السعودية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع العراق منذ غزو صدام حسين الكويت في اغسطس/آب عام 1990، لم تفكر جديا باعادة هذه العلاقات رغم اسقاط النظام الصدامي في العراق، والدعوات المتكررة للنظام العراقي الجديد لاشقائه الخليجيين، خاصة السعودية، لفتح صفحة جديدة من العلاقات بعيدا عن اي خلفيات طائفية يمكن ان تسمم الاجواء بين العراق واشقائه.
للاسف الشديد لم تلق هذه الدعوات العراقية المتكررة حد الالحاح، أذنا صاغية في الرياض، التي اصرت ومازالت على اعادة عقارب الساعة الى الوراء، او على الاقل ضرب العملية السياسية القائمة في العراق، وترتيبها وفقا للرؤية السعودية الى العراق والمنطقة بشكل عام، دون ان تأخد السعودية بنظر الاعتبار التطورات التي شهدها العراق منذ عام 2003، والتي لن تسمح باعادة عقارب الساعة الى الوراء، ولا حتى للسعودية باعادة ترتيب العملية السياسية وفقا لاجندتها الخاصة للعراق والمنطقة.
الاصرار السعودي العبثي على افشال العملية السياسية في العراق، كلف العراق اثمانا باهظة، فسالت انهار من الدماء البريئة في العراق، وشرد الملايين من اهله، وانتهكت الحرمات والمقدسات، وتحول العراق الى ساحة يصول ويجول فيها شذاذ الافاق من التكفيريين والطائفيين، وامتد هذا العبث السعودي الدموي الى سوريا والى اليمن وهو اليوم يهدد لبنان لولا مقاومة الخيرين من ابنائه وفي مقدمتهم ابطال حزب الله.
السعودية ومن اجل تمرير اجندتها في ضرب العملية السياسية في العراق، وكذلك لضرب الحكومة السورية، والمغامرة الدموية التي تقوم بها في اليمن، وتهديداتها للبنان، استعانت بمشايخ الوهابية وبرجال الامن وبما تمتلك من اموال ونفوذ، فالمجموعة الاولى كانت تشرعن التكفير والعنف والطائفية، والمجموعة الثانية كانت تنفذ هذه الفتاوى عبر تشكيل مجاميع التكفيريين كـ”جبهة النصرة” و “داعش” وشقيقاتهما، واما المال فكان يغطي كل هذا الجهد السعودي العبثي.
من بين رجالات الامن الذين ساهموا في نشر العبث التكفيري الطائفي السعودي في المنطقة، لاسيما في سوريا ولبنان، هناك اسم يتم تداوله منذ فترة وهو العميد الركن ثامر السبهان، الذي اشير مرارا الى دوره في ضخ التكفيريين داخل سوريا وايجاد مجاميع تكفيرية لمحاربة الحكومة السورية ومن هذه المجاميع”جبهة النصرة” الفرع الرسمي للقاعدة في بلاد الشام، وكذلك الى دوره في تشكيل جبهة معادية للمقاومة ومحور المقاومة في لبنان.. هذا الرجل ومن سوء حظ العراقيين اختارته السعودية في هذا الوقت الحساس، الذي يقاتل فيه الشعب العراقي “داعش” والتكفيريين وبقايا القاعدة والبعثيين الحاقدين، سفيرا لها في العراق.
وفور اعلان السعودية عن اسم سفيرها للعراق، حتى تعالت موجة من الاعتراضات من مختلف الاحزاب والشخصيات السياسية العراقية، التي رات في هذا الاختيار خطة سعودية لقيادة التكفيريين من داخل العراق، دون الحاجة الى وسطاء ينقلون تعاليمها الى اذرعها التكفيرية في هذا البلد. واعتبرت السبهان الذي لم يعمل يوماً في السلك الدبلوماسي، متورطا في تبني “جبهة النصرة” الإجرامية في سوريا، معتبرة انه يليق بقيادة معركة وليس سفارة، وتساءلت عن الاسباب التي تدفع العراق لقبول عسكري بدلا عن دبلوماسي.
في الوهلة الاولى قد يستغرب المرء من الاعتراض العراقي الواسع على تعيين السبهان سفيرا للسعودية في بغداد، ولكن نظرة سريعة الى تاريخ الرجل المهني لاتبقي اي مجال للاستغراب، فالرجل ووفقا لما تناقلته وسائل الاعلام القريبة من السعودية، من مواليد 1967م يحمل شهادة بكلوريوس علوم عسكرية كلية الملك عبد العزيز الحربية عام 1988 . وترقى الى رتبة نقيب عام 1994 ، الان هو برتبة عميد ركن ملحق عسكري في سفارة السعودية في لبنان.. تولى عدة مناصب منها قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية، قائد فصيل في السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية، قائد فصيل في سرية التدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة في الرياض، مساعد قائد السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية في الرياض، قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية.
حصل على اوسمة وانواط وميداليات وهي نوط المعركة، ووسام المشاركة في حرب عاصفة الصحراء، ووسام الامتياز والجدارة من وزارة الدفاع الاميركية، وعمل بمجال ضباط الامن والحماية، وكان مرافقا لقائد القيادة المركزية الاميركية “نورمان شوارتسكوف”، اثناء “حرب تحرير الكويت”، وضابط امن وحماية للاميرالفريق الركن المتقاعد خالد بن سلطان عام 1993 – 1995 ، وضابط امن وحماية لمواقع القوات الاميركية والفرنسية والبريطانية في منطقة الرياض عام 1995م ، وعمل كضابط امن وحماية لعدد من وزراء الدفاع الاجانب منهم وزير الدفاع البريطاني توم كينج، ووزير الدفاع الاميركي ديك تشيني، ورئيس اركان القوات المشتركة الاميركية كولن باول والقائد العام للقيادة الفريق اول جوزيف هور، والقائد العام للقيادة المركزية الاميركية الفريق اول هورنر.
من حق العراق ووفقا للقوانين والاعراف الدبلوماسية ان يرفض هذا السفير ويطالب السعودية بتعيين سفير آخر مكانه، كما ان من حق السعودية ان تحتج على الاعتراض العراقي، ولكن عليها اولا ان تكذب هذه المعلومات التي ذكرناها وذكرها غيرنا عن السبهان، كما يحق للعراقيين ان يشككوا بنوايا السعودية بفتح صفحة جديدة معهم، بينما ترسل اليهم خبيرا في صناعة المجموعات التكفيرية كسفير، في الوقت الذي يقاتل العراقيون ومنذ عام 2003 مجاميع تكفيرية تحمل علامات سعودية واضحة.