في مولده الشريف قالت آمنة : إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا وأتي به عبد المطلب لينظر إليه ، وقد بلغه ما قالت أمه ، فأخذه ووضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الاردان قد ساد في المهد على الغلمان ثم عوذه بأركان الكعبة وقال فيه أشعارا .
1 – الشيخ الطوسي في تهذيبه ، عن أبي عبد الله بن عياش قال : حدثني أحمد بن زياد الهمداني ، وعلي بن محمد التستري ، قالا : حدثنا محمد بن الليث المكي ، قال : حدثني أبو إسحاق بن عبد الله العريضي ، قال : وحك في صدري ما الأيام التي تصام ؟
فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد ، وهو بصريا ، ولم أبد ذلك لاحد من خلق الله ، فدخلت عليه فلما بصر بي ، قال يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن وهي الأربعة : أولهن اليوم السابع والعشرون من رجب ، يوم بعث الله تعالى محمدا إلى خلقه رحمة للعالمين ، ويوم مولده بمكة ، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فيه دحيت الكعبة ، ويوم الغدير ، فيه أقام رسول الله أخاه عليا علما للناس ، وإماما من بعده ، قلت : صدقت جعلت فداك لذلك قصدت ، أشهد أنك حجة الله على خلقه .
2 – ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله قال : كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع ، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلث سماوات ، فلما ولد رسول الله حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه .
وقال عمرو بن أمية : وكان من أزجر أهل الجاهلية : أنظروا هذه النجوم التي تهتدى بها وتعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث ، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي ليس منهم صنم إلا وهو منكب على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى ، وسقطت منه أربع عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى الموبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صغيرا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم .
وانفصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملك مخرسا ، لا يتكلم يومه ذلك ، وانتزع علم الكهنة ، وبطل سحر السحرة ، ولم يبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب ، وسموا آل الله عز وجل . قال أبو عبد الله : إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام .
وقالت آمنة : إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا وأتي به عبد المطلب لينظر إليه ، وقد بلغه ما قالت أمه ، فأخذه ووضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الاردان قد ساد في المهد على الغلمان ثم عوذه بأركان الكعبة وقال فيه أشعارا .
قال : وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه ، وقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا ؟ فقال لهم : ويلكم لقد أنكرت السماوات والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ، ما حدث مثله منذ رفع الله عيسى بن مريم ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ؟ فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئا . فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الامر ، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم ، فوجد الحرم محفوفا بالملائكة ، فذهب ليدخل ، فصاحوا به ، فرجع ثم صار مثل الصر ، وهو العصفور ، فدخل من قبل حراء وقال له جبرئيل : وراك لعنك الله ، فقال له : حرف أسألك عنه يا جبرئيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض ؟ فقال له : ولد محمد صلى الله عليه وآله ، فقال له : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا . قال : في أمته ؟ قال : نعم ، قال : رضيت.
3 – وعنه قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان ، عن زياد بن المنذر ، عن ليث بن سعد ، قال : قلت لكعب ، وهو عند معاوية : كيف تجدون صفة مولد النبي وهل تجدون لعترته فضلا ؟ فالتفت كعب إلى معاوية لينظر كيف هواه ، فأجرى الله على لسانه ، فقال : هات يا أبا إسحاق رحمك الله ما عندك ، فقال كعب : إني قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها أنزلت من السماء ، وقرأت صحف دانيال كلها ، فوجدت في كلها ذكر مولده ، وذكر مولد عترته ، وأن اسمه لمعروف ، وإنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد صلوات الله عليهما ، وما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم وآمنة أم أحمد ، وما وكلت الملائكة بأنثى حملت غير مريم أم المسيح ، وآمنة أم أحمد . وكان من علامة حمله أنه لما كانت الليلة التي حملت آمنة به نادى مناد في السماوات السبع : أبشروا ، فقد حمل الليلة بأحمد ، وفي الأرضين كذلك حتى في البحور ، وما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب ولا طاير يطير إلا علم بمولده ، ولقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر ، وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب ، فقيل : هذه قصور الولادة .
ونجدت الجنان وقيل لها : اهتزي وتزيني فإن نبي أوليائك قد ولد ، فضحكت الجنة يومئذ ، فهي ضاحكة إلى يوم القيمة . وبلغني أن حوتا من حيتان البحر يقال له طموسا ، وهو سيد الحيتان ، له سبعمائة ألف ذنب يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثور ، الواحد منهم أكبر من الدنيا ، لكل ثور سبعمائة ألف قرن من زمرد أخضر ، لا يشعر بهن ، إضطرب فرحا لمولده ولولا أن الله تبارك وتعالى ثبته لجعل عاليها سافلها . ولقد بلغني أن يومئذ ما بقي جبل إلا نادى صاحبه بالبشارة ويقول : لا إله إلا الله ، ولقد خضعت الجبال كلها لأبي قبيس كرامة لمحمد ، ولقد قدست الأشجار أربعين يوما بأنواع أفنائها وثمارها فرحا بمولده ، ولقد ضرب بين السماء والأرض سبعون عمودا من أنواع الأنوار لا يشبه كل واحد صاحبه ، ولقد بشر آدم بمولده فزيد في حسنه سبعين ضعفا ، وقد كان وجد مرارة الموت وكان قد مسه ذلك فسري عنه ذلك ، ولقد بلغني أن الكوثر اضطرب في الجنة واهتز ، فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدر والياقوت نثارا لمولد محمد .
ولقد زم إبليس وكبل وألقي في الحصن أربعين يوما وغرق عرشه أربعين يوما ، ولقد تنكست الأصنام كلها وصاحت وولولت ، ولقد سمعوا صوتا من الكعبة : يا آل قريش جاءكم البشير ، جاءكم النذير ، معه العز الأبد ، والربح الأكبر ، وهو خاتم الأنبياء . ونجد في الكتب أن عترته خير الناس بعده ، وأنه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي .
فقال معاوية : يا أبا إسحاق ومن عترته ؟ قال كعب : ولد فاطمة ، فعبس وجهه ، وعض على شفتيه ، وأخذ يعبث بلحيته ، فقال كعب : وإنا نجد صفة الفرخين المستشهدين وهما فرخا فاطمة ، يقتلهما شر البرية ، قال : ومن يقتلهما ؟ قال : رجل من قريش ، فقال معاوية : قوموا إن شئتم ، فقمنا .
4 – محمد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد ، عن محمد بن أيوب ، عن محمد بن زياد ، عن أسباط بن سالم ، عن أبي عبد الله ، قال : كان حيث طلقت آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب ، فلم تزل معها حتى وضعت ، فقالت إحديهما للأخرى : هل ترين ما أرى ؟ قالت : وما ترين ؟ قالت : هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب ، فبينما هما كذلك إذ دخل عليهما أبو طالب ، فقال لهما : ما لكما ؟ من أي شئ تعجبان ؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت ، فقال لها أبو طالب : ألا أبشرك ؟ فقالت : بلى ، فقال : أما إنك ستلدين غلاما يكون وصي هذا المولود.
وعنه ، عن محمد بن يحيى عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن المعلي ، عن أخيه محمد ، عن درست بن أبي منصور ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله قال : لما ولد النبي ، مكث أياما ليس له لبن ، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه ، فأنزل الله فيه لبنا ، فرضع منه أياما حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها.