الرئيسية / من / الشعر والادب / قواعد التعبير العربي.. قواعد الكتابة – كيف نكتب؟

قواعد التعبير العربي.. قواعد الكتابة – كيف نكتب؟

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1)  عناصر الكتابة ومهاراتها

 

 

أهداف الدرس

على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:

1- يعرفة عناصر الكتابة والضوابط العامّة لها.

2- يشرح مقوّمات الكتابة والأوقات المناسبة لأدائها، ومصادر تحصيل الثقافة.

3- يتدرّب على مراعاة عناصر الكاتبة وضوابطها ومقوّماتها في عمليّة الكتابة.

عناصر الكتابة

تتكوّن الكتابة من عناصرَ أساسيّة، هي: الكلمة، والجملة، والفقرة.

وينبغي في كلّ عنصر من عناصر الكتابة مراعاة مجموعة من الأصول، نحاول – فيما يأتي – عرضها بنحوٍ موجز.

 

أ- الكلمة:

الكلمة هي الوحدة الصُغرى من وحدات الكلام، أو هي العنصر الأساس في تكوين النصّ المكتوب والمنطوق على حدٍّ سواء، وهناك أصول ينبغي أن يراعيها الكاتب عند اختياره للكلمات التي يصوغ منها جمله وفقراته، وهي:

– معرفة المترادف والمشترك والمتضادّ من الكلمات، والحرص على أن يكون اختيار الكلمة مناسباً للمعنى المقصود من دون لَبْس أو غموض. وتوضيح ذلك ببيان الآتي:

  • الترادف: هو الدلالة على المعنى الواحد بألفاظ مختلفة قابلة للتبادل فيما بينها، مثل: السيف، والمهنّد، والصارم، والبتّار، والحسام، وكلّها أسماء للسيف.

  • المشترك: هو أن يؤدّي اللفظُ الواحد معنيين أو معاني مختلفة، مثل: (العين) تُطلق على عين الماء النابعة، وحاسّة البصر، والجاسوس، والشيء نفسه.

  • التضادّ: ويُراد به تسمية المتضادين باسم واحد، مثل: (الجون) للأبيض والأسود، و(الجَلَل) للعظيم والصغير، و(الصارخ) للمستغيث والمُسْتغاث به، و(المولى) للسيّد والعبد. وألفاظ التضادّ قليلة، وغير شائعة.

– إدراك الدلالات المختلفة للكلمات، واختلاف مرادها من عصر إلى عصر آخر، ومن بيئة إلى بيئة أخرى، مثل: كلمة (الحاجب)، فقد كانت تُطلَق قديماً على حاجب الخليفة وهو ما يساوي الآن رئيس الوزراء أو رئيس الديوان الملكيّ، وأصبح في عصرنا يطلق على حاجب المحكمة… ولذا، كان لا بدّ للكاتب من معرفة معنى الكلمة والعبارة، قديماً وحديثاً، واختلاف مدلولها من بيئة إلى أخرى.

– التمييز بين الكلمات الجيّدة والرديئة عند اختيار الكلمات، فعلى الكاتب أن يُحْسِن اختيار اللفظ المناسب للمعنى والمقام، فلكلّ مقامٍ مقال.

– إدراك الفرق بين المعرفة والنكرة، والاسم والصفة، في أداء المعاني المرادة.

– معرفة شروط الفصاحة المتمثّلة في الكلمة، من بُعْدٍ عن الغرابة والتعقيد، وتنافر الحروف، ومناسبة الألفاظ للمعاني، وتصنّع المحسّنات البديعيّة، اللفظيّة والمعنويّة.

وتتمّ معرفة كلّ هذه الأصول الخاصّة بالكلمة من خلال دراسة علم البلاغة والنقد.

 

ب- الجملة:

وهي ما تكوّنت من مُسند ومُسند إليه، وقدّمت معنى كاملاً مفيداً، وبعبارة موجزة: هي “مركّب إسناديٌّ أفاد فائدة تامّة”، وهناك أصول ينبغي مراعاتها من الكاتب عند اختياره للجملة في الكتابة، أبرزها:

– مراعاة الالتزام بقواعد اللغة، والتقيّد بها، وعدم الخروج عنها، إلا وفق رؤية محدّدة، لها ما يبرّرها من أغراض بلاغيّة، مع الالتزام بقواعد الإعراب للكلمة داخل الجملة.

