الرئيسية / تقاريـــر / عندما ترسل وزارة الشؤون الدينية «استجوابا» لإمام خطيب انتقد شبكات تس – مؤمن14

عندما ترسل وزارة الشؤون الدينية «استجوابا» لإمام خطيب انتقد شبكات تس – مؤمن14

في سابقة خطيرة من نوعها قامت بها وزارة الشؤون الدينية مؤخّرا، أرسلت استجوابا للإمام الخطيب علي غربال بسبب ما جاء في الخطبة التي ألقاها يوم عيد الفطر بجامع النصر، وكان قد حذّر فيها شبابنا من مغبّة الوقوع بين مخالب شبكات «الموت والدمار» التي تسعى إلى الزجّ بهم داخل المحرقة السورية بدعوى الجهاد المزيّف والكاذب..

 

ويبدو أنّ ما جاء في خطبة الإمام غربال لم يرق كثيرا لوزارة الشؤون الدينية فسارعت مباشرة إثر إنهاء الخطبة بإرسال ذلك الاستجواب، الذي أطاح بكل الشعارات والعبارات الفضفاضة وأخلف بجميع الوعود والعهود المتعلّقة بقرب السيطرة على المساجد واسترجاعها من أيادي الأئمة التكفيريين والمتشدّدين..

 

ففي وقت وجبت فيه معاضدة الجهود لشنّ حرب كاملة وشاملة ضدّ كل العصابات التي نخرت عقول شبابنا المغرر بهم وكشفهم بالأسماء والألقاب، بتنا نرى وزارتنا تسارع إلى «مهاجمة» من يحاربون التكفير والعدم والخراب عوض مكافأتهم وتكريمهم ومؤازرتهم..
ونظرا لخطورة هذه المسألة بادرت أخبار الجمهورية بالاتصال بالإمام علي غربال الذي استنكر ما قامت به وزارة الشؤون الدينية في حقه وهي التي لم تزعجها عشرات الخطب الوهابية التي حرم فيها خطباء «قرن الشيطان» كما جاء بقوله وزيارة المقابر يوم العيد والتي بث فيها هؤلاء الخطباء سمومهم العقائدية والعملية وفق تعبيره، مؤكدا انّ ما قاله هو كلمة حق أدلى بها حين سكت الكثيرون..
كما خصّنا الإمام علي غربال بنسخ حصرية ممّا جاء في خطبته المذكورة ، ونص الاستجواب الذي أرسلته إليه وزارة الشؤون الدينية وما جاء أيضا في المراسلة الكتابية التي أجاب فيها الوزارة ….

مقتطفات من نص خطبة يوم العيد …

 
« «العقل يا أحبابنا جوهر لطيف وجوهرة ثمينة حاطها العقلاء بالعناية والرعاية شكرا منهم للمنعم على هذه النعمة العظيمة. لكن للأسف الشديد يوجد في مجتمعنا من داس على هذه الجوهرة، ووضعها تحت قدميه، فخربها وعطلها، وذلك بشرب الخمر وتعاطي المخدرات، فالاعتداء على العقل بتخريبه وإطفاء نوره بتعاطي المخدرات جريمة من أبشع الجرائم».

 
وأضاف «إنها مصيبة عظمى ورزية كبرى حلت بمجتمعنا ونحن منشغلون عما يراد بنا، والسياسيون في بلادنا منشغلون عن قضاياهم الكبرى، عن قضايا الأمة الخطيرة..
…وإذا كان هؤلاء الشباب قد أوقعهم رفقاء السوء وشياطين الإنس في وحل المخدرات، فإن طائفة أخرى من شباب أمتنا، ومن شباب وطننا العزيز لا تقل مأساتهم عن هؤلاء، نصبت لهم الفخاخ والمصائد، واستدرجهم سماسرة الحروب وسماسرة الدماء، فوجدوا أنفسهم فتيلا في حروب وفي فتن وفي محارق خارج حدود الوطن، لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لا يدرون لماذا قامت وبين من ومن قامت، ومن ذلك قتال الفتنة الواقع في بلاد الشام وغيرها من مواطن القتال والفتن.

 
لقد استغل هؤلاء السماسرة العاطفة الجياشة لدى هؤلاء الفتية، فزجوا بهم في طواحين هذه الفتنة، وفي طواحين هذه الحرب، هذه الفتنة التي لا تبقي ولا تذر، لم يرحموا لين عودهم ولا غضاضة أعمارهم ولا دموع أمهاتهم، كل ذلك باسم الجهاد، حتى إذا وطئت أقدامهم أرض القتال لم يجدوا جهادا، وإنما وجدوا ساحة لتصفية الحسابات بين أمراء الحروب والدماء، وجدوا فتنة عمياء ومذبحة وحشية لها أول ولا يعلم لها آخر، يذبح فيها التونسي التونسي، هذا من داعش وذاك من النصرة وهذا من الجيش الحر والآخر من القاعدة والآخر من أحرار الشام، يكفر بعضهم بعضا ويذبح بعضهم بعضا من الوريد إلى الوريد».

 
وتابع قائلا: «الأدهى والأمر، أن من أفتى لهم، ومن سهل لهم الخروج، ومن باعهم، ومن مول تسفيرهم، ومن تواطأ بالمساعدة أو بالسكوت، لا يزالون يعيشون بيننا في بلادنا ينعمون بالعيش الهنيء وبالفراش الوفير والزوجة والأهل والأولاد والقصور والسيارات الفاخرة وبالكوكا واللحم المشوي، بعد أن شووا أكباد الآلاف من الأمهات والآباء.

