الرئيسية / تقاريـــر / الإمارات و طرد الأجانب، الدوافع و الأسباب – الوقت

الإمارات و طرد الأجانب، الدوافع و الأسباب – الوقت

ليس الأمر بجديد ما اقدمت عليه الإمارات من طرد مئات العراقيين من على اراضيها، فسياسة الإمارات هذه أصبحت السمة والركيزة لديها، وقد سبق أن اتخذت مثل هذه الإجراءات في أكثر من مناسبة بخصوص عمال من الجنسية اللبنانية والأفغانية والسورية والفلسطينية وجنسيات كثيرة،

 

سياسة الطرد هذه يرافقها حملة اعلامية تقوم بها الإمارات ضد جملة من القضايا وبالخصوص المتعلقة بمحور المقاومة وحركات الممانعة في المنطقة، ففيما يتعلق بالشأن العراقي فقد كانت في وقت ليس ببعيد قد وصفت التشكيلات الشعبية المساندة للجيش العراقي والتي أقرها الدستور والقانون بأنها بموازاة داعش من ناحية التصنيف،

 

الجدير ذكره هنا أن وزير الخارجية الإماراتي قد صرح مؤخراً بأن بلاده مستعدة على المساومة في محاربة التنظيمات الإرهابية في العراق مقابل انهاء وجود الحشد الشعبي، في هذا المقال سنحاول وبإختصار عرض بعض الأسباب والدوافع التي تقف خلف قرار الإمارات الأخير بطرد عمال عراقيين من على اراضيها وموقف حقوق الإنسان منه.

الدوافع و الأسباب

أولاً: صحيح أن دولة الإمارات تعتبر صغيرة من حيث المساحة لكنها تكتسب الدور بإعتبارها منطلقاً أمريكيا بريطانياً لتحقيق سياساتهم في المنطقة، فهناك ثلاث قواعد عسكرية امريكية بريطانية فرنسية على الأراضي الإماراتية، وبالتالي فإن السياسة المتبعة هناك خليط لواقع الوجود الغربي فيها.

 

على الجانب الآخر فإن الإنتصارات التي حققتها التشكيلات الشعبية العراقية والجيش العراقي بوجه الجماعات الإرهابية وبالخصوص داعش دفع بهذه السياسة الإماراتية لإتخاذ اجراءات ضغط على العراق من البوابة الإقتصادية والإجتماعية، وهو ما يأتي أيضاً في سياق تصريح وزير خارجيتها استعداد بلاده المساومة في مواجهة داعش مقابل الغاء وجود الحشد الشعبي،

 

وهو دليل على شراكة الإمارات في صناعة هذه الجماعات، هذا الأمر هو نفسه ما حصل بخصوص طرد اللبنانيين فيما سبق والفلسطينيين وغيرهم، فقد جاء طرد الفلسطينيين المتواجدين على أراضيها مباشرة بعد فشل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الفلسطيني، كما والجدير ذكره أن العلاقات الإقتصادية بين الإمارات والكيان الإسرائيلي غني عن التعريف إلى التناغم على المستوى الأمني والذي كان حصيلته ليس بالبعيد اغتيال “المبحوح”.

 

ثانياً: سياسة الإمارات ومنذ بدء شن الحملة التحريضية مؤخراً في المنطقة وهي توصف على أنها الفقرة الأساس فيها، فهي انتهجت اسلوب دعم جهات بوجه جهات أخرى داخل البلدان وهي نفس السياسة الأمريكية في هذا الخصوص، فعلى سبيل المثال يمنياً نرى أن الإمارات والتي حاولت أن توجد ثقلاً كبيراً لها من خلال العدوان السعودي، انتهجت هذه السياسة بقوّة في الجنوب اليمني وبالخصوص في عدن من خلال ايجاد التفرقة وتأجيج الصراعات بين القوى الفاعلة هناك وعملت على هذه الوتيرة بين البحاح وهادي من جهة كما وداخل حزب الإصلاح من جهة أخرى.

 

 

من خلال ما تقدم فإن السياسة التي تعتمدها الإمارات في طرد الأجانب من لون طائفي واحد يراد له اشاعة التفرقة بين المكونات المجتمعيّة لأبناء البلد الواحد. ولذلك نرى في موازاة طرد الشيعة الأجانب مع اختلاف جنسياتهم، فإنها تعمل ومنذ سنوات على منح الجنسية لأجانب من الطوائف المسلمة الأخرى، بل وأنها استفادة ممن منحتهم الجنسية في ادخالهم سلك الجيش والشرطة وهي السياسة نفسها التي عمدت إليها البحرين وواجهت بها التحركات والمطالب الشعبية.

 

 

ثالثاً: هذه الإجراءات تعود خلفيتها إلى تركيبة الفئة الحاكمة والأسس القائمة عليها، فالنظام الحاكم يفتقد إلى التشريعات القانونية التي تجيز حق الإنتخاب والتمثيل والتعبير عن الرأي، والتقارير بخصوص قمع الحريات والسجناء ومعدل الفقر وإلى ما هنالك من مخالفات بحق المواطن في تزايد مستمر. تركيبة الحكم هذه هي ما تعكس الإجراءات الإماراتية بحق الأجانب على أراضيها، من خلال طردهم أو حتى استعباد وتنكيل وعنصرية ممنهجة ومقنّعة بالنصوص القانونية بحق من لا يزالوا عاملين على أراضيها.

 

موقف حقوق الإنسان

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر في ديسمبر 1948 على حرية الإقامة كحق من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب كفالتها وحمايتها، فقد نصت المادة 12 من هذا الإعلان على أنه يحق لكل فرد أن يغادر أي بلد لما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه ومن ذلك،

 

ولا يحق للدولة المستفيضة طرد من عليها دون وجود مبررات قانونية، كما أن انتهاء مهلة الإقامة لا يعتبر أمراص مشروعاً لطرد المقيم كما وأنه ليس لسلطات الدولة أن تجبر الأجنبي على البقاء في إقليمها أو احتجازه إلا لأسباب قانونية محل محاكمته لارتكابه جريمة خلال إقامته على إقليم الدولة أو لدفع بعض الحقوق المادية المستحقة عليه لدولة مثل الضرائب أو الرسوم أو للأفراد مثل الديون والقروض.

 

في هذا السياق فإن من شملهم الإجراءات الإماراتية حتى الآن سواء العراقيين مؤخراً أو من سبقهم هم ممن يتمتعون بسيرة حسنة ولم يكتب لهم أن أقدموا على أدنى مخالفة، حتى أن البعض منهم ممن يقطن الإمارات منذ عشرات السنين وهذا بحد ذاته دليل واضح على مسلكهم وسمعتهم الحسنة.