– موافقة الجملة للسياق، طولاً وقصراً، وتشكيلاً، أو تنظيماً، وارتباطها بما قبلها وما بعدها، من حيث كونها سبباً أو تعليلاً أو نتيجة. ويُفضّل استخدام الجمل القصيرة في البناء، ما لم تدعُ الضرورة إلى استخدام الجمل الطويلة، وبخاصّة في الموضوعات العلميّة التي تحتاج إلى إطالة في التوضيح والتعليل.

– التقليل من استخدام أدوات الربط، إلا للضرورة، واستخدامها في مكانها الصحيح، مع مراعاة دقّة المعنى.

– الابتعاد عن العامّيّة في استخدام الجمل، لأنّ التدنّي في استخدام الجمل يضعِّف اللغة. وكذلك ينبغي الابتعاد عن الجمل التي تحتاج إلى توضيح بالإشارات الحسّيّة، فهذه تناسب الحديث الشفويّ، ولا تناسب الكتابة.

– معرفة شروط الفصاحة والبلاغة التي ذكرها البلاغيّون للجملة، من بُعْدٍ عن الغرابة، والتعقيد، وتنافر الكلمات، وغيرها، ممّا يمكن الرجوع إليه في كتب البلاغة والنقد.

 

ج- الفِقْرة:

هي جمل مترابطة تدور حول فكرة واحدة، وتعالجها، تفصيلاً وتطويراً. ويُراعى في اختيار الفقرة عند الكتابة الآتي:

– تناسق الفقرة وانسجامها مع الفكرة التي تعالجها، والانضباط داخل سياق محدّد، بعيداً عن التشعّب والاستطراد الذي يبعد الإنسان عن المعنى الأصليّ، فيؤدّي إلى ضياع الفكرة وغموضها، فالجمل التي لا تتّفق مع السياق يجب إبعادها، لأنّها تهدّد وحدة الفقرة، وتُعدها عن هدفها الأصليّ.

– أن يكون الهدف من توالي الجمل في الفِقَر، هو تطوير الفكرة وتنميتها أو التأكيد عليها، وليست مجرّد تراكم إنشائيّ.

– أن تكون الفقرة مترابطة، وغير مفكّكة، لفظاً ومعنىً.

– التناسق الزمانيّ، والمكانيّ، والسببيّ، والتعليليّ، والمعنويّ، داخل الفقرة، وهذا يتّضح في الانتقال من القديم إلى الجديد، ومن السؤال إلى الجواب، ومن المقدّمة إلى النتيجة…، ويظهر ذلك بوضوح في كتابة القصص والروايات والأحداث.

– تنظيم حركة الضمائر، وفقاً للسياق النحويّ والمعنويّ.

 

الضوابط العامّة للكتابة

ينبغي على الكاتب مراعاة مجموعة من الضوابط العامّة في عمليّة الكتابة، أبرزها الآتية:

أ- الوضوح والتجديد والسلاسة في الأفكار التي يريد الكاتب إيصالها إلى القارئ، بالإضافة إلى ترابط الأفكار، وتسلسلها، وتماسك العبارة.

ب- عدم تكرار الكلمات أو الجمل بصورة متقاربة، والبعد عن اللغة العامّيّة.

ج- خلوّ الكتابة من الأخطاء النحويّة، والصرفيّة، والإملائيّة. بالإضافة إلى وضوح الخطّ، واستخدام علامات الترقيم التي تخدم المعنى، مثل: علامات الاستفهام، والتعجّب، والتنصيص، والأقواس.

د- التناسق في الكلمات، فلا تميل الخطوط إلى أعلى أو إلى أسفل، ولا تختلف الحروف أو الكلمات من ناحية الحجم.

هـ- الجلسة الصحيحة أثناء الكتابة، وإمساك القلم بطريقة سليمة، فالجلسة غير المريحة تُضعِف تركيز الكاتب في الفكرة، وكذلك الإمساك بالقلم، فقد يجعل الخطّ مشوّهاً.

تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّ الكتابة ينبغي أن تصدر عن دوافع شخصيّة صادقة، فما خرج من القلب يصل إلى القلب.

 

المقوّمات العامّة للكتابة

أ- التمكّن من أدوات الكتابة الأساسيّة، وهي: اللغة بعلومها المختلفة، من نحوٍ، وصرفٍ، وبلاغةٍ، وفقهٍ لغةٍ، وكتبِ الأدب، من الشعر والنثر، فهي ضروريّة في صياغة المعاني، والأفكار، والألفاظ، وبدونها لا تستقيم الكتابة ولا تتحسّن.

