قد تلجأ الدول الكبرى وتلك المحيطة بالعراق الى خيار تأييد تقسيم البلاد، في ظل الصراعات الداخلية، واتهامات “الاقصاء والتهميش لبعض أطراف العملية السياسية في البلاد”، لكن في مقابل ذلك ينتقد نواب من كتل عدة، الحكومة التي يقودها الشيعة نتيجة “صمتها” تجاه ما يدور في كواليس الكونغرس الاميركي، والاجتماعات الدولية، وكذلك على اعتبار كردستان المناطق المحاذية، التي تحررها “كردستانية”، حيث يلاحظ ان الكرد بدأوا توسيع اقليمهم بعد حزيران العام الماضي، في وقت تقوم أطراف سنية بتشكيل لجان تنسيقية، تضم وجوها عشائرية وسياسية لدعم مشروع “الاقليم السني”.
لكن نوابا آخرين قللوا من أهمية مشاريع التقسيم، معتبرين اياها “مجرد بالونات”، يطلقها الغرب لجس نبض الشارع.
وتؤكد اللجنة الخارجية في مجلس النواب ان الكونغرس الاميركي، لا ينوي التوجه لتشريع “تقسيم العراق وسوريا لأربع دول”، لكن التحالف الكردستاني يقول ان العراق من “الناحية العملية” مقسم الى مناطق سنية، شيعية وكردية، ويبرر مطالب التقسيم بـ”غياب الثقة بين المكونات، والاقصاء والتهميش والقرارات الخاطئة من جانب الحكومة”، وبالتالي فهو يعتبر الكونفدرالية “الحل الانسب” للعراق، المقترح الذي انتقده نواب ووزراء سابقون، يرون ان “الاقاليم على اساس المحافظات، هي الحل، بعيدا عن التقسيمات الطائفية او القومية”.
وإزاء تلك الأحاديث والمشاريع التي تتبناها أطراف سياسية داخل الحكومة، تتوعد فصائل مسلحة شيعية بالرد عليها، ومحاربتها، كما حاربت المحتل في وقت سابق، في اشارة الى الاميركان.
وصحيفة ايطالية ذكرت ان تقسيم العراق وسوريا الى ٤ دول، سيكون مطروحا في اجتماعات فيينا القادمة، في وقت يصوت الكونغرس على قرار بالتعامل مع المناطق السنية والكردية في العراق على انها دول لتتمكن الولايات المتحدة من تقديم المساعدات لها مباشرة دون المرور بالحكومة العراقية.
وتقول النائبة عالية نصيف، ان الحكومة تواجه “صمت القبور” تجاه ما يحدث من مشاريع واجتماعات في دول العالم حول تقسيم العراق.
وانتقدت نصيف في اتصال هاتفي مع “العالم” امس الثلاثاء، ضعف تحركات الحكومة الدبلوماسية لإيقاف هذه المشاريع التقسيمية، التي تعتبر مخالفة لمواثيق الامم المتحدة التي تحظر التدخل في الشأن الداخلي للدول.
وتشير نصيف الى ان “الاكراد تهيأوا مبكرا لمشروع التقسيم”، مبينة ان “داعش احد ادوات المشروع”.
حيث تعتبر نصيف سيطرة الاكراد على الكثير من المناطق المحاذية لمحافظاتهم الثلاث، بعد تحريرها من عناصر التنظيم “امرا واقعا للخارطة الجديدة للتقسيم”.
وتابعت أن “الاطراف السنية بدأت تشكيل لجان تنسيقية من الوجوه والشيوخ الذين يتبنون مشروع التقسيم، بعد استبعاد الكثير من الوجوه العشائرية الرافضة لذلك المشروع”. وتتهم نصيف الاطراف الشيعية التي تحكم البلد بـ”الغفلة او الصمت تجاه ما يحدث”، داعية “الحكومة والشعب العراقي الى التحرك لرفض تلك المشاريع، او على اقل تقدير التخفيف من وطأتها”.
وترى نصيف ان مشاريع التقسيم، لا تعدو مجرد “بالونات، يطلقها الغرب لجس نبض الشارعين العراقي والسوري”.
وتقول نصيف ان دول “تركيا والسعودية وقطر، هي ادوات تنفيذ المشروع الطائفي في العراق وسوريا، لتدفع الشر عن مناطقها”.
ونفت وزارة الخارجية اول من امس الاثنين مزاعم تصويت الكونغرس الأميركي على “تقسيم العراق”، وقالت إنها أنباء عارية عن الصحة، وفيما بينت ان الكونغرس وافق على مشروع قانون ينص على استمرار العمل بالسياسة الاميركية الحالية تجاه العراق وتزويده بالسلاح عبر بغداد، اكدت استمرارها على تقوية هذا النهج.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد جمال في بيان تلقت “العالم” نسخة منه إن “المزاعم التي تدعي بأن الكونغرس سيصوت على تقسيم العراق، الثلاثاء (امس)، عارية عن الصحة تماما، وتستند بشكل محرف الى موضوع لا علاقة له بتقسيم العراق”.
وأضاف البيان أن “الكونغرس الأميركي وافق على مشروع قانون تخويل موازنة الدفاع القومي الأميركي في وقت سابق، ومشروع القانون الان في مرحلة انتظار مصادقة الرئيس الأميركي عليه ليتم اقراره بشكل نهائي”.
وبين أن “الصيغة النهائية لمشروع القانون آنف الذكر تنص على استمرار العمل بالسياسة الأميركية الحالية بتوفير الدعم بالسلاح الى العراق من خلال الحكومة المركزية حصرا، ولا توجد أية إشارة او خطة لتقسيم العراق فيه”.
