الرئيسية / القرآن الكريم / البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

25 “الاحتكار” العلمي

جميع الكمالات يحصرها الإنسان بالعلم الذي توصل إليه وأدركه، فالفقيه يتصور أن لا شيء غير الفقه في العالم، والعارف يتصور أن لا شيء غير العرفان والفيلسوف يتصور أن لا شيء غير الفلسفة، والمهندس يتصور أن لا شيء سوى الهندسة، فلعلهم يعتبرون العلم عبارة عما عرفوه بالمشاهدة والتجربة وأمثال ذلك لذا يرون أن هذا هو العلم وغيره ليس بعلم وهذا حجاب كبير، هناك حجب كثيرة تلفنا جميعا ولكن أكبرها هو حجاب العلم هذا.

لأنه هو الذي ينبغي أن يرشد الإنسان إلى الطريق وإلى الهداية فإذا به يصده عن الطريق ويمنعه الهداية وهذا هو حال العلوم الرسمية جميعاً فهي تحجب الإنسان عما ينبغي أن يصل إليه وتولد لديه العجب فعندما يدخل العلم قلباً غير مهذب يجرّ صاحبه إلى الخلف وكلما زاد خزينة زادت مصائبه.

مهما نثرت من بذور ف الأرض الملحية فلن تحصل على ثمرة وهذا هو حال القلب المحجوب غير المهذب، القلب الذي يخالف من اسم الله البعض ومثلما يخافون من الأفعى يخشون المسائل الفلسفية رغم أن الفلسفة هي أيضاً من العلوم الرسمية الفيلسوف أيضا يخاف – بنفس الصورة- من العرفان وهكذا حال العارف لما فوقه والجميع هي علوم رسمية وكلها “قيل وقال”.

علم التوحيد قد يصدّ عن التوحيد

لا أدري إلى متى نبقي على هذه الحالة يجب كحد أدنى أن نهذب أنفسنا بحيث لا تكون هذه العلوم الرسمية مانعةً لنا عن الله وذكر الله وهذه مسألة مهمة أن لا يصبح الإشغال بالعلم سبباً للغفلة عن الله وأن لا يتحول إلى عامل لبعث الغرور فينا فيبعدنا عن مبدأ الكمال.

هذا الغرور موجود لدى العلماء بمختلف الاختصاصات سواء العلوم المادية والطبيعة أو العلوم الشرعية أو العلوم العقلية فما لم يكن القلب مهذبا ظهر الغرور الذي يصد الإنسان بصورة كاملة عن الله عندما ينهمك بالمطالعة يغرق فيها وعندما يقوم للصلاة يؤديها ولكن ليس هو مع الصلاة فماذا يعني هذا؟! كان أحد أصدقائي -رحمه الله – يقول: – ” لا أتذكر الآن إتركني إلى أن أقوم للصلاة لكي أتذكر “!! كأن الإنسان عندما يؤدي الصلاة فهو ليس في الصلاة أصلاً، لا يتوجه إلى الله وقلبه ليس مع الصلاة بل في مكان آخر قد يفكر أيضا بكيفية حل مسألة علمية، من ذاك العلم الذي العلم الذي هو مقدمة للوصول للغاية والمقصود فإذا به يصدّ الإنسان عن الغاية والمقصود، هذا الأمر يصدق على العلوم الشرعية علم التفسير وعلم التوحيد فالقلب إذا لم يكن مستعداً مهذباً يتحول فيه حتى علم التوحيد إلى غل وقيد يصد الإنسان.

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...