ليست «القيمة المضافة» بمعنى ما نفهمه من الأجر والثواب
الحياة الحقيقية والأصيلة هي في الآخرة، لأن الحياة في هذه الدنيا مصحوبة بالممات، فإننا نطوي جزء كبيرا منها في النوم، أما هناك فنحن صاحون دوما.
وتارة نتثاقل عن أداء الأعمال وتارة نتكاسل، بينما في الحياة الأخروية لا ننفك عن النشاط والطاقة دوما. نحن أصحاب الأمر والقرار في كيفية حياتنا الأخروية وهذا هو معنى إنتاج القيمة المضافة. فما إن نذكر «القيمة المضافة» لا يقتصر ذهنكم على الأجر والثواب، مع أنه أجر وثواب أيضا، ولكنه أجر في نطاقه الواسع جدا، بمعنى أنك قادر على تنظيم آخرتك في هذه الدنيا. فلابد من ترجمة كلمة الأجر والثواب على أساس ذاك العالم العظيم اللانهائي.
إن فهم هذه الحقيقة يحلّ لنا بعض أسئلتنا الكلامية
كل ما موجود في هذه الدنيا فهو وسيلة لنتمكن به من إنتاج القيمة المضافة، وهنا منطلق بحثنا. إن ميزة آدم الذي خلقه الله هو القدرة على إنتاج القيمة المضافة.
فكان الملائكة في غفلة عن هذه الحقيقة وهذا ما دفعهم للاستفسار عن سبب خلق آدم والآدميّين، إذ وجدوا أن من شأن هذا الكائن بما يشتمل عليه من حريّة وقوّة وشهوات، أن يسفك الدماء وأن يستغلّ قدراته وإمكاناته في الفساد. فلمّا طرحوا سؤالهم، قال الله لهم: إنّي أعلم ما لا تعلمون.
ولعلّ إحدى الحقائق التي كانت قد خفيت عن علم الملائكة هو مدى قيمة إنتاج القيمة المضافة، فإنّ قيمتها وثمنها يستحقّ خلق الناس حتى إذا فسد وأفسد جمع منهم. وهذا ما لم يفهمه كثير من الناس أيضا. حيث يسأل بعضهم، هل كان يستحق خلق الإنسان بغية إنتاج القيمة المضافة مثلَ هذه المظالم والإجرام وسفك الدماء؟ نعم يستحق.
فإن كنت ترى عدم استحقاقه، قل لي أين موقعك الآن في هذا العالم وما الذي تراه الآن حتى تقيّم وتستنتج؟! ألك ميزان يقارن بين قيمة خلق الإنسان والظلم الذي ارتكبه في العالم؟! فإذا أردت أن تخرج بنتيجة أدقّ لابد أن تتأمل بمزيد من الدقّة،
ثم تحاول أن تدرك الحياة الأخروية، كما ينبغي أن تشاهد قيمة أولئك الذين أنتجوا القيمة المضافة وعاشوا في أجوائها. فإن استطعت أن ترى هذه الحقائق سوف تقرّ باستحقاق خلق الإنسان على رغم ما قد يرتكبه من إجرام.