قامت السعودية وبعض أشباه الدول التي تتبع الخطى السعودية باتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وإيقاف الرحلات الجوية من و إليها، هذا بالاضافة إلى التهديد بقطع العلاقات التجارية والإقتصادية. وهذه الخطوة التي أرادت منها السعودية الظهور بمظهر الدول العظمى التي تفرض عقوبات إقتصادية وتحاصر دولا، أتت بلا شك في لحظة شعور بالعظمة من قبل الإدارة الصبيانية الجديدة من آل سعود. ولكن نسيت السعودية أمرا مهما هو أن ايران ليست جيبوتي أو السودان التين يمكن لها ومن خلال دراهم معدودة أن تغير فيها وجه الحكم وتذهب بحكام وتأتي بآخرين. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حجم العلاقات الاقتصادية بين هذه البلدان مجتمعة وإيران لا يتعدى واحد بالمئة من كل الإقتصاد الإيراني وهذا ما سنقوم بعرضه بالأرقام لتتضح صورة الواقع الذي يحاول صبيان آل سعود تجاهله.
الواقع الاقتصادي الايراني وحجم العلاقات التجارية الايرانية مع دول المقاطعة
0.19 % هذا الرقم الذي يلامس الصفر هو حجم التبادل التجاري بين إيران والسعودية من كل التبادل التجاري الإيراني مع الخارج. فهل يمكن أن يؤثر هذا الرقم أو يؤدي إلى خلل ما في اقتصاد كالإقتصاد الايراني؟
وإذا أردنا احتساب نصيب الدول الأربع التي حذت حذو السعودية في قرارها وهي البحرين و الكويت و جيبوتي والسودان إضافة إلى السعودية نفسها. فإن إحصاءات الجمارك الإيراني العام الماضي تؤكد أن حجم التبادل التجاري مع الدول المذكورة لم يتخطى 850 مليون دولار (205 مليون مع السعودية) العام الماضي أي ما يقارب 0.8 بالمئة من كل تبادلات ايران الخارجية البالغة ما يزيد عن 104 مليارات دولار.
وطبق الاحصاءات الرسمية التي يعلن عنها البنك الدولي سنويا. فان 5 بالمئة فقط من التصدير الإيراني لعام 2014 للمیلاد ذهب إلى دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها السعودية و الكويت وسلطنة عمان.
أما الامارات فالحديث مختلف، فقد امتنعت عن قطع العلاقات مع طهران واكتفت بخفض مستوى التمثيل رضوخا للضغوطات السعودية، والسبب أنها ستكون المتضرر الأكبر من هذه المسألة. حيث أن حجم التبادل التجاري مع إيران يزيد عن 20 مليار دولار سنويا. فايران تقوم بتأمين جزأ كبير من احتياجاتها من الخارج، وفي حال قطعت الأخيرة العلاقات فإيران تستطيع تأمين احتياجاتها من مصادر أخرى.
أما الواقع الإقتصادي الايراني وبعد حصار دام أكثر من ثلاثة عقود اعتاد اقتصادها على الحصار ووصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الأساسية. والأمور اليوم على أفضل ما يرام خاصة بعد الاتفاق النووي الأخير مع الدول الكبرى. ومن أبرز مؤشرات صحة الأقتصاد الايراني قوافل الحج الاقتصادي الأوروبي و الغربي للاستثمار في ايران والتي حرمت نفسها السعودية ودول أخرى منها من خلال القرار الأخير.
الواقع الأقتصادي لدول المقاطعة
إن الواقع الاقتصادي لدول مثل السودان وجيبوتي واضح للعيان، لذلك نكتفي هنا بعرض موجز عن الواقع الاقتصادي لدول مثل السعودية والبحرين والامارات. حيث تتحدث تقارير اقتصادية دولية عن ما مجموعه 200 مليار دولار عجز في خزينة هذه الدول. و للسعودية نصيب “الأسد” منها ما حدوده 100 مليار دولار. هذا بالاضافة إلى بدأ هذه الدول ببيع صكوك ديون الدول الغربية التي بحوزتها وهي تتجاوز 450 مليار دولار في محاولة لتخطي العجز في الموازنات بسبب إنخفاض أسعار النفط والكلفة العالية للحروب التي أشعلوها في المنطقة. وتواجه عملية البيع معارضة دولية واسعة بسبب الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم وليس من المؤكد إن كان هناك من سيتمكن من شراء هذه السندات من هذه الدول.
ختاما، وبعد عرض ما تقدم من معلومات و أرقام. لا بد من الاشارة إلى أن أهمية السعودية بالنسبة لإيران إن كان سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا وأمنيا ليس بمقدار يجعل إيران عاجزة ومكبلة اليدين. في المقابل فإن حاجة السعودية لإيران حاجة إستراتيجية و السبب هو التداخل في مناطق النفوذ والاشتباك. والقرار الأخير للسعودية يسمح لإيران بأن تكون في حل من التزاماتها فيما يخص النفوذ السعودي في بعض المناطق. فلطالما احترمت إيران النفوذ السعودي ولعبت الدور الإيجابي لدى حلفائها في المنطقة من أجل الحفاظ على الوجود السعودي ضمن معادلة كبرى تحكم المنطقة. لذلك من المؤكد عاجلا أم آجلا أن السعودية وأتباعها من أشباه الدول سيعودون لاهثين من أجل إعادة افتتاح سفاراتهم في طهران ولكن يبقى السؤال هل سيطول التعنت السعودي كثيرا؟ من يعلم فقد يكون سقوطهم بسبب ما أقحموا أنفسهم فيه أعجل من إعادة العلاقات مع طهران!
نقلاً عن موقع الوقت