ب- ولا شكّ أنّ أهمّ قاعدة يمكن أن تُبنى عليها القراءة الواعية، هي: قراءة كتاب الله المجيد، وقراءة التفاسير المعتلّقة به، وقراءة الحديث النبويّ، فهما يمدّان الكاتب بثروة لغويّة وفكريّة وبلاغيّة لا ينقطع مددها، ولا يَنْضب معينها.

ج- الإلمام بالثقافة العصريّة الجيّدة: والمراد منها هو هضم ما فيها من معلومات وفهمها، والتأثّر بها، والإفادة منها. ومصادر الثقافة متعدّدة ومختلفة، منها: ما يَرِد في الكتب، والموسوعات، والصحف، والمجّلات، والدوريّات… والأشرطة المسجّلة للمواد المختلفة. وهذه المصادر تحتاج إلى بصيرة واعية، لاختيار المعلومات النافعة، والابتعاد عن الأفكار الهدّامة.

د- فهم الموضوع الذي يُراد الكتابة فيه: إنّ الكتابة ليست صياغةً إنشائيّة فقط، بل

هي معانٍ واضحة ومرتّبة، ومعلومات محقّقة يستمدّ منها الكاتب عناصره الأساسيّة في الكتابة، من أجل ذلك لا بدّ للكاتب من الاطّلاع على كافّة جوانب الموضوع، من المصادر الأساسية والمراجع، والتزام الأمانة في النقل، وذِكْر المصادر والمراجع التي يستقي منها معلوماته، وصياغة الأفكار المنقولة بأسلوبه، كي تبرز شخصيّته الذاتيّة، لأنّ إعادة الصياغة تضفي على الفكر رونقاً خاصّاً، وتضيف إليه ظلالاً جديدة.

تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّه ينبغي على الكاتب التدرّب على استخدام الأساليب الأدبيّة الرفيعة، فعلى الكاتب الإكثار من القراءة الواعية للكتب الأدبيّة المشهورة، ومطالعة النصوص النثريّة والشعريّة الراقية، لكي يتمكّن من استخدام الأساليب الأدبيّة ذات المستوى الجيّد.

 

مصادر الثقافة

أ- القرآن الكريم وتفاسيره.

ب- كتب الحديث الشريف الصحيحة وشروحه.

ج- كتب الثقافة الإسلاميّة المختلفة، القديمة والحديثة، مع مراعاة الجيّد منها من الرديء.

د- الشعر العربيّ، قديمه وحديثه، والرجوع إلى أمّهات الكتب والدواوين.

هـ- بعض المؤلّفات القديمة التي تناولت مجالات مختلفة، مثل: البيان والتبيين، والبخلاء، والكامل.

و- بعض المؤلّفات الحديثة، مثل: العبرات والنظرات، والقصص ذات المستوى الرفيع، والحذر من الرديء منها.

ز- الصحف والمجلّات، والدوريات العلميّة، فكلّها تحوي ثقافة ومعلومات متجدّدة.

 

أوقات الكتابة

إنّ اختيارَ الوقت المناسب للكتابة أمرٌ بالغ الأهمّيّة، فليس هناك وقتٌ محدّد للكتابة يلتزم به كلّ كاتب، ولكنّ اختيارَ الوقت يخضع لإحساس الكاتب، حسب شعوره بالراحة الجسديّة والنفسيّة والفكريّة، ورغبته في الكتابة.

وإنْ كان هناك شُبْه اتّفاق على أنّ أنسب الأوقات، هو بعد صلاة الفجر، لمن اعتاد النوم مبكِّراً. وهناك بعض الكتّاب يختارون مواعيد أخرى، فمنهم من يكتب في جوف الليل، ومنهم من يكتب قبل النوم.

وبعضهم يرى أنّه لا بدّ من مرور اثنتي عشرة ساعة بعد الفراغ من كتابة المسوّدة الأولى، ومحاولة الكتابة مرّة ثانية.

وفي ذِكْر أنسب الأوقات للكتابة، أقوال عديدة، لكنّ هذا يصدق على الكتابة الإبداعيّة، وأمّا الكتابة الوظيفيّة، فلا يمكن التحكّم في وقتها، لأنّها عملٌ وظيفيّ تمليه الظروف في أيّ وقت من الأوقات، فهي لا تحتاج إلى استثارة للقرائح، ولا تحريض لملكة الكتابة، لأنّها تسير وفق قواعد محدّدة، وأصول معروفة.