بدوره، قال مثال الالوسي عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، ان الاخبار الاعلامية، وتضخيمها من قبل بعض السياسيين، تعبر عن “حلم بعيد المنال”.
ويؤكد الآلوسي في تصريح لـ”العالم” امس الثلاثاء، ان “معلومات خاصة”، وردت اليه من مصادر في الكونغرس، تشير الى عدم توجه الاخير الى تقسيم العراق وسوريا الى اربع دول.
ويعتبر الالوسي النظام في العراق “غير مستقر؛ فهناك ولاءات لدول الجوار من بعض السياسيين”، مطالباً الحكومة بـ”تحديد الاهداف والأولويات وتفعيل النزاهة والقضاء”. ويذهب الالوسي الى ان “المملكة العربية السعودية تدفع باتجاه ايجاد منطقة سنية تكون موالية لها”. وكانت وسائل اعلام عدة تداولت انباء عن نية الكونغرس الاميركي التصويت على مشروع قانون في التعامل مع المناطق السنية والكردية على انها دول دون المرور بالحكومة، فيما اعتبره البعض تمهيدا لتقسيم العراق. واكدت صحيفة ايطالية ان تقسيم العراق وسوريا الى اربع دول سيكون مطروحا في اجتماعات فيينا القادمة.
من جانبها، قالت نجيبة نجيب، النائبة عن التحالف الكردستاني، ان “العراق من الناحية العملية مقسم، نتيجة سيطرة داعش على مناطق ومحافظات”، لافتة الى ان “لا حرية لدى المواطن في التنقل داخل مناطق بلده في الوقت الراهن”.
ولفتت نجيب الى أن “مطالبات النواب والكتل السياسية في ابقاء العراق موحدا، تحتاج الى خطوات ملموسة”.
وتبرر عضو التحالف الكردستاني المطالبة بالاستقلال وتقسيم البلاد، بـ”عدم وجود ثقة متبادلة بين المكونات، ونتيجة الاقصاء والتهميش والقرارات الخاطئة من قبل الحكومة”.
وتابعت نجيب ان “عدم الاتفاق وتوحيد الرؤى للكتل السياسية دفع بالولايات المتحدة الاميركية والدول الاقليمية الى اطلاق التصريحات والتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في شؤون العراق ووحدة اراضيه”.
من جانبه، قال القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف، ان “العراق مقسم الى مناطق سنية وشيعية، بالاضافة الى الاكراد الذين اخذت حدود اقليمهم تتوسع بشكل كبير على حساب المناطق التركمانية والعربية السنية”.
واوضح عبد اللطيف في حديث لمراسل “العالم” امس الثلاثاء، ان “السياسيين الشيعة هم من يتمسكون بالعراق الواحد الموحد”، لافتا الى ان “المعطيات ومبدأ التهميش والاقصاء دفع الاطراف السنية للبحث عن حل وتفعيل مشروع بايدن”، في إشارة إلى نائب الرئيس الأميركي الذي يتبنى فكرة التعامل مع العراق وفق 3 مناطق منفصلة.
وتابع عبد اللطيف ان “دول العالم تراقب الوضع السياسي والامني في العراق، ولم تجد حلا للخلاص من تلك المشاكل سوى التقسيم”، مبديا خشيته من “رجوع العراق الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، نتيجة الخلافات وعدم استقرار الوضع الامني منذ العام 2003 ولحد الان”.
ويرى عبد اللطيف ان “اقامة الاقاليم على اساس المحافظات هو الحل، بعيدا عن التقسيمات الطائفية او القومية”.
ويعد عبد اللطيف أحد دعاة ومؤيدي إقليم البصرة، الذي طرح للاستفتاء الشعبي لكن المشروع لم يحز النسبة الكافية لطرحه على الحكومة.
ويكرر عبد اللطيف كلام نصيف، بأنه “تم تشكيل لجنة تنسيقية من القادة السنة للبحث في اتجاه الاقليم السني”.
ويرى حميد بافي، القيادي في التحالف الكردستاني، ان “اقامة نظام كونفدرالي في العراق هو الحل الانسب للخلاص من المشاكل الطائفية”، عازيا ذلك الى “فشل الحكومة في احتواء مكونات الشعب العراقي، نتيجة الاقصاء والتهميش”.
وأكد بافي في حديث لـ”العالم” امس الثلاثاء، ان “التقسيم ليس جريمة، وانما حسنة لكافة المكونات وللتخلص من الصراع والقتال الطائفي”، مبينا ان “دول الاقليم تدعم الصراع المذهبي (الشيعي، السني)، وعلى رأسها السعودية وإيران”.
وطالب بافي الحكومة بـ”الابتعاد عن هذا الصراع من خلال احتواء الجميع في هذا البلد”، موضحا ان “السلم الاهلي ضروري في التعامل مع الجميع بشكل متساو بمعزل عن الطائفة والمذهب”.
ويكرر بافي ان “دول الاقليم تتعامل مع العراق حسب مصالحها”، مشيراً الى أن “السعودية وتركيا تدعمان اقامة دولة سنية في المنطقة”.
ويستبعد بافي “اقامة دولة سنية على المدى المنظور، وان تحققت ستكون على حساب دماء الشعب العراقي”.
من جهته، تعهد قائد سرايا السلام والقيادي في التيار الصدري كرار الخفاجي، امس الثلاثاء، بـ”محاربة مشروع التقسيم”.
وقال الخفاجي في بيان تلقت “العالم” نسخة منه، “حاربنا المشروع الداعشي الأميركي وسنحارب مشروع التقسيم”.