منذ الإعلان عن الهدنة في ال ١٣ من الشهر الحالي لإجراء المفاوضات والمباحثات اليمنية والأخبار ترد عن خروقات تسجل، فيما اتفق وفدي التفاوض في سويسرا وفي أول اجتماع على تشكيل لجنة عسكرية للتصدي ومنع أي خرق قد يحصل، ومن أبرز المفاوضين عن الجانب اليمني هما محمد عبد السلام وعارف الزوكا، ومن الجانب السعودي اليمنيين عبد المالك المخلافي واحمد بن دغر.
في مقابل الخروقات نشط الجانب السعودي وبإعلامه موجهاً التهم إلى الجانب اليمني بأنه المتسبب للخروقات الحاصلة، كما وأن الجيش اليمني رفع عدة تقارير إلى الأمم المتحدة حول الخروقات السعودية وما جاء من تحرك يمني كان بمثابة الرد على الخروقات بحسب حديث وزارة الدفاع اليمنية، أمام هذا الجو الحاصل نحاول أن نجيب عن السؤال التالي، من الذي يخرق الهدنة، السعودية أم الجيش اليمني ولمصلحة من؟
اولاً: في واقع الأمر فإن طرف هادي المفاوض لا يتمتع بأي تواجد على الساحة اليمنية سوى تأييد السعودية ورضاها ليس أكثر، وبالتالي فهو لا يمكنه أن يفرض أي حلول في الميدان، هذا من جانب، في الجانب الأخر فإن مسار العدوان بيّن وخلال تسعة أشهر من أن المسألة ليست خلافاً يمنياً، فالإلتحام بين الجيش اليمني والقوى الشعبية والأحزاب في المواجهة والتصدي للعدوان هو الذي أفشل الحملة السعودية.
إذن المفاوض في قبال الطرف اليمني لا تأثير له على الأرض وهذا ما يعني أن الإرادة لإيقاف العدوان من قبل السعودية غير متوفرة في الوقت الراهن. كما لا بد من التسليم بأمر واقع من أن العلاقة بين السعودية وأمريكا علاقة يمكن اختصارها بأن أمريكا تفرض والسعودية تنفذ، وعلى ما يبدو فإن امريكا لا تريد للعدوان أن ينتهي بإعتبار أن فائدتها في بيع السلاح وامتصاص المال السعودي الموجود في بنوكها خير محفز لدعمها استمرار العدوان. كما أنها تراهن على جبهة اليمن في تحقيق اي مصالح سياسية في مناطق اخرى .
ثانياً: المفاوضين من الجانب السعودي كهادي كانوا قبل بدء العدوان قد خسروا الشرعية التي منحهم اياها الشعب اليمني وفروا إلى الرياض، وقد جاء العدوان كعامل داعم لهم مادياً وعسكرياً، وعليه فهم لا يريدون لهذا العدوان أن يتوقف لأنهم ينظروا الى مرحلة ما بعد العدوان على انها نهايتهم، ولذلك لا رغبة لديهم كمفاوضين التوصل إلى حل إلا إذا اقتضت مصلحة من فوقهم بذلك وهو ما ليس متوفراً في الوقت الراهن.
ثالثاً: ليس من مصلحة الشعب اليمني أن يستمر الحال على ما هو عليه وهو خلال تسعة أشهر ونتيجة للعدوان تدمّر بلده، وأعداد الشهداء والجرحى تخطى الآلاف، والحركة الحياتية فيه تعطلت، والحصار المفروض عليه أوجد واقع مأساوي أشبه بالمجاعة، في المقابل فإن السعودية لا زالت تعمل على فتح جبهة حرص وتسخين جبهة الجوف، هي في رهانها على علي محسن الأحمر لا زالت مستمرة عساه يحقق لها نتيجة.
رابعاً: على الرغم من بدء عملية لتبادل الأسرى في محافظة لحج والتي لا علاقة للسعودية وهادي بها، فإن السعودية لا زالت تتحدث من خلال اعلامها ان لا ايقاف للعدوان إلى بإطلاق الأسرى. وعليه فإن بعض التحاليل قد ذهبت إلى ربط مشهد اليوم بمشهد الأسابيع الأولى من بدء العدوان حينما توجه الحديث إلى احتمالية ايقافه وتبيّن فيما بعد أنه مجرد تكتيك ما رشح عنه سوى تغير الإسم إلى عاصفة الحزم، ولهذا فليس بعيداً بعد الحديث عن تشكيل حلف عسكري بزعامة السعودية أن يدرج هذا الحلف ضمن نفس سياق التكتيك الجديد لإستمرار العدوان.
في مقابل ذلك فإن المبعوث الأممي ولد شيخ والذي صرح بعد جولات من المفاوضات غير المعلنة التي استضافتها العاصمة العمانية مسقط من أن القوى الممثلة للداخل اليمني قدمت تنازلات كبيرة في سبيل وقف العدوان على اليمن وهو ما يعد كخير دليل وشاهد على أن القوى اليمنية مطلبها ايقاف العدوان عليها، وما تحركها العسكري إلا في سبيل الدفاع عن النفس ليس إلا.