وهناك توجيهات بخصوص وقت الكتابة وغيره من ضوابط الكتابة، تتمثّل في:

أ- ضرورة اختيار وقت الكتابة في ساعة النشاط، وهدوء البال، باختيار الأوقات الهادئة والبعد عن الضوضاء.

ب- البعد عن التكلّف في استخدام الألفاظ والأفكار، وكذلك عن التعقيد في أداء المعاني، لأنّ ذلك يؤدّي إلى صعوبة الفهم.

ج- اختيار العبارة الجيّدة، واللفظ الجميل البسيط، والمناسب للمقام.

د- التوسّط والاعتدال في استخدام الأسلوب السهل الممتع.

هـ- الحذر من الكتابة أثناء حالة الإرهاق، أو في الضوء الخافت، أو في جلسة غير مريحة، فهي تؤثّر سلبيّاً على الكتابة.

الأفكار الرئيسة

1- تتكوّن الكتابة من عناصر أساسيّة، هي: الكلمة، والجملة، والفِقْرة. وتشكّل هذه العناصر أسلوب الكاتب.

2- ينبغي على الكاتب مراعاة مجموعة من الضوابط العامّة في عمليّة الكتابة، أبرزها الآتي:

3- الوضوح والتجديد والسلاسة في الأفكار/ عدم التكرار/ خلوّ الكتابة من الأخطاء/ التناسق في الكلمات/ الجلسة الصحيحة أثناء الكتابة/ صدور الكتابة عن دوافع شخصيّة صادقة…

4- من مقوّمات العامّة للكتابة: التمكّن من أدوات الكتابة الأساسيّة/ التدرّب على استخدام الأساليب الأدبيّة الرفيعة/ الإلمام بالثقافة العصريّة الجيّدة/ فهم الموضوع الذي يُراد الكتابة فيه…

5- من مصادر الثقافة: القرآن الكريم، وتفسيره/ كتب السنّة النبويّة الصحيحة، وشروحها/ كتب الثقافة الإسلاميّة المختلفة/ قراءة الشعر العربيّ/ قراءة بعض المؤلّفات القديمة والحديثة/ قراءة الصحف والمجلّات، والدوريات العلميّة…

6- يخضع اختيار وقت الكتابة لإحساس الكاتب، حسب شعوره بالراحة الجسديّة والنفسيّة والفكريّة، ورغبته في الكتابة، وإنْ كان هناك شِبْه اتّفاق على أنّ أنسب الأوقات، هو بعد صلاة الفجر…

 

 

فكّر وأجب

1- عدّد عناصر أسلوب الكاتب، وتحّدث عنها باختصار؟

2- اذكر أبرز الضوابط العامّة المرعيّة في عمليّة الكتابة؟

3- تكلّم على أبرز المقوّمات العامّة للكتابة؟

مطالعة

 

من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (2)

 

اجعلوا من النقاط المتألّقة مواضيع للأعمال الفنّيّة

ينبغي أن تُجعل قضايا الثورة المختلفة والحائزة على أهمّيّة كبيرة موضوعات لأعمالنا الفنّيّة. أحياناً يرى الإنسان أنّ كاتب القصّة، أو كاتب المسرحيّة، أو صانع الفيلم اليوم، عوض أن يلتفت إلى مسائل الثورة الأساسيّة ويخرجها بقالب فنّي، تراه يقتفي المسائل الثانويّة أو المضرّة أحياناً، الّتي لا ينبغي أن تُطرَح من الأساس. فملاحظة عيوب الثورة وأوجاعها، وتكبيرها وتظهيرها، وصبغها بالطابع القصصيّ وعرضها، لا يقدّم أيّ خدمة للثورة.

إنّ نقاط قوّة الثورة وتألّقها أكثر من نقاط الضعف والنقص والحرمان. لا يمكنكم أن تجدوا أيّ ثورة خالية من المتاعب والآلام والمشقّات، فحالات التحوّل لا تخلو من هذه الأمور.

ينبغي للروح الفنّيّة الموجودة اليوم، سواء أكانت شعراً، أم فيلماً، أم مسرحيّةً، أن تعثر على أدقّ المسائل الممكنة في هذه الثورة، وأكثرها إنسانيّة، وسموّاً ورقيّاً، وتخرجها إلى حيّز عملٍ منظّم، وهذا ممكن تماماً[1].

[1] من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في الذكرى السابعة لتأسيس منظّمة الإعلام الإسلاميّ، بتاريخ: 22/6/1988م.

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...