 
أحد أبرز منظريهم ممن أفتى لهم وقتها بوجوب السفر للجهاد في سوريا، أفتى بذلك صراحة على القنوات التلفزية تحصل بعد ذلك على دكتوراه من جامعة الزيتونة، تحت إشراف وزير سابق في الدولة التونسية، وهو اليوم يدرس في جامعة الزيتونة،ويؤطر الطلبة في جامعة الزيتونة، ويخطب في أحد مساجد العاصمة بقرار من الدولة التونسية، ويدير العديد من الجمعيات والمدارس الخاصة وحتى رياض الأطفال المرخص لها من الدولة التونسية، والدولة مستهينة بهذا الأمر، والدولة مقصرة في هذا الأمر، والدولة ليست لها مقاربة شاملة في مقاومة الإرهاب كما تدعي، للأسف»
وفي ذات السياق وافانا محدّثنا الشيخ علي غربال بنسخة من نص الاستجواب الذي أرسلته وزارة الشؤون الدينية مباشرة اثر إلقائه الخطبة المذكورة، وساءلته خلاله عن أسباب تجاوزه الواجب المطلوب وتبريره وهو ما بيّنه المعني بالأمر في مراسلة كتابية فصّل وفسّر فيها معاني خطبته ومقاصدها..

 
وفي ما يلي ما جاء في نص الاستجواب ونص الإجابة…

– نص الاستجواب:

«وبعد، حيث أنك تعمدت خلال خطبة العيد ليوم الأربعاء 06 جويلية 2016 الإشارة إلى بعض الأشخاص ونعتهم بالتقصير في مقاومة الإرهاب واعتبارك أن الدولة ليس لها مقاربة شاملة في مقاومة الإرهاب، مما أثار ردود فعل لدى المصلين بما من شأنه أن يعكر السير العادي لعمل الجامع.
المرغوب منكم الإجابة عن سبب تجاوزك حدود الواجب المطلوب وتبرير هذه التصرفات؟
عن وزير الشؤون الدينية وبتفويض منه
مدير الشؤون الإدارية والقانونية»

 

 

نص الإجابة:

في نص الإجابة التي أرسلها الإمام إلى وزارة الشؤون الدينية، أكّد علي غربال بأنّ الخطبة التي ألقاها كانت شاملة وعامة كما يقتضي مقام خطبة العيد التي ينبغي أن تشرح شعائر الإسلام ومغازيه ومعانيه..
كما ذكر انه تطرّق بعد المقدمة وأبيات في تمجيد الله ومدح إلى أن العيد مناسبة يظهر فيها المسلمون الفرح والسرور على ما وفقهم الله إليه من الصيام والقيام والطاعات، مبيّنا أن لقبول الأعمال الصالحة علامات منها المداومة عليها وعدم الرجوع إلى المعصية بعدها…

 
وفي ذات المراسلة الكتابية ذكّر الشيخ بكل ما ألقاه في الخطبة متطرّقا إلى تنديده بأفعال من سماهم بـ«سماسرة الحروب وسماسرة الدماء» من الذين نصبوا لشبابنا المغرر بهم الفخاخ والمصائد لاستدراجهم والزّجّ بهم في حروب وفي فتن وفي محارق خارج حدود الوطن، نافيا أن يكون قد ذكر أي شخص بالاسم كما ادعى نص الاستجواب..
وبخصوص توجيهه اللوم للدولة على تقصيرها في مقاومة الإرهاب كما جاء على لسانه في نص الخطبة المذكورة، اعتبر الشيخ في جوابه أن الدولة بالنسبة له هي بمثابة «شخص معنوي بقطع النظر عن الأشخاص والأحزاب والحكومات».

 

 

وبيّن أن ما قاله في الخطبة من أن الدولة ليس لها مقاربة شاملة هو لفت نظر لتلك «الثغرات العظيمة التي إذا استمرت تساهم في مزيد تغلغل الفكر الوهابي المتطرف في بلادنا»، واعتبر انه «حتى لو صار لداعش دولة كما تشتهي في أي بقعة من بقاع الأرض، سيكتبون في كنب التاريخ أن مشايخ الزيتونة في سنة 2013 أفتوا بوجوب الجهاد في صفوف الدولة الإسلامية» على حد تعبيره.

 

التبرّؤ من الفكر الجهادي التكفيري البغيض

وفي نهاية مراسلته أشار الشيخ غربال إلى أنّ تطرقه لموضوع الجهاد «المزيّف» في خطبته كان الغاية منه «التبرّؤ من ذلك الفكر التكفيري البغيض، بعد أن طفا اسم جامع حي النصر الذي يخطب فيه إلى سطح الأحداث منذ أيام في قضية الإرهابي أنور بيوض، وصارت وسائل الإعلام تشير إلى أن الجامع بؤرة لهذا الفكر».
وشدّد على انّ ضميره مرتاح تمام الارتياح، ولم يندم على أي كلمة قالها، ولو أن بعض أصحاب هذا الفكر الذين لم يستسيغوا بعد أن يخرج الجامع من قبضتهم سيواصلون حبك المكائد وفق تعبيره..

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...