير: مدّ الصوت في الخيشوم، وامرأة منخار: تنخر… كأنّها مجنونة. والمتسوّمات: لعلّه من السوم بمعنى البيع أي: بيّاعات في الأسواق. والطماحات: الناظرات إلى من فوقهن أو إلى بيوت الناس.
– وروي أنّ نساء أهل الجنّة تأخذ بعضهنّ بأيدي بعضهن ويتغنّين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها:
“نحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن ونحن خيرات حسان حبيبات لأزواج كرام”.
– عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه السلام، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام قال: “قالت أم سلمة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بأبي أنت وأمي المرأة يكون لها زوجان، فيموتون ويدخلون الجنّة لأيّهما تكون؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أمّ سلمة تُخيّر أحسنهما خُلُقاً وخيرهما لأهله، يا أمّ سلمة إنّ حُسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة”12.
وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك من أيّ شيء خُلقن الحور العين؟
قال عليه السلام: “من الجنّة…”.
قلت: جعلت فداك ألهنّ كلام يتكلّمن به في الجنّة؟
قال عليه السلام: “نعم كلام يتكلّمن به لم يسمع الخلائق بمثله”.
قلت: ما هو؟
قالعليه السلام: “يقلن: نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خُلق لنا، وطوبى لمن خُلقنا له، نحن اللواتي لو عُلّق إحدانا في جوِّ السماء لأغنى نورنا عن الشمس والقمر لو أنّ قرن إحدانا عُلِّق في جوِّ السماء لأغشى نوره الأبصار”13.
وفي رواية عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “وإنّ المؤمن ليغشاه شعاع نور وهو على
12- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 8، ص 119.
13- م.ن، ج 8، ص 121.
أريكته ويقول لخدّامه: ما هذا الشعاع اللامع لعلّ الجبّار لحظني؟ فيقول له خدّامه: قدّوس قدّوس جلّ جلاله، بل هذه حوراء من نسائك ممّن لم تدخل بها بعد، أشرفت عليك من خيمتها شوقاً إليك وقد تعرّضت لك وأحبّت لقاءك، فلمّا أن رأتك متّكئاً على سريرك تبسّمت نحوك شوقاً إليك، فالشعاع الّذي رأيت والنور الّذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقّته، فيقول ولي الله: ائذنوا لها فتنزل إليّ، فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشّرونها بذلك، فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلّة منسوجة بالذهب والفضة، مكلّلة بالدرّ والياقوت والزبرجد، صبغهنّ المسك والعنبر بألوان مختلفة، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلّة، طولها سبعون ذراعاً، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع، فإذا دنت من وليّ الله أقبل الخدّام بصحاف الذهب والفضة فيها الدرّ والياقوت والزبرجد، فينثرونها عليها، ثمّ يعانقها وتعانقه فلا تملّ ولا يملّ”14.